الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تشريح دقيق للمجتمع بأداء راق

تشريح دقيق للمجتمع بأداء راق
7 أغسطس 2008 01:01
قلب الفيلم السينمائي الجديد ''كباريه'' موازين الموسم الصيفي في مصر وهو قصة وسيناريو وحوار أحمد عبدالله وإخراج سامح عبدالعزيز وإنتاج أحمد السبكي، ورغم أن الفيلم لا يعتمد على ''نجوم شباك'' بالمعنى المتعارف عليه فإنه ينافس بقوة على الإيرادات في موسم هرب منه كثير من النجوم، ويلعب بطولة الفيلم فتحي عبدالوهاب وخالد الصاوي وأحمد بدير وصلاح عبدالله وجومانة مراد ودنيا سمير غانم وهالة فاخر ومحمود الجندي وادوار ومي كساب وماجد الكدواني ومحمد لطفي ومحمد شرف وعلاء مرسي· الفيلم به حشد كبير من نجوم التمثيل وأصحاب الأداء المميز مثل أحمد بدير وصلاح عبدالله وفتحي عبدالوهاب ومحمود الجندي وهالة فاخر وجميعهم تألقوا في الأداء وتم توظيفهم في أدوار غير مسبوقه رغم قصر مساحة دور كل منهم لكن المخرج سامح عبدالعزيز استطاع أن يضبط الأداء بصورة غير مسبوقه له هو ايضا، وتألق ماجد الكدواني ودنيا سمير غانم ليقدم كل منهما أفضل أدواره السينمائية· وتدورأحداث فيلم ''كباريه'' داخل ملهى ليلي يحمل اسم ''كباريه'' ويستعرض الفيلم نماذج بشرية مليئة بالتناقض في خليط ميلو درامي يلقي الضوء على حياة شريحة من المطحونين ويسجل حالة من التردي والفوضى واللاإنسانية يعيشها الجميع ويكاد المتابع للأحداث أن يشعر بأنه يرى المجتمع كله من خلال هذا العالم· واختار السيناريست أحمد عبدالله شخصياته بعناية فائقة وصنع سيناريو متماسكاً وثريا بالتفاصيل التي تشكل لوحة جذابة ليقدم صورة واقعية توضح كم التناقض في المجتمع واستطاع أن يحرك أكثر من 25 شخصية طوال أحداث الفيلم التي تدور في ليلة واحدة دون أن يتسرب الملل للمشاهد· ونتابع من خلال الأحداث فتحي عبدالوهاب ابن الطبقة المتوسطة الذي يعشق الموسيقى ويعيش صراعاً بين ما يحبه وما يعتنقه من فكر متطرف ويقبل أن يقوم بمهمة استشهادية ليفجر ''الكباريه'' باعتباره وكرا للفساد، وفي مشهد يندر تكراره نتابع عملية غسل المخ التي يقوم بها أفراد الجماعة الإرهابية له قبل أن يتم تحزيمه بالمتفجرات· ولا يكف السيناريو عن كشف التناقض في عالم ''الكباريه'' حيث نجد صاحب الملهى صلاح عبدالله شخصية حازمة وجادة ويدير المكان بقسوة وفقاً لقوانين وضعها بنفسه، وهو لا يشرب الخمر بل يحتسي اللبن بينما يتابع بنفسه ما يجري في المكان من رقص وغناء ويستمع لإبتهالات دينية بصوت الشيخ النقشبندي· أما ''علام'' الفنان أحمد بدير فهو المسؤول عن تقديم الخمور للزبائن وهو يصلي في ركن داخل الملهى ويبرر عمله في هذا المكان بأنه مسؤول عن أسرة ويحتاج للراتب الذي يتجاوز ألفي جنيه بالإضافة الى البقشيش، أما جومانة مراد فهي فتاة تعيش في منطقة شعبية مع والدتها المسنة وترعاها بصورة مثالية وتخرج من منزلها وهي مرتديه جلبابا أسود وعلى رأسها طرحة ثم نجدها في الملهى شبه عاريه وتقدم الخمور للزبائن وتجالسهم ولا تكف عن الرقص وتتولى الإشراف على دنيا سمير غانم الفتاة الريفية الجديدة التي هربت من منزل والدتها بعد أن حاول زوج الأم الاعتداء عليها، وتروي كيف تعرضت للاغتصاب من مجموعة شباب وكيف حاول حبيبها اغتصابها· ورغم ذلك تكره جو الكباريه وعندما تهرب منه تجد في الشارع ثلاثة يخطفونها لاغتصابها وتهرب منهم لتعود الى الكباريه في نفس الليلة· أما ''سيد كيك'' علاء مرسي فهو المسؤول عن جمع النقوط وينتمى لأسرة بسيطة ويحلم بأن تلتحق ابنته بالمدرسة، ويرفض صاحب الملهى ''صلاح عبدالله'' تقديم سلفة له ويتعرض صديقه محمد شرف لكل أنواع العذاب والاهانة وبتر ساقه وتسرق منه الأموال التي كان احضرها لصديقه ليلحق ابنته بالمدرسة· وهكذا تستمر الأحداث لنكتشف أن ''ماجد الكدواني'' الشخص السكير هو شقيق صاحب الملهى صلاح عبدالله وانه اضطر لبيع حصته في الملهى بعد أن خسر أمواله في القمار والمخدرات والنساء وخضع لسيطرة شقيقه الذي يعامله بمنتهى الوحشية ويفرض عليه الجلوس في الحمام ليقدم ورق التواليت للزبائن، أما المطرب ''بلعوم'' خالد الصاوي فهو مدهش كعادته في شخصية مطرب الكباريهات الذي يعيش صراعا بين رغبته في الاحتفاظ بمكانته التي بدأت في التراجع كمطرب شعبي يعتمد على إمرأة عربية هالة فاخر تنتج له البوماته وزوجته المحجبة التي ترفض الحياة معه وتعتبر ماله حراما· نجح المخرج سامح عبدالعزيز في اختياره للممثلين وتحريكهم وجاء اداؤهم تلقائيا واحتفظ بمهارته كمخرج ''فيديو كليب'' في تصوير الأغاني والرقصات لينقل أجواء ''الكباريه'' بلا ملل ورسم السيناريست أحمد عبدالله الشخصيات بعناية وظهرت كل شخصية مليئة بالشجن والمرح والتناقض دون الاغراق في جانب واحد وانتقى مفردات الحوار المناسبة لكل منها· وساهمت موسيقى تامر كروان في تجسيد حالة الأزدواجية والصراع الداخلي من خلال تنويعات مناسبة ووزع جلال الزكي مدير التصوير الإضاءة بدقة لتلعب دورا مؤثرا في كل مشهد وحقق المونتير شريف عابدين قدرا من التوازن واحتفظ بإيقاع مميز كان احد اسباب نجاح الفيلم· واهم مفاجآت الفيلم انه يحمل ثلاثة اسماء سبق أن تم حصرها في إطار السينما التجارية التي تغازل جمهور ''الترسو'' ولا تهتم بالقيمة الفنية أو الفكرية هم المنتج أحمد السبكي والسيناريست أحمد عبدالله اللذان قادا موجة ''اللمبي'' وتوابعها والمخرج سامح عبدالعزيز الذي استطاع أن يكشف لأول مرة في فيلم ''كباريه'' عن قدراته كمخرج سينمائي بعد سلسلة أفلام استعرض فيها مهارته كمخرج كليبات فقط·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©