السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«منطقة اليورو» ماتزال تعاني تحت وطأة «أزمة الديون»

«منطقة اليورو» ماتزال تعاني تحت وطأة «أزمة الديون»
6 يونيو 2010 22:08
تدخل أوروبا مرحلة تقشف جديدة وسط صيحات من الغضب واستنكار لما يجري على الساحة. وفي ظل تطبيق الحكومات في مختلف نواحي القارة لمعدلات خفض غير مسبوقة لعدة عقود، تشهد اليونان بوصفها مركز الداء، مظاهرات عنيفة واضرابات عامة. وتتنامى المخاوف الآن، من أن يستشري ما يجري في اليونان في جسد أوروبا عموماً. وبتهديد اتحادات العمال في إسبانيا بالخروج في مظاهرات عارمة، فإن الصدمة كبيرة في بلدان خرجت من جحيم الفقر لنعيم الغنى، في نمو استمر لعدة عقود دون توقف منذ الحرب العالمية الثانية، وتمتعت بالفوائد المادية نتيجة عضويتها في الاتحاد الأوروبي. وبينما نجد ارتفاع أسعار الوقود، والتقاعد عند سن 65 عاماً، واقتناء السيارات الصغيرة، ظواهر غير مألوفة وتقشفية في اليونان، فإنها غير ذلك في الجزء الشمالي من القارة. وفي النهاية كانت أسواق المال، وليس صرامة زعماء “منطقة اليورو” الألمانيين، هي التي كشفت ضعف اليونان، وإسبانيا، والبرتغال، وكذلك التي أدت لكشف النقاب عن الحزمة الإسعافية بنحو 750 مليار يورو. وتأتي المساعدات محبوكة بخيوط من الاتحاد الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، وأميركا، وذلك بعد سنتين من بذخ الإنفاق المالي الذي تلى الأزمة المالية في 2008 وجعل الحياة أكثر سهولة خلال وقت الكساد، وبعد أن أرغمت الحكومات على خفض ميزانياتها بنسب كبيرة. وتواجه اليونان ومنذ أن بدأت مساعدات الاتحاد الأوروبي تتدفق في ثمانينات القرن الماضي، تدنياً مريعاً في المستوى المعيشي، مع الاتجاه لخفض الاقتصاد 4% هذه السنة، وبنسبة 2,6% أخرى في العام المقبل. وتفاجأ العاملون في القطاع العام بالخطوات القاسية التي اتخذتها الحكومة اليونانية بخفضها نسبة 12% من أجور الخدمة المدنية، وتخفيض المعاشات، وفقدان الوظائف في القطاع العام. كما اتخذت الحكومات الإسبانية خطوات مشابهة لكنها ربما تكون أقل حدة، حيث سيتم خفض أجور الخدمة المدنية 5% كجزء من الخطة المستهدفة للقضاء على العجز المالي. وفي شمال القارة نجد الشعب الألماني وبوصفه شعب دؤوب على العمل، مدرك للمفاضلة الدائمة بين الخدمات والضرائب. ويفضل العديد من أفراد الشعب دفع زيادة في الضرائب، بدلاً من قفل مرفق من مرافق الخدمات كحوض سباحة أو روضة من رياض الأطفال. أما فرنسا. فتأخذ في الامتداد شمالاً وجنوباً حيث من المحتمل أن تواجه موجة من الاحتجاجات خلال الثلاث سنوات التي يتوقف فيها برنامج الإنفاق الحكومي. وفي شمال غرب أوروبا، تعتبر المملكة المتحدة، وأيرلندا من أكثر الأمم الأوروبية تبذيراً، حيث زاد حجم الفقاعات في القطاعين المالي والسكني بصورة غير مستدامة وذلك قبيل انهيار ليهمان بروذرس. وفي دبلن، بدأ يظهر الامتعاض من التقليصات الحادة التي قصد بها إعادة النظام للموارد المالية العامة. كما اقترحت الحكومتان السابقة والحالية في بريطانيا ضرورة القيام بتخفيضات كبيرة في الإنفاق العام، لكن لم تطرح هذه الاقتراحات في الحملة الانتخابية الأخيرة وظلت تفاصيلها سرية. ومن الصعب التكهن بقبول بريطانيا لمصيرها خاصة إذا علمنا أن خفض 500 مليون جنيه استرليني من الإنفاق الجامعي، جلب موجة من الاحتجاجات. والتبذير في جنوب القارة ليس بالضرورة كما يصفه البعض، حيث بدأ الإيطاليون يشعرون بالضغوط الناتجة عن الاقتصاد في الانفاق، بالرغم من أن كلمة “تقشف” لم تدخل قاموس السياسة الإيطالية بعد، وخلال الخمس سنوات الماضية نجحت الحكومتان في الإبقاء على عجز الميزانية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، تحت السيطرة. وفي البرتغال استجاب الشعب البرتغالي وبفطرته الاقتصادية المحافظة لمعايير التقشف الصارمة عبر الادخارات، ليضع في أولوياته تسديد أقساط الرهونات العقارية، وحماية وظائفه. والبلاد مؤهلة للعودة للتعافي أكثر من مواجهة الاحتجاجات والمظاهرات. كما ارتفعت إدخارات القطاع الخاص، وبقيت عجوزات الرهونات العقارية منخفضة كما هي. ومع ذلك، وبعد عقد شهدت فيه البرتغال أدنى نسبة نمو في منطقة اليورو، فقد يواجه الشعب سنوات أخرى من التقشف. وربما ينطبق ذات الشيء على بقية دول “منطقة اليورو”، حيث على كل دولة في المنطقة اتخاذ التدابير اللازمة ما استطاعت - بدءاً بملاحقة غش الضرائب في إسبانيا، واليونان، إلى تخفيض فوائد الأطفال في ايرلندا، والتحكم في الإنفاق العام في جميع الدول تقريباً، وذلك لتحقيق نسبة 3% المستهدفة من عجز الميزانية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي في غضون الثلاث إلى أربع سنوات القادمة. ويكمن الخطر في أن رد فعل أوروبا وهي مطاردة بقوى الأسواق، جاء متأخراً جداً، وأن هذه الجرعات التقشفية الكبيرة ستخمد جذوة النمو الاقتصادي الجديد مما يفاقم مشاكل الميزانيات في المستقبل. عن «فاينانشيال تايمز»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©