الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسرائيل وإيران... خيار عسكري صعب

إسرائيل وإيران... خيار عسكري صعب
14 أكتوبر 2009 23:33
هل تقصف إسرائيل إيران؟ ربما تقدم على ذلك لكن ليس هذه خطوة مرجحة، ولن يسفر قصف كهذا عن تدمير كافة المنشآت النووية الإيرانية، بالإضافة إلى أنه سيكون عملية معقدة وباهظة التكلفة سياسياً. وأخطر ما تخلفه ضربة كهذه أنها ستترك خلفها عدواً غاضباً وأشد عزماً على إلحاق الأذى بإسرائيل.كما نلاحظ، فقد واصلت طهران إصرارها على سلمية برامجها وأنشطتها النووية. بيد أن إعلانها في أواخر شهر سبتمبر الماضي عن منشأة جديدة لم يتم الكشف عنها من قبل لتخصيب اليورانيوم، أثار شكوك ومخاوف الغرب أكثر من ذي قبل من أن تكون لتلك البرامج والأنشطة أهداف عسكرية طالما أنكرتها طهران. وكانت قد التقت وفود من كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا بممثلين للجانب الإيراني ودارت بينهم محادثات بشأن برامج طهران النووية في الأول من أكتوبر الجاري في جنيف، غير أن تلك المحادثات لم تتوصل إلى نتائج محددة، على رغم اتفاق جميع الأطراف على اللقاء مرة ثانية قبل نهاية الشهر الحالي. وكانت إيران قد حذرت أكثر من مرة خلال الشهور الأخيرة الماضية من خطورة استمرار التفاوض المفتوح مع طهران، واصفة الطموحات النووية الإيرانية بأنها أكثر المخاطر الأمنية إلحاحاً وتهديداً للمنطقة كلها. وعلى رغم أن فعالية توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية لمنشآت طهران النووية لا تزال تخضع للحوار والنقاش، إلا إن تل أبيب أعلنت جديتها في اتخاذ خيار كهذا. يذكر أن دان حالوتس -القائد السابق لسلاح الطيران الإسرائيلي- كان قد سئل قبل عدة سنوات: ما المدى الذي يمكن أن تمضيه إسرائيل في سعيها لوقف البرامج النووية الإيرانية؟ فكان رده الشهير: حوالي 2000 كيلومتر، وهي المسافة التي تبعد فيها أول منشأة نووية إيرانية عن إسرائيل. ولكن السؤال: هل تستطيع إسرائيل وقف البرنامج النووي الإيراني؟ يجمع الخبراء والمراقبون على أنه في وسع توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية لمنشآت إيران النووية أن يساعد في إبطاء تقدم العمل في تلك البرامج لبضع سنوات، لكنه ليس مرجحاً له أن يوقف تلك البرامج. لماذا؟ لأن طهران على استعداد مسبق لمواجهة احتمال كهذا. وكثيراً ما نظر البعض إلى الضربة الجوية الخاطفة التي وجهتها إسرائيل من قبل لمفاعل أوزاريك العراقي في عام 1981، وكذلك الضربة التي وجهتها للمفاعل النووي السوري الذي لم يكتمل العمل فيه بعد، عام 2007 على أنهما نماذج محتملة لتوجيه ضربة مماثلة للمنشآت النووية الإيرانية. ولكن علينا أن نذكر أن المفاعلين المذكورين كانا معزولين ومشيدين فوق سطح الأرض. وهو ما يختلف عنه كثيراً حال المنشآت النووية الإيرانية. فتوجيه ضربة عسكرية جوية لهذه الأخيرة سوف يكون أصعب بكثير. والسبب أن ضربة كهذه يتطلب منها استهداف عدد من المواقع المخبأة تحت الأرض، إضافة إلى تعدد المنشآت وتوزيعها في مناطق مختلفة في إيران. إلى جانب ذلك فإن من المتوقع أن تطير المقاتلات الجوية الإسرائيلية مسافات أبعد بكثير، مع ترجيح احتمال مواجهتها لعدو أقوى وافضل استعداداً من الناحية التقنية. هذا ما أكده العميد شلومو بروم- جنرال متقاعد كان يرأس قسم التخطيط الاستراتيجي في الجيش الإسرائيلي، ويعمل حالياً في وظيفة باحث رئيسي بمعهد الدراسات الأمنية الوطنية في تل أبيب- بقوله: إن توجيه ضربة جوية للمنشآت النووية الإيرانية سوف يكون عملية معقدة للغاية. ولست أعتقد أن في إمكاننا مقارنة ضربة كهذه بأي من الضربتين اللتين سبق تنفيذهما ضد المفاعلين العراقي والسوري. ففي هاتين الحالتين الأخيرتين كان الهدف واحداً لا أكثر، بينما لم يكن في وسع العراق ولا سوريا القيام بأي عمل عسكري مضاد لإسرائيل حينها. بالمقارنة فإن لإيران 17 منشأة نووية موزعة في مواقع مختلفة، بالإضافة إلى المنشأة الرئيسية في ناتانز، وهي منشأة مبنية تحت سطح الأرض، وصممت على الأرجح بحيث تستطيع مقاومة القنابل الإسرائيلية الخارقة للحصون الأرضية. وأكد الجنرال المتقاعد بروم صعوبة التقدير المسبق لفعالية الضربة العسكرية الإسرائيلية، إلا أنه رجح ألا تزيد قدرتها على إبطاء تقدم البرامج النووية الإيرانية على خمس سنوات. والاحتمال الأكبر أن تستخدم إسرائيل مقاتلاتها الجوية من طراز 15-F أو 16-F التي يتعين عليها قطع مسافة 1100 ميل جواً كي تصل إلى ناتانز وما بعدها من الأهداف النووية الأخرى مثل مفاعل بوشهر في جنوبي إيران. ما هو الرد الإيراني المحتمل على ضربة كهذه؟ يرجح أن تسعى إيران لإسقاط الطائرات الإسرائيلية التي سوف تطير على مسافة تقدر بنحو 400 ميل فوق أجوائها.وقد احتفلت إيران عسكرياً في نهاية شهر سبتمبر الماضي بحيازتها لـ29 قطعة من نظام Tor-M1 الصاروخي الدفاعي المتنقل، الروسي الصنع، وقد هدد نجاد خلال الاحتفال العسكري المذكور بقطع دابر كل من تسول له نفسه مهاجمة إيران جواً بذلك النظام. تضاف إلى ذلك كله التكلفة السياسية الباهظة للضربة الجوية الإسرائيلية. وأقلها مساهمة إيران المحتملة في تصعيد الهجمات التي تستهدف الجنود الأميركيين في العراق وأفغانستان. وفي إيذاء أميركا إيذاء مباشر لإسرائيل. ثم علينا ألا ننسى تكلفة إيذاء صادرات النفط التي قد تتأثر جراء هذه الضربة، إضافة إلى زعزعة أمن المنطقة واستقرارها. دان مورفي محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©