الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غضبة «الآن»

غضبة «الآن»
3 ابريل 2013 20:12
لحظة محددة من الزمن هي «الآن»، اختارها الفنان التشكيلي مازن كرباج مادة عبثية تضيع فيها الحدود بين الرسم والكاريكاتور والسوريالية. أشبه بفوضى مبعثرة، إنما منطقية إلى حد ما، هكذا يوصّفها في معرضه الفردي في غاليري «جانين ربيز» في بيروت مستخدماً مطبوعات ولوحات وصور وآلات تخدمه في التفاصيل التي يريد بها التحرر من الواقع إلى مجسمات مفككة تعكس زحمة أفكار وصور هما مرآة حال المدينة التي ما عادت تتسع لموطئ قدم. في لوحاته المتفاوتة الأحجام، الإنسان والحجر امتزجا في خلطة بلوني الطين والحبر القاتم. خلطة جافة وقابلة للانكسار أو التفتت، لكنّها في المقابل تصلح لتشكيل عالم الفنان الخاص، بحيث تسعفه مخيلته في رؤية بناء قديم على أنّه وجه امرأة: النافذتان هما عيناها، التشققات خطوط الزمن، والفم منطقة محظورة مسيجة بالأحمر ومزروعة بإشارة «x» هي الأسنان. ويتمثّل الغضب على ما أضحت عليه المدينة من خلال عناوين ومضامين لوحاته. في إحداها، وتحمل عنوان: «في بيروت بنات حلوة وبنايات بشعة»، ألف حكاية وحكاية يلتقطها رموزا وإشارات من موقعه على شاطئ المنارة، حيث زحام البشر يعلو فوق ارتطام الموج وهدير الطائرة المغادرة وصوت القبطان، معلناً بدء رحلته البحرية. يصوغ كل ذلك بالحبر الأسود مموهاً بقليل من الأحمر الأرجواني الذي يبرز في إشارة «ممنوع التدخين» التي تتوسط اللوحة، والذي يحدد بعض التعليقات التي تخترق حدود سمعه: «شو هيدا»، «قرّب»، «عن جد»، «أنا عالطريق في عجقة»، ومن غير المستغرب في لوحاته التي يتداخل فيها المألوف بغير المألوف أن تطل زرافة بعنقها الفارع الطول بحثاً عن تائه ما في تلك المدينة المزدحمة بكل شيء. وهو الازدحام الذي يولّد السؤال لدى بشر تحولوا إلى خيالات في لوحة مجاورة: «إلى أين؟». ويأتي الجواب مغلفاً بالأكرليك وباقتراحات عناوين إلى: «الانتظار»، أو «Beirut after down»، وربما إلى «القبلة الأخيرة»، وفي اللحظات الحميمة تبقى العيون مفتوحة تترقب حدثاً ما. تلك العيون التي تتخذ شكل السهم أو أنها تتدحرج من أعلى الوجه لتستقر عمودياً عند الفكين، أو تتجمع في جهة واحدة، وفي حالات فنية حرجة، مثل تلك التي يصورها كرباج، تعلو العين على الحاجب وترتفع الأبنية مائلة بانتظار النهاية التي يدونها أسفل اللوحة مؤكداً «The End»، وبجوارها كلمة ناسفة هي: «Boum» يتركها لمن لم ترق له خاتمة لوحاته المتشابكة بالعنف وبالملامح وبالتفاصيل الداخلية. «الآن» معرض لا يتمحور حول تيمة واحدة بحسب توضيح الغاليري. فالأعمال المعروضة «ليست جزءاً من سلسلة، وليس أحدها بالضرورة على صلة بالآخر. المعرض بورتريه للفنان في لحظة محددة من الزمن: الآن. وكان ليختلف إلى حد بعيد، في حال جرى في وقت مبكر، وإن قبل شهر فحسب». ذلك أنّ مزاج الفنان لا يبقى على حاله، فكيف بحال رسّام ورث «ثورة» و»جنون» الفن عن والديه، هو ابن الممثل أنطوان كرباج والفنانة لور غريّب، وابن الصحافة اليومية التي لا تنفك تعرّي عيوب المجتمع، من خلال الكاريكاتور والرسومات الصاخبة بالنقد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©