الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبدالله الغذامي: الحداثة سقطت لأنها لم تنجز وعودها للإنسانية

عبدالله الغذامي: الحداثة سقطت لأنها لم تنجز وعودها للإنسانية
13 أكتوبر 2009 02:07
أكد المفكر والناقد السعودي الدكتور عبدالله الغذامي أن الحداثة فشلت عربياً وسقطت عالمياً لأنها عجزت عن تحقيق ما وعدت به، مكرراً ما سبق وقاله عن أدونيس من أنه «رجعي» وأن «خلاصة تجربته من الأوهام». واعترف في حوار أجراه معه الإعلاميان عمر عناز وجاسم سلمان وتنشره وكالة أنباء الشعر اليوم الثلاثاء بوجود خلافات عميقة بينه وبين وزارة الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية إلى حد أنه صرح مجدداً بأنها «وزارة بلا ثقافة». ونفى أن يكون التقى فضيلة الشيخ عائض القرني وشكك في أن يكون كتاب «الحداثة في ميزان الإسلام» من تأليفه، لافتاً إلى عدة اتهامات توجه إليه على هذا الصعيد. وعزا الغذامي تحوله عن النقد الأدبي إلى النقد الثقافي للمجتمع والأنساق الاجتماعية المنبثقة عنه إلى أن النقد الأدبي وصل إلى حال من التشبع، وبات يكرر نفسه، وصار عاجزاً عن إحداث رؤية جديدة. كما أن الثقافة الإنسانية بعامة شهدت تغيرات ضخمة في الخطاب نفسه، وجاءت ثقافة الصورة، بخصائصها الجديدة، وهي تتطلب نقداً خاصاً بها، يستخدم أدوات أقدر في كشف خصائص الصورة، ولا يكتفي بتلك الأدوات التي صارت الآن تقليدية، إلى جانب أن الثقافة العربية، بتاريخها الطويل ليست مجرد نصوص كما يقترح علينا النقد الأدبي ولكنها تنطوي على (أنساق مضمرة) ولا بد من كشفها والتعامل معها وهذا هو موضوع النقد الثقافي. وحول مدى انسجام أو تقاطع خطابه النقدي مع الخطاب الديني في السعودية قال: «ليس لديَّ موقف مضاد لأي خطاب مضاد مهما كان ولكن الطرف الآخر هو الذي ينظر إليّ بريبة ويتعامل مع أفكاري بطريقة سلبية، ويتصور أنها عمل مناقض للأصول الثابتة، وهذا ما نجده في «كتاب الحداثة في ميزان الإسلام» وفي كتب أخرى إضافة إلى أشرطة كاسيت وخطب جمعة وإحالات كثيرة في مقالات بالصحافة إلى درجة أن جريدة يومية تصدر في مكة المكرمة تخصصت لمدى 5 سنوات يومياً بمنازعتي ومنازعة أفكاري، والعجيب أن أياً من هؤلاء المؤلفين والكتاب والصحفيين لم يحاول قط أن يتحاور معي مباشرة أو يتكاشف معي، بل إني لم أر مؤلف كتاب الحداثة في ميزان الإسلام قط إلا مرة واحدة على شاشة التلفاز فكيف يزعم أنه يحاورنا أو يعرف قضيتنا، وهو لم يتحدث مع أي منا أو على الأقل معي، ولا حتى على الهاتف، وهذا مؤشر على أن ليس هناك تقاطع ولا نقاش». وبخصوص وصفه مؤلف كتاب «الحداثة في ميزان الإسلام» الشيخ عائض القرني بالجاهل وأنه لا يمتلك الأدوات العلمية للتأليف في النقد قال: «نعم، الرجل جاهل. وهناك شكوك قوية بأن الكتاب ليس من تأليفه. بعض الكتّاب أشاروا إلى (سعيد الغامدي) صاحب شريط (الحداثة) على أنه صاحب العمل أصلًا، وكان تلميذاً عند عائض القرني وكلفه ببحث في الجامعة عن الحداثة ثم راح وأخذه ووضعه في كتاب. ومن المؤشرات على ذلك أن في الكتاب اقتباسات ليست صحيحــــة، مما يعني أن عائض القرني لم يقرأ كتاب الجابري، ويعني أن الأوراق اختلطت عليه عبر انتقالها من يد إلى يد حتى أن الأستاذ محمد العلي حينما كتب عن الكتاب كان يشير إلى (المؤلفين) لإحساسه أن أيادي كثيرة تعاونت للملمة أطراف الأحاديث فيه. وإذ نتكلم عن كتاب مثل هذا لا بد أن ننتبه إلى أن الكتاب يقوم على الطعن بعقائد الناس وبإيمانهم وهذه مسألة خطيرة تحتاج إلى التدقيق والتيقن وهذا لم يفعله مؤلف الكتاب لأنه دخل في أمرٍ يجهله، ويجهل أبعاده المعرفية، وهو ليس من ذوي الاختصاص في النقد والإبداع، ولكن تخصصه في الشريعة. أنا أقول إنه عالمٌ بالشريعة ولا غبار على علمه فيها، ولكنه جاهل بالنظريات النقدية والإبداعية». وحول الحداثة وفشلها عربياً رأى الغذامي أن الحداثة العربية وقعت في خطأ كبير بتركيزها على الحداثة الشعرية وإهمالها الحداثة الفكرية والاقتصادية والسياسية، مما جعلها حداثة جزئية وليست حداثة كلية، بل إنها وكثيرا من الحداثيين قد تواطأت مع الطغاة والديكتاتوريين وروجت لهم ولسياساتهم، وهذا ما أفقدها التعاطف الجماهيري. لقد فشل مشروع الحداثة في تحقيق دعواها بالعقلانية والليبرالية والديمقراطية، وبسبب الادعاء بأنها صيغة كلية شمولية ألغت خصوصيات الثقافات الأخرى وأفرزت أخيراً العولمة ومشكلاتها. الحداثة سقطت عالمياً، ونحن في مرحلة ما بعد الحداثة وهو مشروع يقول بالفسيفساء الثقافية ويعترف بالتنوع الديني والعرقي واللغوي ووجود هـوام كثيرة لا يمكن تحويلها إلى مـتنٍ عالمـي واحد كما كانت غلطة الحداثة». وفي إجابة له على سؤال هل ما زال مصراً على رأيه بأن «أدونيس رجعي .. والمتنبي شحاذ كبير»، قال: «الكتاب الذي أوردت فيه ذلك يقوم على كشف الأنساق الثقافية المضمرة، وأنا كشفت أن الخطاب الشعري كان ينطوي على جماليات بلاغية عالية ولكنه في المقابل يضمر أنساقاً ثقافية ضارةً من الناحية التكوينية الذهنية، فالشاعر صار طاغية من الناحية المجازية أي أنه يعتمد على (الأنا) الفحولية وأنه يشعر بما لا يشعر به غيره وأنه لا يحاسب على كلامه وهذه بالضبط هي صفات الطاغية السياسي مما يعني أن هناك تواطئا غير معلن بين نسقين ثقافيين أحدهما للشاعر ويتم الترويج له عبر النقد الأدبي والآخر نسق سياسي يتم الترويج له عبر الإعلام، وهذا أمر يكشفه لنا النقد الثقافي، وهو يثبت لي أن أدونيس رجعي لأنه يروج لهذه الفكرة على وجه التحديد، ويقول بالنص: «إن الحداثة لا عقلانية ولا منطقية»، فإذا كان الأمر كذلك فكيف يتوقع من حداثته أن تكون مشروعاً في التنوير وهي غير عقلانية وغير منطقية، هذه هي الأوهام بعينها كما أنها خلاصة تجربة أدونيس». وعن العلاقة بين المثقف العربي والمؤسسة الدينية وتوترها أكد أنه مع التنوع والاختلاف، وقال: «لا أطالب أحداً بالانصياع إلى شروط أحد آخر بل أجاهد لأجعل كل واحد يقبل باختلاف الآخرين معه، من دون أن يصر أحدنا على جر الآخر إلى معسكره بالضرورة والإكراه، لذلك لا أطالب خطباء الجمعة أن يكونوا مثلنا ولكن أطلب منهم ألا يرغمونا أن نكون مثلهم». وأكد وجود خلافات عميقة بينه ووزارة الثقافة والإعلام، مضيفاً «لقد صرحت وأصرح أن هذه ليست وزارة الثقافة ولكنها وزارة الإعلام فقط، ولا ثقافة فيها»، لافتاً إلى أن أول قرار اتخذه وزيرها السابق هو قرار إلغاء الانتخابات في الأندية الأدبية، وهذا ما جعلني أعلن مقاطعتي التامة للأندية الأدبية إلى حين إعادة الانتخابات. وعلق على إعفاء الشيخ سعد الشثري من هيئة كبار العلماء على خلفية حملة تبنتها عدد من الصحف ورؤساء التحرير بالقول: «القضية الأهم عندي هي النقاش الفقهي الأصولي حول مفهوم الاختلاط وهل هو محرم أم لا؟، هذا هو الأمر الذي يهمني أن يناقش، فهو أمر مصيري وحساس، ولو تركنا الأمور الكبرى ثم انشغلنا بتعيين فلان أو فصل فلان، فنحن نترك القضايا الأساسية، وننشغل بأمور إدارية». وعن السبب في عدم وجود حركة شعرية - سعودياً على الأقل- موازية لمشروعه النقدي قال: لم يكن من ضمن أهدافي أن يرتبط المشروع النقدي عندي مع أي مشروع إبداعي آخر مهما كان، فأنا لا أقدم نفسي على أني ناقد سعودي في هذا المعنى المحلي، وأنا في هذا الأمر ناقد عربي أنتمي للثقافة العربية وأكتب عن محمود درويش، مثلما أكتب عن امرئ القيس أو المتنبي دون أن تدور في ذهني حدود تاريخية أو جغرافية ، مع أني لا يمكن أن أنسى الإشارة إلى الثمانينات ووهجها الإبداعي الشعري، سواءً من شعراء الحداثة السعوديين أو الشاعرات, وكذلك الجيل الشعري الذي امتد من السبعينات إلى الآن، وهو له الحق أن يشار إلى تجربته بتقدير، غير أني لست متخصصاً محلياً، بحيث أربط عملي النقدي النظري مع إبداعٍ محلي، خاصة مع انتقالي للنقد الثقافي». جائزة الشيخ زايد للكتاب مشروع طموح وصف الغذامي جائزة الشيخ زايد للكتاب بأنها «مشروع طموحٌ جداً، ويطمح إلى الدفع بعجلة التأليف العربي، وقال «إن الجائزة تحتفل بالكتاب بسخاء كبير وبهمة عالية، والمؤشرات كلها إيجابية ومفرحة، إذ يتجاوز عدد المترشحين لها سنوياً أكثر من ألف مترشح ومترشحة، وهذا رقم كبير. وهي جائزة أدخلت الحس الاحتفالي إلى المؤلفين والناشرين وأرباب الكتاب، فهي جائزة حقاً للكتاب، وهذا سر نجاحاتها المتحققة جزئياً الآن، والتي نأمل أن تتحقق في كل عامٍ».
المصدر: الرياض
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©