السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ووماد 2011»

«ووماد 2011»
8 ابريل 2011 20:04
شهد كورنيش أبوظبي، أمس الأول، انطلاق مهرجان «ووماد أبوظبي 2011»، لتلوذ به فرق موسيقية متنوعة الاتجاهات وصولاً إلى فضاء الالتقاء بالجمهور. وستصدح الألحان في سماء أبوظبي على مدار ثلاثة أيام جالبة الفرح إلى سكانها وزوارها انسجاماً مع أجواء الربيع. وفي أولى أمسيات «ووماد»، احتشد نحو 20 ألف زائر، للاستمتاع بفعاليات فنية متنوعة تتنقل بين المسرحين الجنوبي والشمالي، إضافة إلى مسرح أقيم في داخل خيمة نصبت على رمال الشاطئ. وزخر برنامج اليوم الأول للمهرجان، الذي تنظمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، بتوليفة فنية شرقية وغربية جعلت منه بوتقة غنية يغرف منها الحضور البهجة والمتعة. إلى ذلك، قال عبدالله العامري، مدير إدارة الثقافة والفنون في «هيئة أبوظبي للثقافة والتراث» إن «ووماد أبوظبي» يمثل منصة مثالية لتلاقي الحضارات، وتخطي الحواجز الثقافية والاجتماعية بين الشعوب، مشيراً إلى أن الإقبال الكبير الذي شهدته فعاليات اليوم الأول يؤكد أن الإمارات باتت نموذجاً للتعايش بين الثقافات والحضارات، فيما قال كريس سميث، مدير «ووماد» إن العروض الفنية والموسيقية، التي أقيمت في اليوم الافتتاحي تركت أثراً إيجابياً يؤكّد النجاح الكبير الذي سيحققه المهرجان. وكانت انطلاقة المهرجان مع عرض فني تفاعلي جمع طلاب مدرسة محلية انتظموا في ورش عمل مع فرقة «ذا دول فاونديشن»، التي استقطبت الجمهور وأثارت حماسه، خصوصاً مع الرقصات والحركات الفنية التي قدمها أفراد الفرقة على دقات عصيهم وطبولهم. هشام أحناش (أبوظبي) - مع دقات طبول انطلاق «ووماد»، وفي مُقابل خلفية حمراء مزينة بمصابيح مضيئة تُقسمها إلى 36 نافذة مستطيلة رأسية وكأنها فواصل ترسم حدود كل نافذة مع باقي نوافذ الطوابق الأربعة التي تُشكل ديكور المنصة، تسمر المئات من محبي الفنان الهندي رويستن آبيل وعاشقي موسيقى مانجانيار الفلكلورية قبل بدء العرض. منهم من افترش رمال الشاطئ، ومنهم من جلب معه كراسي محمولة نصبها على الرمل، ومنهم من فرش سجادات بلاستيكية وجلس هو وأفراد أسرته عليها، فيما امتلأت كراسي الحيز المخصص للعائلات عن آخرها. كان الواقفون أكثر من الجالسين، الكل واجم ينتظر ظهور “مهاراجا” منطقة “مانجانيار” في ولاية راجستان للفن الفلكلوي. يوجا فنية ما أن حان موعد العرض بالدقيقة والثانية حتى ظهر عازف على الكمان يرتدي قندورةً بيضاء ويعتمر عمامةً مزركشة الألوان جالساً في نافذة منبره الفني وكأنه يمارس اليوجا فلا يتحرك منه إلا يداه. موسيقى هادئة أقرب إلى الصوفية، انسجمت مع قرب انتصاف الليل وهدوء ماء البحر وأشعة الضوء الهادئة المنعكسة على سطحه. وما كاد يُنهي معزوفته الصوفية حتى يخرج مغن آخر من قمقم نافذة أخرى في نفس “المبنى” متشحاً بنفس البياض. ويظهر العازف الثالث لكنه يضيف إلى العزف غناءً بدأه بكلمات عن “الله مولانا” و”محمد رسول الله” وكلمات بلغة المارباري، ثم ينضم إليه مغنون وعازفون آخرون بنفس الزي ونفس الشوارب الطويلة، أدوا مقاطع غنائية شبيهة بالمواويل التي اشتهرت بها صحراء “طهار” الهندية، طويلة بطول محيطها وواسعة الآفاق. وبدأت الستائر تُسدل عن العازفين الواحد تلو الآخر إلى أن وصل عدد العازفين إلى سبعة، فخرج المخرج وبطل هذا العرض البصري التراثي الممتع رويستن آبيل وهو يحيي الجمهور برقصة خفيفة، كان الوحيد الذي لا يعتمر عمامةً، ثم توجه إلى العازفين والمغنين وكأنه مايسترو أوركسترا. وانضم الطبل الأسطواني إلى الكمان، فتسارع الإيقاع وتسارع معه توزيع الإضاءة وبدا أكثر جاذبيةً وإبداعاً في انتقاله من الخفوت إلى الوهج، ومن الإضاءة البيضاء إلى الصفراء. وفجأةً يخرج صاحب الطبل الدائري الكبير ليكون أول عازف يظهر في وضعية وقوف، وتُضاء غالبية نوافذ المبنى بما فيها نوافذ الطابق الرابع/ العلوي، وينضم عازف آخر يستخدم الناي والمزمار ويوزع أنفاسه عليهما بالتناوب في آن واحد بينما الجمهور منذهل ويتابع بإعجاب هذه الوصلة الفنية. نفخ وطقطقة تميز عرض المغنين والعازفين الـ36 بتجانُس فقراته، فكل واحد منهم يبدو بعزفه كأنه يروي قصةً أو حكاية، فالإيقاع يتباطأ ويتسارع بانسجام وتوازُن عجيب، وتبدأ أصابع الفنان رويستن آبيل في تحريك آلة الطقطقة المعدنية، فيحييه الجمهور بطقطقات الأصابع وتصفيقات الأكف وبالتصفير المعبر عن الإعجاب. وينضم إليه أحد العازفين الذي يستخدم ثلاثة أصابع من يده يضعها على فمه ويُصدر نبرات صوتية طبيعية فريدة من نوعها فقط عن طريق النفخ وتحريك الأصابع، ويتحول العرض لوهلة من جماعي إلى ثنائي بطلاه نافخ ومُطقطق. تتوالى إيقاعات العرض الموسيقي والبصري وتواصل إبهار الجمهور، فيطل عازفون آخرون بمزاميرهم ليُمتعوا الجمهور بمعزوفات شعبية تراثية ويطل بعدهم عازفان من نافذة مزدوجة لأول مرة وتتواصل الفرجة. هذا اللعب الإخراجي بين المفرد والمزدوج والجماعي لم يكن يخلو من دلالة، وكذلك ترتيب استخدام أدوات العزف، فرويستن أبى إلا أن يخرج عرضاً موسيقياً بصرياً يؤرخ لتاريخ الموسيقى في منطقة “مانجانيار”، فيبدأ بأحدث الآلات الموسيقية المستخدمة فيها (الكمان) وينتهي إلى الأقدم منها (المزمار)، مروراً بالطبل والنفخ والطقطقة، وهو ما يبين أن حرص “المانيجاريين” على تناقل موسيقاهم وتوارُث أغانيهم الفلكلورية من جيل إلى جيل هو ما جعلهم حماةً لتاريخ صحراء طهار وحفظةً لتراثها على مر العصور. تراث لم يبقه رويستر جامداً، بل أدخل عليه ما استجد من آلات وما تطور من نغمات تعكس الحراك الاجتماعي والنشاط اليومي لراجستان وشجون العصر الحالي، وعرضها بشكل تمثيلي جذاب يمزج بين الموسيقى والغناء والتمثيل، ويسخرها لإمتاع الجمهور وتحبيبه في الإبداع المسرحي. حرب وسلام عزف أعضاء فرقة الفنان رويستر آبيل وغنوا دون انقطاع أو استراحة لمدة ساعة كاملة، امتزج فيها قرع الطبول الصاخب بعزف الكمان الحاني، وتداخلت فيها إيقاعات الناي مع المزمار، والنفخ مع الطقطقة. اكتمل المشهد وأضيئت جميع نوافذ المبنى المسرحي، وظهر مُطبلان اثنان يقرعان نفس الطبل، أحدهما بكفي يديه والآخر بعودين رقيقين، يضربان جريد الطبل بشدة ويسكت باقي العازفين ويفسحان المجال للطبل ليعلن بضرباته المتسارعة بشدة قرب انتهاء العرض، وليصف من جهة أخرى ما توالى من أحداث متسارعة في منطقة مانجانيار وما عصف برمال صحراء طُهار من حروب ومعارك وفترات حرب وسلم، وشدة ورخاء. ثم يتباطأ الإيقاع وتُنار أضواء كافة نوافذ المبنى ويُختم العرض بعزف وغناء جميع العازفين والمغنين وأيضاً “المايسترو” ومخرج هذا العرض البصري التمثيلي الموسيقي المبدع رويستن آبيل. مسيرة رويستن آبيل المهنية فنان تمثيلي هندي ولد في ولاية كيرالا جنوب الهند. درس في مدرسة “جوود شيبهورد” الدولية وفيها بدأ تعلم كتابة المسرحيات وإخراجها. التحق بكلية إدارة الأعمال تلبيةً لرغبة أبويه، لكنه كان لا يحب هذا التخصص، بل يتابع الدراسة فيه على مضض. وهو ما جعله يترك دراسة التجارة وإدارة الأعمال ويلتحق بمدرسة الدراما والفنون المسرحية ويخبر أبويه فقط بعد قبوله في المدرسة. تخرج من هذه المدرسة سنة 1994، ثم واصل تعلمه في مؤسسة “شكسبير الوطنية” في بريطانيا في نفس سنة تخرجه. عاد إلى الهند سنة 1995 وأسس مؤسسة “شكسبير الهندية”. وكانت نقطة التحول في مسار رويستن الفني عام 1999، وذلك حين أخرج مسرحية “أوتيلو” و”أبيض وأسود” وفاز بهما بجائزة “سكوتسمان فرينج” لتكونا طريقه إلى الشهرة خارج الهند، فانهالت عليه العروض وبدأ يجوب دولاً عديدةً حول العالم منذ ذلك الحين. لفتت أعماله فنانين من إيطاليا، فدعوه لإخراج مسرحية “فيليني إن ريميني”، وفي السنة ذاتها أخرج مسرحية “روح أن فرانك” في الهند التي شارك فيها أشهر ممثلو الهند. بدأ مؤخراً في العمل مع الموسيقيين الذين يحولون الموسيقى إلى أعمال مسرحية، ومن بين هذه الأعمال “إغراء مانجانيار” الذي يُشارك فيه 50 موسيقياً من مانجانيار و100 ساحر وحاوي. ويعزم رويستن حالياً على إنشاء “المركز الدولي للفن الشعبي المعاصر” في مدينة جايسالمر بالهند المقرر افتتاحه سنة 2012. كما يُحضر حالياً العرض التمثيلي الموسيقي “حرب كانجانيار” الذي يُفسر أدوار شخصية “المهاباراتا” عبر الموسيقى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©