الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القانون يطارد مدخني سوريا في الأماكن العامة

القانون يطارد مدخني سوريا في الأماكن العامة
5 يونيو 2010 21:31
يعاني المدخنون العاملون في وزارات ومؤسسات الدولة من مأزق، لأنه لم يعد مسموحاً لهم بالتدخين، وعلى العامل الموظف أن يغادر مكان عمله إلى خارج البناء إذا أراد تدخين سيجارة، وهو ما نجم عنه مفارقات كثيرة، هذا إلى جانب أن المنع امتد إلى أماكن الترفيه فلم يعد بإمكان المدخنين ممارسة هوايتهم في المقاهي العامة والحدائق ما انعكس سلباً على إيراد تلك المحال بيد أن المنع يصب في مصلحة السوريين حيث تشير الأرقام إلى ارتفاع أعداد المدخنين وزيادة الإنفاق على التبغ. وقع مدخنو سوريا في “حيص بيص”، منذ أن بدأ تطبيق مرسوم منع التدخين في الأماكن العامة والمطاعم والمقاهي والمؤسسات التربوية والجامعية، وذلك اعتباراً من أواخر أبريل الماضي، وبدت بعض المقاهي والمطاعم مقفرة من روادها المدخنين الذين لم يعد بإمكانهم “التمتع” بلعب النرد والطاولة وتدخين النرجيلة (الشيشة) أو السيجارة. وبرزت مشاهد “كاريكاتورية” في عدد من المقاهي لمدخنين حشروا أنفسهم في فسحة ضيقة مكشوفة، بينما باقي المكان خالٍ من الرواد، لأنه من غير المسموح التدخين فيه. المرسوم وأحكامه صدر مرسوم منع التدخين في عام 2009، وبدأ تطبيقه بعد ستة أشهر من صدوره، وهو ينص على منع التدخين وبيع منتجات التبغ وتقديمها في الأماكن العامة ومنع الإعلان عن منتجات التبغ، وحدد المرسوم الأماكن العامة بالأماكن المعدة لتقديم الطعام والمرطبات والمشروبات بأنواعها، وهي تشمل المطاعم والمقاهي والحانات والحوانيت وغيرها من الأماكن المشابهة. كما منع المرسوم التدخين وبيع منتجات التبغ وتقديمها في المدارس والمعاهد والمؤسسات التربوية والجامعات والمراكز الصحية والمشافي والصيدليات. كذلك شمل منع التدخين الغابات والمحميات والحراج ودور العبادة والأندية الرياضية ووسائل النقل العامة والمراكز الثقافية ودور السينما والمسارح والمكتبات والمتاحف وجميع المحال العامة المغلقة. وسمح المرسوم لأصحاب المحال العامة أن يخصصوا مساحة من الأماكن غير المغلقة للمدخنين بنسبة محدودة من مساحة المحل العام، كما شدد على منع تقديم الأراجيل لكل من هو دون سن الثامنة عشرة، ومنع تقديمها إطلاقاً في الأماكن المغلقة. عقوبات رادعة يعاقب المرسوم أصحاب المحال العامة الذين لا يتقيدون بمنع التدخين بغرامة قدرها (25) ألف ليرة، كما يعاقب الزبون المخالف بغرامة قدرها ألفا ليرة سورية، أما الفنادق التي لا تخصص غرفاً للمدخنين وأخرى لسواهم، فتعاقب بغرامة تتراوح ما بين خمسة آلاف ليرة وصولاً إلى أربعين ألف ليرة، بينما يعاقب النزيل المخالف بغرامة تصل إلى أربعة آلاف ليرة في كل مرة يضبط بها. ويقول الدكتور سعد الله آغا القلعة وزير السياحة إن وزارته حددت 30% من غرف الفنادق للمدخنين و70% لغير المدخنين. وكانت سوريا قد بدأت خطوات تدريجية للحد من ظاهرة التدخين، ففي عام 1996 صدر مرسوم يمنع الإعلان والدعاية للتبغ تحت طائلة الحبس من أربعة أشهر إلى ستة. وفي عام 2004 صدر قرار بمنع التدخين في مقاهي الإنترنت. كما أن قرار منع التدخين في وسائل النقل العام والمراكز الثقافية ودور السينما والحدائق العامة اتخذ عام 2006، ونص على غرامات مالية بحق المخالفين مع عقوبة السجن من يوم واحد وحتى ثلاثة أشهر. وجاء الإجراء السوري الأخير عقب انضمام سوريا لاتفاقية منظمة الصحة العالمية لمكافحة التبغ. ركود وانتظار إذا كان المدخنون السوريون في مأزق! فإن أصحاب المقاهي والمطاعم في مأزق أكبر، فقد أصيب الإقبال على هذه المنشآت بالركود، ولم يعد المقهى مغرياً أو جذاباً للمدخن ولاسيما المقهى الذي لا توجد فيه فسحة سماوية مفتوحة يتجمع فيها المدخنون، وعلى سبيل المثال، فإن مقهى الهافانا يبدو هذه الأيام مقفراً من الزبائن، أما مقهى النوفرة الشعبي التقليدي، فإن الزبائن الذين يرتادونه أصبحوا يتجمعون في فسحته المفتوحة، وحين يجلس الحكواتي ليروي حكاياته، فإن قلة تجتمع حوله، لأن التدخين داخل المقهى ممنوع. وفي مدينة دمشق القديمة، هناك نحو 148 مطعماً مني أصحابها أو مستثمروها بخسائر فادحة، فقد انخفضت مداخيل هذه المطاعم إلى سدسها قبل مرسوم المنع، ويفكر بعض أصحاب المطاعم التي خلت من الرواد بتحويلها إلى مقاه، بينما أعلن بعضهم عن وضع مطعمه برسم البيع. وينظر أصحاب المطاعم والمقاهي بنفاد صبر إلى إمكانية التوصل إلى حل لتطبيق مرسوم المنع، بحيث يمكن لهم أن يختاروا بين رفع لوحة تقول “مقهى ومطعم للمدخنين وأخرى لغير المدخنين”، رغم أنه لم يتضح بعد إذا كان هذا الحل الوسط متاحاً. وما بين الانتظار والترقب، فإن مصادر مسؤولة تقول إن “عدد المخالفات التي سجلت خلال شهر من تطبيق المرسوم قد بلغت نحو 150 مخالفة تبلغ مجموع غراماتها ثلاثة ملايين وسبعمائة وخمسين ألف ليرة سورية”. فتوى تحريم تزامناً مع صدور مرسوم منع التدخين أصدر مفتي سوريا الدكتور الشيخ أحمد بدر الدين حسون فتوى تقضي بتحريم التدخين بجميع أنواعه، بما فيه الأرجيلة، وتحريم بيع منتجات التبغ وشرائها أو تأجير المحال لمن يبيعها، وبينت الفتوى أن علماء الصحة أجمعوا على الضرر الهائل الذي يسببه التدخين للمدخن ولمن يخالطه من اعتلال للصحة وأشارت إلى أنه يجلب على الأمة خسائر كبيرة، ويكلف الدولة نفقات هائلة لمعالجة الأمراض الناشئة عنه. وتشير الأرقام والإحصاءات الصادرة عن الجهات المختصة إلى أن نسبة المدخنين في سوريا تصل إلى 20% من عدد السكان تقريباً، وأن نسبة الرجال المدخنين منها تصل إلى 60%، بينما تصل نسبة النساء إلى 23% من المدخنين. وبحسب الإحصاءات الرسمية، فإن المدخنين في سوريا ينفقون نحو 26 مليار ليرة سنوياً، أي ما يعادل 600 مليون دولار، وأن المدخن السوري ينفق 8% من دخله السنوي على شراء التبغ. وفي حين تقدر الإحصاءات الرسمية عدد المدخنين السوريين بثلاثة ملايين مدخن، فإن إحصاءات أخرى مختصة وغير رسمية تقدر عدد المدخنين بخمسة ملايين شخص. ومن الوقائع المخيفة ما يذكره مدير المركز السوري لأبحاث التدخين، بأن معدل المدخنين بين طلاب المرحلة الثانوية هو 15% و7.8% للطالبات، وأن معدل المدخنين بين المعلمين يصل إلى 52% وبين المعلمات إلى 13%. لكن الأرقام التي تثير المفارقة بحسب المصدر نفسه تتمثل في أن 40% من الأطباء و12% من الطبيبات هم من المدخنين. تدخين سلبي بينما يطالب أصحاب المقاهي والمطاعم بتخفيض وطأة المرسوم من خلال تعليماته التنفيذية، فإن غير المدخنين والهيئات الصحية تطالب بالتشدد في تطبيق المرسوم، ولا سيما بعد أن تم التأكيد مجدداً على الأضرار الكبيرة التي يسببها المدخنون لغيرهم من غير المدخنين، حيث يعاني الأشخاص غير المدخنين من كونهم “مدخنين سلبيين” ما يجعلهم يعانون من الأمراض التي تصيب المدخنين، كضيق النفس والتهاب الشعب الهوائية والربو. وبحسب الأطباء، فإن مستويات النيكوتين في أجسام المدخنين السلبيين تكون أعلى من المستوى العادي بخمس عشرة مرة لأنهم يستنشقون الدخان دون فلتر السيجارة. الأرجيلة والأكذوبة الكبرى أصحاب المطاعم والمقاهي يشكون على وجه الخصوص من منع الأرجيلة بعد أن شاعت عادة تعاطيها، وهي التي تؤمن لهؤلاء ربحهم الكبير، رغم أن الأرجيلة ليست إلا أكذوبة كبرى، عندما يتصور البعض أن ضررها أقل من السيجارة، ففي حقيقة الأمر، ووفق مصادر طبية، فإن مدخن الأرجيلة يستنشق كميات أكبر من غاز أكسيد الكربون وكميات من القطران تزيد 20 مرة على السيجارة، وكل “نَفَس” أرجيلة يعادل عشرين سيجارة، ويشبه الدكتور مجدي عبد الرحيم، اختصاصي جهاز تنفسي، تدخين الأرجيلة بأنه وباء قاتل، ولا سيما أن أعداداً من المراهقين والنساء أصبحوا من مقترفي هذه العادة القاتلة.
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©