الصحف المجانية تزدهر في أوروبا الغربية

خلافاً لأرقام توزيع معظم الصحف الورقية التقليدية، تشهد الصحف المجانية في أكثر من مكان من أوروبا المزيد من الانتشار والإقبال ما يطرح معه الكثير من التكهنات الإيجابية حول الآفاق التي تنتظرها إعلانياً واقتصادياً وحول قدرتها على منافسة وسائل الإعلام التقليدية خاصة مع عدد قرائها الذي يكسر عادة حاجز المليون، كما هو حاصل مع صحيفة “أيفننج ستندارد” اللندنية منذ نوفمبر الماضي ومع صحيفة “20 دقيقة” الفرنسية التي تواصل إصدار المزيد من الطبعات المحلية. توسيع الانتشار في فرنسا وسّعت الصحيفة المجانية “20 دقيقة” (20 minutes) منذ مطلع هذا الشهر من مساحة انتشارها حيث أصدرت طبعة خاصة بمدينة جرونوبل الفرنسية لتكون الطبعة العاشرة بعد تسع طبعات أخرى كانت سبقتها وكل منها متخصص في منطقة أو مدينة فرنسية كبرى بدءا من العاصمة باريس. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن الطبعة الجديدة سوف تبدأ بتوزيع 20 ألف نسخة مجانية في محطات القطار ومواقف انتظار الترام والباص وفي العديد من الأماكن مختارة في جرونوبل مثل المواقع التي تشهد حركة تجارية نشطة والنقاط ذات الكثافة الطلابية الجامعية. وتقوم الصحيفة بتعيين فريق تحرير خاص ورئيس تحرير لكل طبعة حيث يتولون إعداد وتحرير الصفحات الخاصة بأخبار كل منطقة والتي تضاف إليها صفحات الأخبار والتغطيات الوطنية والخارجية والأقسام المتخصصة. وبمناسبة إطلاق الطبعة الجديدة هنأت الصحيفة نفسها لأنها استطاعت “ترسيخ موقعها كصحيفة منتشرة على المستوى الوطني” عبر طبعات متخصصة بكل مدينة أو مقاطعة، مشيرة إلى أن عدد قرائها قد بلغ نحو مليوني قارئ يوميا في فرنسا. واردات الإعلان تقوم استراتيجيات الصحف المجانية في العادة على الاعتماد على واردات الإعلان التي تعوض واردات البيع المباشر والاشتراكات، كما تقوم على ازدواجية الموارد الإعلامية بين معلنين محليين ومعلنين على المستوى الوطني هذا إلى جانب قدرة فريق تحريرها المحلي على تزويد النسخة المناطقية بأخبار وتغطيات لا تستطيع الصحف الوطنية منافستها. كما أن لهذه الصحف رهانات إضافية تتعلق ببرامج الدعم الحكومي للصحف، حيث إن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي كان أعلن مطلع العام الماضي عن برنامج لدعم قطاع الصحف بقيمة مائتي مليون يورو (نحو 246 مليون دولار)، معتبراً أن على الدولة دعم قطاع الصحف الذي يعمل فيه حوالي مائة ألف عامل، كما تفعل مع قطاع السيارات. وضمن هذا البرنامج، وفي محاولة لتشجيع الشباب على قراءة الصحف، أعلنت وزيرة الثقافة الفرنسية كريستين البانيل يونيو الماضي عن مشروع لمنح اشتراكات مجانية في بعض الصحف للشباب لدى بلوغهم سن الرشد، وذلك ليتمكنوا من الحصول على صحيفة أسبوعياً حسب اختيارهم لمدة عام كامل. وقالت إن اتحاد الناشرين الفرنسيين يتوقع أن يصل عدد هذه الفئة من الاشتراكات إلى مائتي ألف اشتراك لنحو 750 ألف شاب، وأوضحت الحكومة الفرنسية أنها عازمة على تخصيص خمسة ملايين يورو للمشروع، حيث سيعطي الناشرون الصحف للشباب مجانا. وذكرت البانيل أنه تم إنفاق نصف برنامج المائتي مليون يورو في إطار برنامج التحفيز. نمو التوزيع في بريطانيا أظهر أحدت الإحصاءات والأرقام الصادرة عن المسح الوطني للقراءة (NRS) نمواً كبيراً في عدد القراء الذين يتمتعون بقراءة صحيفة “أيفنيج ستاندرد” منذ أن بدأت الأخيرة توزع مجاناً في نوفمبر الماضي. وتوزع الصحيفة في اليوم نحو 600 ألف نسخة مجانا في لندن، ووفقاً للمسح الوطني للقراءة فإن عدد قرائها خلال الأشهر الستة الماضية وحتى مارس يقدر بنحو 1,35 مليون قارئ يومياً بزيادة نسبتها 130% عن الفترة نفسها من العام الماضي. ولاحظ محرر “بريس جازيت” دومينيك بونسفوت أن البحث اعتمد على مسح شمل 36 ألف شخص طيلة عام بما فيه الأشهر الستة التي سبقت التوزيع المجاني، ولهذا تعتبر هذه الأرقام تقديرية وأن يكون عدد القراء أكبر بكثير من عدد النسخ الموزعة لأن كل نسخة تقرأ غالباً من أكثر من شخص.