القدس بجلالها ومهابتها الأزلية تغازل عبر الزمن خيال الشعراء، وتحط كعصفور من الجنة على أوردة الخيال، وقد عانق الوجدان العربي قضيتها في مؤتمر «القدس المكان والمكانة» الذي استضافته العاصمة أبوظبي برعاية الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب واتحاد كتاب وأدباء الإمارات ظلال القدس، وتلمس حرارة الكلمات، وهي ترثيها وتستعرض أزمتها التاريخية عبر جلسات حوارية، وأمسيات شعرية، ومداخلات حارة توهجت خلالها حناجر كتاب وباحثين وعلماء ومفكرين وشعراء ونخبة من أهل الفكر، والجميل في هذا الحدث هو أن الإمارات تتبنى هذا المؤتمر بكل جسارة، وفي هذا التوقيت الذي تعيش فيه الأمة العربية والعالم أزمة القدس الجديدة، فالإمارات لديها موقف ثابت ومعروف تجاه قضية القدس، وكل أبناء هذا البلد يعشقون التراب الفلسطيني، وتبرز قيمة أخرى هي أن الإمارات من أكثر الشعوب دعماً للإخوة الفلسطينيين، ومن أكثر الشعوب عطاء وسخاء كون القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى، وأن الشيخ زايد، رحمه الله، أولى للقدس وفلسطين بوجه عام كل الاهتمام، وهذا المؤتمر الذي طرح قضية القدس من عدة جوانب مثل القدس النشأة والتطور وقراءة في الاتفاقات والقرارات الدولية حول مدينة القدس، والصراعات السياسية والدينية حول المدينة وغيرها من الندوات الأخرى، والأمسيات الشعرية بلور قضية القدس من جميع الجوانب، وأتاح للمشاركين أن يتحدثوا بحرية عن واحدة من أهم قضايا العرب، وقد نجح المؤتمر فيما ذهب إليه، واستطاع بشكل حضاري وثقافي أن يؤصل لمعنى القدس في الثقافة العربية، وأن يؤكد على حقائق تاريخها وقد كانت كلمة معالي الشيخ نهيان بن مبارك وزير التسامح لها تأثير كببر على الحضور لأنها تميزت بالدفء والحرارة والصدق، وعبرت عن رؤية وتضامن الإمارات مع القضية الفلسطينية حيث قال «إننا نحتفل في الإمارات هذا العام، بعام زايد الخير، بمناسبة مرور مائة عام على ميلاد مؤسس الدولة: المغفور له الوالد، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، عليه رحمه الله، ونذكر بكل فخرٍ واعتزاز، ما كان يؤكد عليه دائماً، بالقول والفعل، من أن القدس الحبيبة، هي دائماً، في العين والفؤاد، وأننا في الإمارات، حريصون كل الحرص، على الدفاع عن قضية العرب الأولى: فلسطين العزيزة، والقدس عاصمتها، التي تأتي دائماً، في موقع الأولوية والصدارة، هكذا هي الإمارات السند الحقيقي للقدس وأهل فلسطين.
محمد عمر الهاشمي
عدد اليوم
