الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

موريتانيا تاريخ طويل من انقلابات القصر الرمادي

موريتانيا تاريخ طويل من انقلابات القصر الرمادي
7 أغسطس 2008 02:39
أطاح قادة عسكريون أمس بالنظام المنتخب في موريتانيا في انقلاب أبيض واعتقلوا الرئيس ورئيس الوزراء· وعرفت موريتانيا أول انقلاب عسكري في تاريخها صبيحة 10 يوليو ،1978 حين تمكنت مجموعة من كبار ضباط الجيش بقيادة العقيد مصطفى ولد محمد السالك من إذاعة ''البيان رقم واحد'' مطيحة بنظام الرئيس المختار ولد داداه أول رئيس لموريتانيا عقب استقلالها في 28 نوفمبر 1960 متزعماً الحزب الحاكم الوحيد ''حزب الشعب''· وسميت المجموعة الانقلابية تلك بـ''اللجنة العسكرية للإنقاذ الوطني''، وحورت التسمية فيما بعد جزئياً لـ''الخلاص الوطني''· وقيل حينها إن نظام ولد السالك جاء لـ''إنقاذ'' موريتانيا من ورطة حرب الصحراء، وقد توصل تالياً إلى اتفاق مع جبهة ''بوليساريو'' في 1979 وانسحبت بمقتضاه موريتانيا من إقليم وادي الذهب الذي آلَ إليها قبل 3 سنوات من ذلك التاريخ، بموجب ''الاتفاق الثلاثي'' في مدريد، مع المغرب وإسبانيا (المستعمر السابق)، واستعاد المغرب وادي الذهب تلقائياً بعد انسحاب القوات الموريتانية منه· غير أن الصراع سرعان ما دبَّ بين أعضاء ''لجنة الإنقاذ''، فدبر المقدم أحمد ولد بوسيف انقلاباً آخر على ولد السالك أصبحت بمقتضاه رئاسته بروتوكولية فقط، في حين تولى بوسيف رئاسة الحكومة -والرئاسة الفعلية- عدة أشهر قبل أن تسقط به طائرة قبالة السواحل السنغالية، حيث كان مقرراً أن يشارك في اجتماع إقليمي هناك· وتزامناً مع تردد اتهامات حول ضلوع أطراف من داخل لجنة الإنقاذ العسكرية في حادث سقوط طائرة بوسيف، أعلن العقيد مصطفى ولد السالك تنحِّيه حيث عُين العقيد محمد محمود ولد أحمد لولي رئيساً بروتوكولياً، في حين أصبح المقدم محمد خونا ولد هيدالة رئيساً للحكومة -ورئيساً فعلياً كذلك- ليتنحَّى ولد لولي بعد قرابة سنة، ويخلو الجو لولد هيدالة مع نهاية ·1980 أقام العقيد ولد هيدالة نظام القبضة الحديدية، ليصطدم مع كثير من التيارات السياسية، متجهاً بسرعة لإنتاج نظام سياسي يبني عليه شرعية جديدة ومن ثم تهميش زملائه في انقلاب ·1978 حينها ظهر جهاز سياسي شبيه بالحزب الحاكم سمي بـ''هياكل تهذيب الجماهير''، وتم تنفيذ حكم الإعدام في اثنين من كبار أعضاء لجنة الإنقاذ السابقة هما العقيد محمد ولد عبدالقادر، والعقيد أحمد سالم ولد سيدي، مع ضباط آخرين، إثر فشل محاولة انقلابية دامية قاداها في 16 مارس1981 حين تسللا من الخارج بمفرزة مسلحة· وقد لعب العقيد معاوية ولد الطايع دوراً في إفشال انقلاب 16 مارس لأن الرئيس هيدالة كان خارج العاصمة· ولذا كوفئ ولد الطايع بتعيينه رئيساً للوزراء وقائداً للأركان، قبل أن تسوء علاقاته مع هيدالة بعد ذلك بسنتين، فرده قائداً للأركان فقط، وسحب منه حقيبة الوزارة الأولى· وبدأت الشقة تتسع بين الرجلين على خلفية ما قيل إنها مضايقات وتقليص لأدوار الطايع ضمن المنظومة العسكرية الحاكمة· وصادف تذمر هذا الأخير نهاية 1984 امتعاضاً في باريس أيضاً من هيدالة، وغضباً في الرباط منه، خاصة أن مواقفه التي فسرت على أنها تخلٍّ واضح عن سياسة الحياد الموريتاني في نزاع الصحراء، وانحياز لـ''البوليساريو''، التي تجمع هيدالة مع العديد من قادتها أواصر القبيلة والانتماء الجهوي· وفي 12 ديسمبر1984 كان هيدالة جالساً على مقعد موريتانيا في القمة الفرانكوفونية بالعاصمة البوروندية، حين نبهه أحد أعضاء وفده إلى أنه لم يعد يمثل موريتانيا، بعدما أعلنت الإذاعة الوطنية ''البيان رقم واحد'' بعزله· كان قائد الانقلاب ولد الطايع، مع تردد إشاعات قوية عن دور لباريس في تدبير الانقلاب· ومع أن فترة حكم ولد الطايع استمرت لأكثر من 20 سنة، إلا أنها لم تمر هي أيضاً دون أن تشهد الكثير من الانقلابات العسكرية الفاشلة، ابتداءً من انقلاب دبره ضباط زنوج من حركة ''فلام'' الانفصالية، في 22 اكتوبر،1987 مروراً بانقلابات أخرى في 1988 و1989 على أيدي ضباط ذوي ميول قومية عربية، وانتهاء بانقلابين آخرين دبرهما الضباط الزنوج مرة أخرى في 1990 و·1991 في تلك الأثناء خلع العقيد الطايع بزته العسكرية وأعلن عن إنشاء ''الحزب الجمهوري'' تماشياً مع موجة ''دمقرطة'' عرفتها دول غرب أفريقيا، لينتخب بعد ذلك رئيساً عدة مرات، في انتخابات شكلية· ومع حلول سنة 2000 عادت آلية ''البيان رقم واحد'' للظهور حين اتهم الرائد صالح ولد حننا وضباط آخرون بتدبير انقلاب على الرئيس الطايع، فأوقفوا وسرِّحوا من الجيش· وعادت هذه المجموعة في 8 يونيو ،2003 لتسيطر على كتيبة الدروع المتمركزة في العاصمة منفذة بدباباتها انقلاباً خاطفاً سيطرت فيه على جميع المواقع الحساسة في المدينة، ولكن عدم التمكن من النفاذ إلى وسائل الإعلام، بفعل ما قيل إنها مساعدة لوجستية خارجية تلقاها الطايع، حال دون نجاح الانقلاب· وكان هذا أكثر انقلاب دموية في تاريخ موريتانيا· وفي أغسطس من السنة التالية كرر ولد حننا، الذي فر خارج البلاد بعد فشل انقلاب 8 يونيو،2003 محاولة انقلابية أخرى اعتقل قبل تنفيذها بوقت يسير· في فجر 3 أغسطس،2008 قاد العقيد اعلي ولد محمد فال، ومجموعة من كبار الضباط، انقلابا ناجحا ليلجأ ولد الطايع إلى غامبيا، ثم إلى قطر، حيث ما زال يعيش· وقاد العقيد اعلي نظام حكم انتقالياً مدة سنة ونصف تقريباً، نظم خلالها انتخابات رئاسية تعددية، انتهت بتولي سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله رئاسة الجمهورية· أزمة ختو وحزب عادل واجه سيدي ولد الشيخ عبدالله عند دخوله القصر الرمادي أزمة سياسية حادة تأسست على واقع عدم انتمائه إلى أي إطار سياسي ضمن الأطر القائمة، كونه ترشح للرئاسة ''مستقلاً''· وبقدر ما بدت شرعية الانتخابات التي فاز فيها مقبولة في الخارج فإنها ألقت على كاهله استحقاق الوفاء بما قطع من التزامات خلال حملته الانتخابية، خاصة للجهات التي وقفت وراءه، والتي ضمت خليطاً من القوى السياسية المقربة من نظام ولد الطايع، وعرفت بالمبادرات ''المستقلة''، و''كتلة الميثاق''· وكانت أول خطوة اتخذها ولد الشيخ عبدالله هي تعيين منافسه -الثالث في ترتيب الرئاسيات- الزين ولد زيدان على رأس الحكومة، والرابع مسعود ولد بلخير على رأس البرلمان· وقد ضمن بذلك هدنة مؤقتة، لكنها انهارت بفعل التجاذب حول ما قيل إنه قصور كبير في أداء حكومة ولد زيدان، التي أقيلت مؤخرا، وعُين يحيى ولد الواقف على رأس الحكومة بعد أن كان وزيراً أميناً عاماً برئاسة الجمهورية· وأعلن ولد الواقف عن تحويل المبادرات ''المستقلة'' إلى حزب سياسي داعم لبرنامج الرئيس، سمي حزب ''عادل''· ومنذ ظهور هذا الحزب بدأ العد العكسي لعهد ولد الشيخ عبدالله، الذي يحظر الدستور الموريتاني عليه الانتماء لأي حزب· فقد بدأت العلاقات تسوء بينه وبين كبار قادة المؤسسة العسكرية، بقيادة العميد محمد ولد عبدالعزيز قائد الحرس الرئاسي، والعميد محمد ولد الشيخ محمد أحمد المعروف بولد الغزواني قائد الأركان· وتزامن هذا مع الصراع الحاد بين المجموعات المشكلة للحزب، حيث طالب أكبر أجنحتها بحجب الثقة عن الحكومة، مع معركة أخرى شخصية على هامش المعركة السياسية، بين زوجة الرئيس ختو بنت البخاري وقادة مبادرة حجب الثقة في البرلمان، الذين اتهموها بالفساد، وطالبوا بفتح تحقيق حول مصدر ممتلكات ''هيئة ختو للأعمال الخيرية'' التي تحمل اسمها، وردت السيدة الأولى بهجوم لاذع في مدريد قبل أسبوع وصفت فيه نواب حجب الثقة بالخداع والكذب· وترددت شائعات عن تردٍّ بلغ نقطة اللاعودة بين الرئيس والسيدة الأولى وبين قادة المؤسسة العسكرية، خاصة أن هؤلاء هم من يعتقد أنهم أوصلوا الاثنين إلى القصر الرمادي أصلاً على خلفية مزيج من علاقات التحالف السياسي، والقرابة أيضاً· وبحلول الاثنين الماضي، أعلن نواب كتلة حجب الثقة، انسحابهم نهائياً من حزب ''عادل'' التابع لولد الشيخ عبدالله· وتسارعت الأحداث بشكل دراماتيكي بعد ذلك، حتى فجر أمس الأربعاء 6 أغسطس، حين أعلن ولد الشيخ عبدالله في بيان مفاجئ إقالة الجنرالين عبدالعزيز والغزواني، وآخرين، وهو القرار الذي استبقا تنفيذه بإذاعة ''البيان رقم واحد'' مجدداً، معلنين عن انقلاب عسكري وتشكيل مجلس للدولة بزعامة العميد محمد ولد عبدالعزيز·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©