الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان: حقوق النساء الخيالية!

5 يونيو 2010 21:18
ترددت في الأيام الماضية أخبار متضاربة، بعضها يرد على بعض آخر، حول فرص وحقوق النساء الباكستانيات، بشكل أصبح معه في الإمكان تشبيه حقوق المرأة في باكستان بالمعضلة الخيالية، حيث بات من المستحيل التمييز بين ما هو واقعي وما هو خيال مجرد. وكان الرئيس "زرداري" وقّع قبل شهرين قانون حماية المرأة من التحرّش في أماكن العمل لعام 2010، الذي يهدف إلى توفير بيئة عمل آمنة للنساء. وقد حضر حفل التوقيع، الذي أقيم في سكن الرئيس الرسمي، عدد كبير من الناشطين في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، إضافة إلى برلمانيين وأعضاء من المجتمع المدني. وقد كرر "زرداري"، بهذه المناسبة، التزام الحكومة بضمان حقوق متساوية للرجال والنساء حسب ما تنص عليه مواد الدستور. وقد ينتقد بعض الناس ويشككون في مدى واقعية كلمات "زرداري" الوقورة حين قال: "يجب علينا العمل من أجل باكستان يمكن فيها للأجيال الصاعدة، مثل بناتي، أن تكون فخورة بالحياة في أجواء من المساواة في الفرص والحقوق". وهي كلمات حتى لو افترضنا أنها طموحة أكثر مما يتيح الواقع الراهن إلا أنها مع ذلك أفضل من العدم، على كل حال. ويعتبر القانون المذكور بالتأكيد تشريعاً تقدميّاً. وواقع الأمر أن مؤلفه يدعي أنه أكثر التشريعات تقدّمية في عموم منطقة جنوب آسيا. وإذا كان الأمر كذلك فسأجعل زملائي في "معهد دراسات جنوب آسيا" ينتبهون لناحية تتقدم فيها باكستان على مجتمعات المنطقة الأخرى، وسألفت نظرهم إلى هذا الأمر بأسلوب إيجابي! إلا أن تأثير هذه الأخبار الجيدة خفت حدته قليلاً عندما قرأت أن لجنة في مجلس الأعيان قامت مؤخراً بمنع مسرحية "معضلة البرقع الخيالية" للممثلة الباكستانية الناجحة والمخرجة المسرحية والناشطة في مجال حقوق المرأة مديحة جوهر، التي تنتقد مجموعة الضغط المتنفذة المدافعة عن البرقع (الزي الذي يغطي كامل وجه المرأة). وفي رأيي أن من الضروري الآن سحب هذا المنع ومعه كافة القوانين التي يحتمل أن تحقّر من مكانة المرأة. وعلى سبيل المثال يسمح بعض ما يسمى بالقوانين المحلية، التي يوفر بعضها مرتكزات اضطهاد الرجل والمرأة على حد سواء، بالعقاب البدني الشديد، بناءً على أحكام قضاة قد يتأولون لأحكامهم بوجود سابقة قانونية مثلاً. إنني مقتنع، مثلي في ذلك مثل الفيلسوف والشاعر والسياسي محمد إقبال، أن الوقت قد حان لإنقاذ النص الديني الصحيح من تأويلات وسوء فهم كارهي النساء، بطريقة أو بأخرى. والطريقة الأسهل والأكثر صدقاً لعمل ذلك هي استلهام أمثلة من أجزاء أخرى من العالم حيث يباشر المصلحون نقداً داخليّاً ويوصون بدولة علمانية تحترم روحانية الدين ونظامه الأخلاقي والحقوق الإنسانية لأفراده، هي وحدها التي تستطيع، عندما تقف التأويلات القاصرة للنص الديني والتراث في طريق التقدم، أن تشكّل أساساً لديمقراطية تعددية ومجتمع سليم. ونأمل أن نصل في يوم من الأيام إلى هذا الهدف، وأن نتمكن من إزالة سمعة "المعضلة الخيالية" لنساء باكستان وسنغافورة، مجيبين عن الأسئلة التي ما فتئت إجاباتها تتفلّت من بين أيدينا، من قبيل: من هن النساء المسلمات الحقيقيات؟ هل هن المحتجزات بين الجدران الأربعة للمنزل؟ أم أولئك اللواتي يجلسن في البرلمان؟ أم هؤلاء اللواتي يعملن إلى جانب الرجل ويساهمن بشكل مساوٍ في خدمة المجتمع كبشر لهن عقول يفكرن بها؟ ما هو الحقيقي وما هو غير الحقيقي في هذه المعضلة، أعني معضلة نيل النساء حقوقهن كاملة، غير منقوصة؟ اشتياق أحمد أستاذ زائر في الجامعة الوطنية بسنغافورة ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كومون جراوند"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©