السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تكنولوجيا لا تفسد الأوزون

تكنولوجيا لا تفسد الأوزون
20 يوليو 2016 20:59
نادية اليوبي كانت البراجيل تمثل معلماً معمارياً مميزاً لمساكن الإمارات، حيث كان من الضروري أن يوجد في المسكن هوائي واحد على الأقل وربما يزداد عددها إلى اثنين أو أكثر حسب سعة المنزل والقدرة المالية لأصحابه. ويوجد معظمها في دبي والشارقة، وخصوصا في منطقة الفهيدي في دبي وسوق المجرة في الشارقة. ومعظمها أقيم بشكل مكثف في عام 1930م. وتعد البراجيل تحدياً للطبيعة وقسوتها ومثل هذا التوجه يعبر عن استعداد فطري كرس الإنسان من خلاله مجموعة من القيم على رأسها قيمة العمل والمثابرة والتحفيز للأفضل، وصولا إلى الزمن الحاضر الذي أنجزت فيه الحضارة كثيرا من ملامح التمدن والتطور العمراني الذي نعيشه اليوم. ولقد ترجمت البراجيل قدرة الإنسان في منطقة الخليج على التكيف في ظل مناخ قاس شديد الحرارة ومرتفع الرطوبة. وتجمع المصادر التاريخية على أن البراجيل موجوده منذ العهد العباسي، أما قصتها في الخليج، فتبدأ من منطقة اسمها لنجا التي يسكنها عرب على الضفة الأخرى من هذا الخليج مقابل الشارقة، وهم أول من صمموا الأبراج ونشروها في الكويت والبحرين والسعودية وسلطنة عمان، وما زالت الذاكرة الشعبية تتداول حكاية الرجل الشارقي (من الشارقة) الذي طلب إحدى الفتيات للزواج فترددت في الموافقة وعندها عرض عليها (عرضة المشهور) وهو أن يبني لها بيتا كبيرا وعلية بارجيل، فما كان منها إلا أن وافقت في الحال. لم يكن في مقدور كل الناس أن يبنوا البراجيل الجصية، حيث كانت مقتصرة على بيوت الوجهاء والأثرياء والتجار، نظرا لكلفتها المادية، لذلك جرى البحث عن أنماط اخرى من البراجيل الأقل كلفة، وهكذا ظهرت البراجيل المؤقتة التي تقام صيفا فقط، مثل «اليواني» المصنوع من الأكياس والأقمشة والحصر وغير ذلك، نظرا إلى قلة تكلفتها وسهولة صنعها. كانت هذه البراجيل المؤقتة تنصب عادة فوق «العرشان» اي العشش المبنية من سعف النخيل، وكانت هذه البراجيل عبارة عن أربعة أعمدة أو مربعات، وكلما كانت مرتفعة كان ذلك أفضل، وتحاط من الداخل والخارج بالأكياس أو «الطربال»، إضافة إلى تشبيك سعف النخيل وإحاطته بالحصر والسجاد، ويتم تثبيتها بأوتاد من مختلف الأطراف لكي تتماسك في وجه التيارات الهوائية، كما يصنع لها أسقف من «الدعون» أي السعف كمظلات واقية من أشعة الشمس الحارقة. والبراجيل كانت تحتوي على نقوش وزخارف جبسية، و على الرغم من اختلاف أشكالها إلا أن عملها واحد وهو جلب الهواء، كما أن هناك بيوتاً بها أكثر من بارجيل تبعاً للمركز الاجتماعي للعائلات أو مستوى ثراء الأسرة. وبسبب إيقاع الحياة السريع بدأ الناس في استخدام المكيفات الصناعية التي تعطي أثراً أكبر في زمن أقل. وعادة تكون البيوت التي تطل على الخور هي بيوت الشيوخ والتجار والأثرياء، وقد صممت البيوت لتستقبل الهواء من أربع جهات، فعلى الرغم من أن الرياح المعروفة هي الرياح الشمالية الغربية، لكن البراجيل صممت لتكون مفتوحة من كل الجهات للتخفيف من حدة الحر. وتكون تلك البيوت كبيرة تضم العائلات الممتدة، وتكون مبنية من طابق واحد أو طابقين من الحجر المرجاني الذي يؤتى به من البحر والحجر الصدفي الذي يستخرج من الخور، ويكون أقوى ويمنع تسريب المياه والرطوبة، ويستخدم في أساسات البيوت وفي بناء القلاع، كما تستخدم مادة الجص في البناء، وهي تستخرج من الأحجار الجصية التي تكون عبارة عن كبريتات الكالسيوم المائية. حيث تحرق وتفتت وتستخدم في البناء، أما السقوف فكانت تبنى من جذوع النخيل ثم دخل خشب الكندل الذي يستورد من الهند ولا يتجاوز طوله أربعة أمتار، لذا نجد مساحات الغرف عندنا لا تتجاوز الأربعة أمتار طولاً وعرضاً، وبعد البيوت المواجهة للخور تأتي البيوت الطينية الصغيرة أو العرشان التي استخدمت فيها براجيل «اليواني» وهي مؤقتة وتكون مصنوعة من سعف النخيل ويكون الهيكل من الكندل والقواعد من الخيش، وهي تركب في فصل الصيف وترفع في الشتاء لعدم وجود الحاجة إليها. إنها تكنولوجيا الأجداد عبر الزمن لنصل الآن إلى مزايا التقنية الحديثة ولكن الفرق أن البراجيل لم تؤثر على البيئة لأنها تكنولوجيا صحية وبسيطة أما أجهزة التكييف فواحدة من من المؤثرات الكبيرة على طبقة الأوزون التي تحمي الأرض.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©