الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشراكة عبر الهادي.. اليابان الأهم

3 ابريل 2015 22:04
أقمت الحجة من قبل على أهمية اتفاق الشراكة عبر الهادي للمصدرين الأميركيين والمصالح الجيوسياسية الأميركية. لكن ماذا عن مصالح العمال؟ أحد الانتقادات الشائعة ضد التجارة الحرة هو أنها تجبر العمال الأميركيين على المنافسة مع عمال في بلدان بها معايير للعمل وحماية البيئة أكثر تراخياً. وهذا يجبر العمال الأميركيين على «السباق إلى القاع» مما يدفع أجورهم إلى الانخفاض لتعويض ظروف العمل ولوائح حماية البيئة الأميركية الأفضل. لكن هذا لا يثير القلق كثيراً في الشراكة عبر الهادي. لماذا؟ لأن الكثير من الدول الموقعة على الاتفاق غنية وبها معايير قوية لحماية حقوق العمال والبيئة. واليابان هي أهم دولة في الاتفاق وهي تتمتع بقوانين عمل وحماية للبيئة أشد صرامة من الولايات المتحدة. وأهمية اليابان للاقتصاد الأميركي توازي أهمية باقي دول الشراكة عبر الهادي مجتمعة. وعندما يتعلق الأمر بالمنافسة مع العمال اليابانيين، فليس لدى العمال الأميركيين ما يخشونه إلا قليلاً. ورغم اشتهار عمال اليابان بقضائهم ساعات عمل إضافية مطولة دون أجر، فالواقع أنهم أصبحوا في العقود القليلة الماضية يعملون ساعات أقل بكثير ولا يكادون يتقدمون إلا قليلا على العمال الأميركيين. ومع انضواء نحو نصف عمال اليابان ضمن النظام الصارم للتوظيف معاشات التقاعد أصبحت كلفة العمالة مرتفعة جداً هناك. وتوظيف العمال وإقالتهم تشتهر بصعوبتها في اليابان. والنظام البيئي الياباني يشبه نظيره الأميركي والدول الغنية الأخرى رغم فضيحة حادثة فوكوشيما النووية. باختصار، اليابان لن تؤدي إلى سباق إلى القاع. وأهمية اليابان للشراكة عبر الهادي سبب مهم لدعم الاتفاق. وهنا نعود إلى الاعتبار الجيوسياسي. فاليابان حليف مهم للغاية للولايات المتحدة ونقطة ارتكاز لسياسة إدارة أوباما الخاص بمحور آسيا وهذا الأخير تعبير مخفف لمحاولة تحقيق توازن أمام النفوذ الصيني في المنطقة التي أصبحت سريعا مركز الاقتصاد الدولي. وتفعيل الشراكة عبر الهادي يُظهر لليابان ولحلفائنا الآخرين في شرق آسيا أن الولايات المتحدة ملتزمة بالحفاظ على النظام الاقتصادي الليبرالي المعمول به بعد الحرب العالمية الثانية. وحماية وتوسيع التجارة الدولية كان دوما واحدا من نقاط الترويج الأميركية المهمة باعتبارها قوة هيمنة دولية طيبة. وفشل منظمة التجارة العالمية في إبرام أي اتفاقات تجارية كبيرة أظهر أن قوة وقيادة الولايات المتحدة لم تعد كافية لتحقيق التجارة الحرة على مستوى العالم. وفشل اتفاق الشراكة عبر الهادي سوف يبين أن الولايات المتحدة لم يعد لديها الإرادة للمضي بها قدما حتى على المستوى الإقليمي. وأيضا يمثل اتفاق الشراكة عبر الهادي أفضل مساعدة تستطيع الولايات المتحدة تقديمها لحليف حيوي يستطيع تقديم كل مساعدة ممكنة. واليابان بهرمها السكاني العجوز وثقافتها العامة الجامدة بحاجة ماسة إلى زيادة الإنتاجية. والشراكة عبر الهادي تدعم الإنتاجية بإجبار قطاعات تتمتع بالحماية مثل الزراعة على المنافسة في الأسواق العالمية. وهذا سيدعم في المقابل الجهود الأخرى في الإصلاح التي تضطلع بها إدارة شينزو آبي مثل السعي لإصلاح استخدام الأراضي والتخلص من المزارع الصغيرة غير المنتجة. والسعي لزيادة الإنتاج صعب دوما ويثير قلق المصالح العميقة. والمنافسة الأجنبية من خلال الشراكة عبر الهادي ستكون من الأدوات المهمة التي يستطيع بها آبي دفع اليابان لتغيير وسائلها. ويواجه «آبي» معارضة قوية من جماعات الضغط الزراعية المحلية التي تتمتع بقوة في اليابان أكبر حتى من الولايات المتحدة. والمناطق الريفية صاحبة ثقل كبير في النظام الانتخابي الياباني مما يمنح المزارعين نفوذا هائلا. وهناك التصاق عاطفي عميق بالطريقة التقليدية للحياة الريفية اليابانية رغم أن هذا النمط لم يعد له صلة بالاقتصاد العالمي. والأمن القومي وبخاصة علاقة اليابان بالولايات المتحدة هو أقوى حجج «آبي» في التصدي لقوى المقاومة الداخلية هذه. وبعبارة أخرى إذا لم نقر اتفاق الشراكة عبر الهادي فلن تتحقق بعض إصلاحات «آبي» وربما الزخم السياسي الذي يتمتع به مجمل مسعى إدارته الإصلاحات. ولذا، فإذا وضعنا الشراكة عبر الهادي في إطار اتفاق تجارة بين اليابان والولايات المتحدة لتبدد الكثير من الاعتراضات ولظهر الكثير من الأسباب الجديدة لدعم الاتفاق. وبدلا من التنازل للشركات متعددة الجنسية على حساب العمال الأميركيين، ستبدو الشراكة عبر الهادي كما لو أنها عنصر حاسم لشراكتنا مع أقرب وأكبر حليف للولايات المتحدة في أهم منطقة في العالم. نوح سميث * * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «بلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©