أقامت إدارة مهرجان الشرق الأوسط السينمائي صباح أمس في الخيمة، في إطار البرامج الخاصة، ندوة اختصاصية عن حفظ التراث السينمائي قدّمها باولو كيركي أوساي حيث قدمه المدير التنفيذي للمهرجان بيتر سكارليت لجمهور متخصص من ضيوف وسينمائيي المهرجان.
في هذه الندوة رأى الإيطالي أوساي أن التطور السريع الذي أحدثته التقنية الرقمية في متابعة العمل السينمائي قد أحدثت ثورة موازية في حفظ الأفلام وأرشفتها، قللت كثيرا من تكلفة عملية الحفظ التقليدية لكنها أقل أمانا من وجهة نظره في الوقت الذي تفتقد فيه دول كثيرة من العالم وخاصة في الدول العربية إلى هيئات وطنية لحفظ التراث السينمائي.
وشبّه أوساي في ندوته التقنية الرقمية بالقوة النووية لجهة استخدامها الذي قد يكون مدمّرا أو مفيدا في هذا المجال. وعن الاستخدام الرقمي للأفلام مقارنة بأي تقنية مشاهدة أخرى مقارنة بأي شكل فني آخر، رأى جانب من الحضور أن الرقمية قد دمّرت بشكل أو بآخر إمكانية الوصول إلى بعض الفنون الأخرى، كالذهاب إلى المتاحف مثلا لمتابعة معرض تشكيلي كلاسيكي أو حديث.
وفي رأي أوساي أن هذا الأمر ليس هو المشكلة في حد ذاته، ذلك أن الرقمية تفكر على نحو مختلف بطريقة صفر واحد صفر واحد.. إلخ، أي أنها صيغة مختلفة من المتابعة عما كان معهودا سابقا، لكنها نوع آخر تماما مثلما أن التفاح نوع آخر من الفاكهة مختلف عن البرتقال، مؤكدا أنه شاهد أفلاما أعدت رقميا وبوسعه أن يقدمها وان يتعامل معها بوصفها أفلاما رقمية.
لكن المشكلة كما حددها أوساي تتحدد في المحتوى والمضمون الرقميين كما يفهمهما الشباب ويفهمون روعتهما عبر الانترنت مشيرا إلى أن هذا الأمر هو شكل محسّن من الرأسمالية الذي يكرهه كما يكرهها أكثر من أي شكل اقتصادي اجتماعي آخر مؤكدا أن وصفه هذا لا يتصل بالسياسة بل بالجماليات، لأن الصيغة الرقمية لا تبقى إلى الأبد بل هي مرتبطة بمنطق التصنيع لدى شركات تصنيع أجهزة الكمبيوتر الكبرى التي من غير الممكن أن تقوم بتصنيع أجهزة كمبيوتر ذات عمر افتراضي يصل إلى مائة عام مثلا.
ثم اختتم الحديث بالعودة إلى ضرورة التأكيد على أنه من الممكن الاستفادة من الرقمية في تطوير آليات حفظ التراث السينمائي في أي مكان في العالم خصوصا وان الكثيرين من السينمائيين لا يأبهون إلى أعمالهم بعد فراغهم من صناعتها الأمر الذي دعا المحاضر باولو كيركي أوساي إلى ضرورة تجاوزه والتعامل مع مسألة الحفظ من منطلقات فلسفية تقوم على أن السينما ليست فن اللحظة.
عدد اليوم
