البحث عن مصدر رزق في غزة في ظل الحصار والفقر المتزايد يوما بعد يوم هو مثل البحث عن إبرة في كومة قش، ولكن محمد أبو عبيد لم يبحث عن رزقه في كومة القش هذه، بل بحث عنه في حوض من السمك. وأبو عبيد شاب عادي يحلم ويفكر ويستخدم الشبكة العنكبوتية، يجول ويصول فيها، ويبحث عن الغرائب حتى استرعى انتباهه ذات يوم فكرة جديدة يستخدمها شباب أجانب حيث يقومون بتربية السمك في أحواض كبيرة فوق أسطح بيوتهم، فقرر أن يقلدهم، ويفعل مثلهم.
ويطلق على مشروع تربية السمك في أحواض كبيرة داخل البيوت والشقق السكنية مصطلح « أكوا بونيك»، وقرر أبو عبيد أن يدخل هذا المشروع إلى غزة، وقد بحث وسأل وجاب في أنحاء القطاع بحثا عمن يساعده في تنفيذ هذا المشروع ولكن لم يجد أحدا بإمكانه أن يساعده، فلا أحد يعلم عن طريقة تربية السمك هذه، فقرر أن يعود ثانية إلى شبكته العنكبوتية، يبحث من خلالها، وينفذ مشروعه الصغير.
حوض السمك
عن مشروعه يقول أبو عبيد المشروع إنه عبارة عن دورة تكاملية في تربية الأسماك، مع زراعة بعض النباتات التي توضع في حصى صغيرة داخل الأحواض وليس في الرمل أو في التربة الطينية. وحوض السمك عبارة عن حوض من السمك مبني من الأسمنت، ويبنى أعلى منه حوض آخر يوضع فيه بعض الأواني الصغيرة والعلب المفتوحة من الأسفل بفتحات صغيرة للتهوية، لكي تخرج منها جذور النباتات، وهنالك مضخة للماء تسحب الماء من حوض السمك إلى أحواض النباتات في الأعلى، ومن ثم تعود هذه المياه بعد أن ينقيها النبات من المواد الضارة بالسمك، والتي تفيد في تسميده وتعود عن طريق ماسورة مياه إلى حوض السمك وهكذا، وهذه الطريقة لها الكثير من الفوائد منها تنقية المياه دوما ولا يكون هناك داع لتجديد مياه السمك يوميا بل كل فترة طويلة لأن النبات يجدد هذه المياه للسمك، وأيضا بجانب النباتات التي يستطيع بيعها والإنتاج منها فليس كل النباتات تزرع بهذه الطريقة بل تزرع النباتات مثل الخس والجرجير والبندورة والخيار والفجل والبقدونس والفراولة أيضا. وبالنسبة لطريقة وضع السمك في أحواض من الأسمنت، يقول أبوعبيد إنها ليست بالطريقة السهلة فهنالك الكثير من الأمور يجب مراعاتها مثل عدم تسرب المياه إلى المنزل، ولضمان ذلك ابتكر أبوعبيد مادة شمعية وضعها في الحوض لتمنع تسرب المياه إلى سقف المنزل.
الأنواع المتوافرة
حول أنواع السمك الموجودة في الحوض، يقول أبوعبيد:«لدي نوعان الشبوط والبلطي وهي أنواع للأكل، وطبعا يوجد الكثير من الأنواع التي أرغب في إحضارها وأضمها إلى مسمكتي لكنها ليست موجودة في غزة»، لافتا إلى أن السمك الموجود في الحوض سيصبح جاهزاً للأكل بعد ستة أشهر أو ثمانية حيث يصبح وزن السمكة الواحدة 350جراما. ويتمنى أبوعبيد أن يضم إلى مسمكته سمك البوري والذي قد يصل حجمه إلى كيلو ونصف، ونوع آخر من السمك هو البنجاسيوس وهو صالح للأكل أيضاً.
ويشير أبوعبيد إلى أنه يوجد نوعان من العلف، ولكنهما غير متوفرين حاليا في غزة بسبب الحصار، ولحسن الحظ فإن السمك لا يأكل كثيرا فكوب واحد للثمانين سمكة يكفيها يومياً لأن الحبة منه تكبر في المياه فعندما تأكلها السمكة تنفش في بطنها مثل حبة الفشار. لكن في حال عدم توفر هذا النوع من العلف فهو يقوم بإعداد نوع معين من الطعام بنفسه وهو عبارة عن خبز مع سبانخ وديدان بحرية وسمك مجفف، حيث يقوم بخلطها بعد تجفيفها وإطعامها للسمك. أما عن تجديد مياه الحوض فالمولد الذي يقوم بفلترة الماء لا يجدد الماء كليا لذا فعليه أن يقوم باستبدال ما يقارب الخمسين لترا من المياه يوميا، مشيرا إلى أنه بصدد تركيب مولد فلترة يعالج المياه بيولوجياً، فيأخذها وينقيها ويعيدها للحوض بالتدريج.
عدد اليوم
