داخل صالون صغير وسط مخيم للنازحين في هايتي، تلف جولي كولين برفق بكرات الشعر المخصصة لزبوناتها في وشاح لحمايتها من سحابة الغبار السميك الذي يكتنف الجو. لقد مضت نحو خمسة أشهر منذ أن فقدت مصففة الشعر البالغة من العمر 26 عاما منزلها وصالون التجميل الذي كانت تملكه، جراء الزلزال الذي ضرب البلاد في 12 يناير الماضي، وأوقع مئات الآلاف من القتلى ودمر العاصمة بور أو برنس.
وتتصاعد مشاعر الإحباط لدى الهايتيين والمانحين الدوليين لدى رؤية التقدم البطيء في أعمال إعادة البناء، والأنقاض المبعثرة في الشوارع، وملايين المشردين الذين يحاولون جاهدين البقاء على قيد الحياة في 1300 خيمة. لكن جولي كولين مصممة على استئناف حياتها. فقد أعادت إطلاق صالونها في المخيم الذي تقيم فيه، على أرض كانت ملعب جولف في بيتون فيل بضواحي بور أو برينس. وإن كان بعيدا كل البعد عن صالونها العصري السابق.
وتتحسر جولي على صالونها القديم “كان أنيقا جدا”، فيما صالونها اليوم يقع على أرض مغبرة فيصبح الممر المنحدر المفضي إلى عتبة الباب فيها خندقا موحلا مع هطول أولى قطرات المطر. وتقول جولي “لم تكن الأمور على هذا النحو. كنت أملك كل المستلزمات في صالوني. يمكنني العمل هنا لكن تنقصني أشياء كثيرة، مثل مجففات الشعر. وأفتقر إلى التيار الكهربائي أيضا”. وكل الخدمات بنصف سعرها الآن، فجولي تعرف جيدا أن الجميع يفتقرون إلى المال.
ويكلف طلاء الأظافر وتقليمها أقل من ثلاثة دولارات، وغسل الشعر وتصفيفه يكلفان 10 دولارات، فضلا عن خصل الشعر المستعار التي تكلف 4,20 دولارات.
والزبونات الجديدات والقديمات متحمسات جدا لهذه الرفاهية.
ووفقا لجولي، فإن ثلاثا من زبوناتها الأكثر وفاء لها يركبن ثلاث حافلات متتالية للوصول إليها. أما عدد من الزبونات الأخريات، فيعشن في المخيم، على غرار كاتيانا موجاسين. ويأتين كل أسبوع إلى الصالون.
وتبدي كتيانا موجاسين عدم ارتياحها من هذا الواقع لأنها “غير معتادة على العيش هكذا. كلنا مصدومون بسبب الزلزال”. ثم ما تلبث أن ترسم على وجهها ابتسامة خاطفة وتبدأ بالضحك قائلة إن المجيء إلى هذا الصالون يذكرها بحياتها السابقة. وتقول فرح، شقيقة جولي التي تساعد أختها أحيانا “إنها شجاعة لأنها تدير صالونها بالموارد الضئيلة التي تملكها الآن”.
عدد اليوم
