الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العام السادس نقطة التحول إلى عالم الكبار

العام السادس نقطة التحول إلى عالم الكبار
6 يونيو 2010 21:01
عندما ينتهي العام السادس ينتهي بالتدريج تقليد الطفل للكبار. ينتهي الطفل من قيادة دراجته على أساس أنها طائرة.. وينتهي تعامله مع خرطوم المياه على أنه خرطوم عربة المطافئ. وينتهي تقليد الأم بالنسبة للابنة وتقليدها لكلماتها وحركاتها. إن الطفل في العام السادس يبدأ في الاهتمام بما حوله. لقد كان من قبل يهتم بنفسه وبوالديه أما منذ العام السادس فهو يستطيع أن يعرف الأرقام ويبلغ من الذكاء الدرجة التي يمكن عندها أن يستوعب الأشياء المعنوية. كان قبل العام السادس محصوراً فيما يخصه. يعرف عدد ملابسه ويعرف الحروف التي تكوّن اسمه واسم أبيه وأمه. ولكن هذا لا يعني أنه قادر على أن يعرف ما هو خارج نطاق أسرته. إنه بعد العام السادس يستطيع أن يفهم الرموز ويتصور الخرائط وكيف تسير الآلة وكيف يزرع القمح أو البصل وكيف نشأت الكرة الأرضية ولماذا هي كروية الشكل. وعندما نرى ساعات الطفل مليئة بالشغف الجديد والشوق إلى المعرفة نجده يبدأ في التقليل من تقليد الأب ويحاول على قدر الإمكان أن يكون مثل أصدقائه الذين في مثل عمره. نجد الابن يتمرد على طريقة قص الشعر التي يقترحها الأب، ويحاول أن يكون له ذوق خاص في اختيار ملابسه. فالابن قبل عمر السادسة يفرح بالملابس الجديدة التي يختارها له والداه، لكنه بعد العام السادس يريد أن يختار لنفسه ملابسه الخاصة. والأم التي تشتري ملابس على ذوقها لابنها الذي في الثامنة من العمر قد تتعرض للنقد الشديد. الطفل بعد العام السادس، يؤمن أن هناك اختلافاً جوهرياً بين أسلوب الكبار في اختيار الأشياء وأسلوب الصغار. إنه يريد أن يختار كل ما يخصه بأسلوبه الخاص. وتلاحظ الأسرة أيضاً أن الابن لم يعد يهوى لعبة تقليد الكبار من أفراد الأسرة أو الأقارب ويتجه إلى الألعاب الاجتماعية.. مثل لعبة العساكر واللصوص.. ومثل لعبة التغمية.. ومثل اللعب بالكرة والسباحة ونط الحبل. ويلاحظ الآباء والأمهات بمزيد من الأسى أن أخلاق الابن تميل إلى الفساد. إنه دائماً يسبب التوتر ويخرج من البيت دون أن يغلق الباب وعندما يدق جرس الباب فهو يرفض أن يفتحه ويتباطأ في تنفيذ طلبات الأسرة، ولا يعلق ملابسه عندما يعود من المدرسة، ولايمسح حذاءه وقد يضع اصبعه في أنفه وقد يحك رأسه أثناء الطعام ويده متسخة، وقد يقاوم غسيل يديه قبل الأكل أو بعده. ويتكلم بصوت عال، ويلاحظ أنه يتصرف بروح من العناد. وعندما يبدأ أحد الوالدين معاقبته على خطأ ارتكبه يتمادى في تصوير أنه مظلوم ويعلن بالصوت العالي أنه يعيش مضطهداً في هذا المنزل. يفعل كل ذلك وهو يعرف أنه يخطئ ولكنه يحاول دائماً أن يتحدى وأن يفعل ما يغيظ الأهل ليعلن أنه كائن موجود مستقل له إرادة غير إرادة الكبار. وعندما يشعر الابن أن والديه يعارضان هذا الأسلوب من العناد والخروج عن القواعد، ويشعر أنه لا مفر من الرضوخ لآرائهما فإنه يقاوم حتى اللحظة الأخيرة من الكذب الأبيض. وتنعكس هذه الحقيقة على الارتباط العاطفي بالأبوين، فالولد لا يجب أن يعامله كطفل صغير. لا يسعده أن يقبله أحد أو أن يحتضنه أبوه أمام الآخرين ويصبح الابن انساناً ساخراً من العلاقة العاطفية القديمة التي كان يتحدث عنها وبطلتها أمه. ونجده يعلن بالصوت العالي عن أسماء صديقاته من البنات اللاتي في مثل عمره. لكنه عندما يبلغ العاشرة فهو يبتعد تماماً عن الجنس الآخر ويرى أن “البنات” نوع غريب من المخلوقات التي لا ذكاء لها. وعندما يشاهد الواحد منهم عناقاً حاراً على شاشة التلفزيون أو السينما، فإنه يسخر منه بعنف. وتبقى علاقة الولد بأمه مكبوتة، فالأعوام الأولى من حياته كانت مليئة بالمصاعب نتيجة هذه العلاقة. ورحلة التعلق بالأم بين العام الثالث والسادس كلفته الكثير من المنافسة مع الإنسان القوي القادر، وهو الأب الذي يحبه ويخشى أن يكتشف مشاعره. وكثيراً ما تعذب الطفل داخلياً نتيجة هذه المنافسة، لهذا فهو يخاف في هذه الفترة من المنافسة التي لا جدوى منها، ويعامل الولد أمه معاملة مختلفة باردة. صحيح أنه لا يفقد حبه لها، لكن هذا الحب يصبح بلا اشتعال تماماً كما يحدث لنا عندما نحب أغنية عاطفية أثناء علاقة عاطفية لكن هذه العلاقة تتدمر وتصبح ذكرى مؤلمة. فهو يضع نهاية للارتباط العاطفي الساذج الذي كانت بطلته الأم. ويعاملها كإنسانة يستريح لها وتناقشه وتحمل له النصيحة، دون أن يدخل في لعبة المنافسة. إن رحلة عشق الأم ثم التدريب على ضبط العواطف، هي تعبير عن كل مجالات النمو، لأن الإنسان يختلف عن الحيوان في قدرته على ضبط العواطف وتطويرها، وزيادة نوعيتها وترقية وسائل التعبير عنها. فالطفل بدأ في حب أمه خلال العام الثالث لأنه يقلد الأب. لكنه يكبت ذلك ليؤهل نفسه كي يكون كبيراً ناضجاً مثل الأب، وقادراً على أن تكون له قصته الخاصة. ويقابل هذا الكبت لحب الأم تحول آخر من علاقة الابن بأبيه، فبعد أن كان الابن يرضخ للأب ويخاف منه ويعتبره المثل الأعلى، يبدأ أيضاً في التمرد على هذا الخوف، وهذا المثل الأعلى ويحاول أن يكون نداً له وصاحب كيان خاص. وعندما يتقبل الأب هذه الصداقة الجديدة، فإنه يتيح للابن فرصة كبيرة للنمو. وتقفل الفتاة في هذه الفترة من العمر باب العواطف المفتوح على مصراعيه ناحية أبيها. وذلك حتى تستطيع أن تخلص من المنافسة مع أمها، وتحاول أن تتقرب من الأم لتتعرف منها على أسرار الأنوثة وتطل خارج حدود الأسرة. يحدث هذا بهدوء ودون ضجيج. إن البنت تتجه إلى الرقة.. والرقة هي أولى خطوات الأنوثة إنها تصادق الأم، وتصادق الأب وتحاول أن تخلق عالمها الخاص، وتستمر علاقاتها بالأسرة لينة سهلة، على الأقل أكثر ليونة وسهولة من علاقة الفتى بالأسرة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©