السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ولاءات اللاتين... خارج الخيمة «الجمهورية»

ولاءات اللاتين... خارج الخيمة «الجمهورية»
14 أكتوبر 2009 23:34
قد تكون استقالة «ميل مارتينيز» الأخيرة من مجلس الشيوخ الأميركي، جاءت لأسباب ودواع شخصية وعائلية، لكن مع ذلك تنطوي مغادرة الوجه اللاتيني الأبرز في الحزب الجمهوري لمجلس الشيوخ على أبعاد سياسية رمزية لا تخطئها العين. ورغم أن «مارتينيز» لم يصل بعد إلى درجة خيبة الأمل على حد قوله، إلا أنه أصيب «بالإحباط»، وهو ما أخبرني به شخصياً عندما قال: «هناك العديد من اللاتينيين على اليمين مني ومنك، لكنهم يعتقدون أن الجمهوريين لا يريدونهم». ومع ذلك يحرص السيناتور المستقيل على التفريق بين المحافظين من زملائه في مجلس الشيوخ وبين من يروم إشعال الفتن ممن «يوظفون سياسة الهجرة توظيفاً يؤدي إلى الانقسام. والحقيقة أن قضية الهجرة تتعلق في جانب مهم منها بنبرة الحديث نفسها، تلك النبرة التي تولد في نفوس الكثير من اللاتينيين شعوراً بأنهم غير مرحب بهم وغير مرغوب في تواجدهم أصلا». والواقع أنه عندما يتعلق الأمر بالقضايا العرقية، تكتسي الأبعاد الرمزية أهمية خاصة. وقد جاءت الإشارات الأخيرة من الجمهوريين لترسخ شعوراً لدى اللاتينيين بعدم الأهمية، ومن الأمثلة على ذلك ما جرى خلال نقاشات الكونجرس لعام 2006 حول قانون إصلاح الهجرة عندما انتزع النائب «توم تانكرينو» (من ولاية كولورادو) الميكروفون وقال إن ولاية ميامي تحولت إلى «بلد من العالم الثالث»، وفي السنة نفسها حذر الجمهوري «جي. دي هايورث» (من أريزونا) من المهاجرين السريين القتلة، معتبراً أنهم «كابوس يزحف ببطء»، وبأن خطرهم يفوق هجمات 11 سبتمبر. هذا فضلا عن مشروع قانون يناقش في الكونجرس ويهدف إلى تجريم مساعدة رجال الدين والقساوسة للمهاجرين غير الشرعيين. وفي الانتخابات الداخلية للحزب الجمهوري خلال 2008، تجنب مرشحو الحزب، على نحو ظاهر ومكشوف، منتديات اللاتينيين، في وقت تتبنى فيه بعض برامج الراديو خطاباً فجاً لا يخلو من الأوصاف والنعوت العنصرية؛ مثل تسمية المهاجرين المكسيكيين «بالطفيليات»، وبأنهم «قذرون ولا يهتمون بنظافتهم الشخصية»، فيما ينشر أشخاص مثل «بات بوتشانان» كتباً تحمل عناوين من قبيل «حالة طوارئ: اجتياح العالم الثالث وغزوه لأميركا». ومع أن «مارتينيز» يشدد على أن العديد من الجمهوريين الذين يعارضون آراءه حول الهجرة ليسوا عنصريين، أو ممن يثيرون الفتن، إلا أن بعض الأصوات المتطرفة تعلو فوق اعتدالهم، والنتيجة انهيار التأييد الشعبي للحزب الجمهوري بين اللاتينيين. ففي ولاية فلوريدا التي ينتمي إليها «مارتينيز»، ذهبت 57 في المئة من أصوات الناخبين اللاتينيين إلى أوباما في الانتخابات الأخيرة مقارنة بـ56 في المئة صوتت لصالح بوش في عام 2004. واليوم، ومع بدء جلسات استماع الكونجرس حول مشروع جديد لإصلاح قانون الهجرة يجد الديمقراطيون أنفسهم في موقف صعب لدفع اقتراحاتهم الإصلاحية، فيما يعتبر الجمهوريون أي نوع من التنازل للمهاجرين هو من قبيل الانتحار السياسي، بل إن الأمر وصل لدى بعض المحافظين إلى رفض الاعتبارات الانتخابية التي تحتم عليهم بعض التنازل، مؤثرين التمسك بما يعتبرونها مبادئ ثابتة حتى لو اضطروا للتضحية بولايات مثل فلوريدا وكولورادو ونيو مكسيكو ونيفادا. وقد ظلت هذه الأخيرة حكراً على المرشحين الجمهوريين على مدى أربعين سنة قبل أن يخطفها منهم أوباما بفضل اعتماده على الناخب اللاتيني. والحقيقة أن ما يقوم به بعض الجمهوريين من قبول بالخسارة، كدليل على نزاهتهم واستقامتهم، إنما يقوض فقط إحدى إنجازات الديمقراطية التي تدفع الأحزاب السياسية إلى التقرب من الأقليات بدل شيطنتهم، ذلك أن الجري وراء الأصوات يتطلب على المدى البعيد اعتماد سياسات إدماجية، وليس الإقصاء والاستبعاد، لاسيما أن حصة اللاتينيين من الأصوات الأميركية ستتضاعف بحلول 2030. وإذا كان بعض الجمهوريين يراهنون على زيادة حصتهم من أصوات البيض لتعويض النزيف الحاد في أصوات الأقليات، فإن الأمر يبقى بعيداً عن الواقعية بسبب تراجع نسبة البيض غير الحاصلين على شهادة جامعية، وهي الفئة التي عادة ما تصوت للجمهوريين بين الناخبين البيض. والأكثر من ذلك أن الناخبين المتدينين من الكاثوليك والإنجيليين، الذين يعتمد عليهم الحزب الجمهوري ويعتبرهم قاعدته الأساسية، سينفضون من حوله لأن معتقداتهم الدينية لا تسمح بالترويج لخطاب يقصي الأجانب ويجردهم من إنسانيتهم. ولئن كان الحديث عن الهجرة غير الشرعية يدفع البعض إلى استحضار القانون وضرورة احترامه، فإن التعددية تظل أيضاً حاضرة في أذهان الأميركيين، وهي صورة لا تقيم الشخص أو الفرد على أساس أصوله العرقية والوطنية. وبالطبع لا يعني ذلك أن الحدود ستفتح في وجه المهاجرين وسيشملهم العفو وتُسوى أوضاعهم، لكنه أيضاً لا يعني التعامل مع المهاجرين كأدوات لتنفيس الغضب والانحياز ضدهم... لذا سيكون من الصعب على الأميركيين البقاء في الخيمة الجمهورية إن استمر الحزب الجمهوري في هذا الاتجاه. مايكل جيرسون كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©