الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: حب الوطن فطرة بشرية أقرها الإسلام بالاستخلاف في الأرض

العلماء: حب الوطن فطرة بشرية أقرها الإسلام بالاستخلاف في الأرض
4 ابريل 2013 20:14
حب الوطن فطرة بشرية أقرها الإسلام، وجعله من أسس بناء المجتمعات، وسبيلاً للعمل الصالح، وفعل الخيرات، وزيادة التماسك، وأن حب الوطن لا ينبغي أن يقف عند المشاعر والعواطف، بل لا بد أن يترجم إلى سلوك صالح نافع للفرد والمجتمع. وأوضح علماء الدين أن الإسلام جعل بناء الوطن من مقتضيات الاستخلاف في الأرض وإعمارها، فكل إنسان مستخلف ومطالب بالبناء على قدر ما حباه الله من سعة وقدرة وعلم، ويمكن القيام بذلك الواجب في مجالات شتى. الحفاظ على الممتلكات والمرافق العامة، والحرص على خيرات الوطن وثرواته، والحفاظ على البيئة بكل صورها، والكف عن الإسراف أو إهدار موارد الوطن، وإتقان العمل النافع المفيد، كلها جوانب تصب في مجال حب الوطن، حيث أوضح مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة أن حب الوطن فطرة بشرية أقرها الإسلام، وجعلها من أسس بناء المجتمعات، وقد جبل الإنسان بفطرته على حب الوطن والشعور بالانتماء إليه، ويشترك في هذا جميع الناس على تنوع أعراقهم واختلاف مشاربهم، وعندما جاء الإسلام دين الفطرة والإنسانية لم يقف في وجه هذا الميل الطبيعي، بل أقر ذلك ودعا إليه، وجعله سبيلاً للعمل الصالح، وفعل الخيرات وزيادة التماسك بين أبناء الوطن الواحد، وضرب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أعظم الأمثال في بيان ذلك حين خرج من مكة مهاجراً، فالتفت إليها وأعرب عن شعوره الجياش نحوها، فقال: «ما أطيبك من بلد وأحبك إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك»، وكانت تلك الكلمات المفعمة بالانتماء تعبيراً صادقاً عن حبه صلى الله عليه وسلم لوطنه الذي نشأ فيه. إحساس بالمسؤولية وحول جوانب رعاية الإسلام للعاطفة الإنسانية، أشار إلى أهمية تعلق المرء بوطنه وحبه له، شريطة ألا يكون ذلك الشعور مجرد عاطفة غامرة، أو مشاعر جياشة فحسب، بل لا بد أن يصاحبه إحساس بالمسؤولية وقيام بالواجبات، فالوعي بالمعنى الصحيح لمفهوم المواطنة يستدعي وقوف جميع أفراد الوطن الواحد على قدم المساواة في الحقوق والواجبات، فالنبي، صلى الله عليه وسلم، قرر في وثيقة المدينة أن جميع أبناء الدولة يد واحدة على من سواهم، يدفعون التهديد والعدوان عن أرضهم، ويتعاونون فيما بينهم لتحقيق مصالحهم، وحفظ دمائهم وحقوقهم وكرامتهم، فإذا فعلوا أصبح الوطن حصناً يحمي أبناءه، وغدت المواطنة حصانة للجميع، ولو نظرنا في تاريخ الحضارة الإسلامية على مر العصور لوجدنا الأمثال الصادقة على تحقق معنى المساواة في المواطنة بين أبناء الوطن الواحد، ولذلك كانت المساواة مطلباً إسلامياً، فبها يقوى الوطن ويتماسك المجتمع وتصان كرامة الفرد. نعم كبرى والوطن الذي نعم أبناؤه بالأمن والطمأنينة في أكنافه، وتقلبوا بين حناياه وجوانبه، ونمت أعوادهم من خيراته وثمراته، يحتم من وجهة نظر الدكتور علي جمعة، على كل فرد أن ينهض بواجباته تجاه وطنه، ومن أهم تلك الواجبات الأمن والبناء، فأما الأمن في الأوطان، فهو من النعم الكبرى التي منحها الله عباده وامتن عليهم بها، وقد حثنا رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، على أن نكون مصدر أمن وأمان، وسبيل طمأنينة وسلام، في كل زمان ومكان، فقال: «أفشوا السلام وأطعموا الطعام»، بل أمر أن يكف المسلم الأذى عن الناس وأن يسلم الناس من إساءته وأذاه، فقال، صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم»، وصفات المؤمن الصادق تستوجب منا أن نبتعد عن ترويع الآمنين وتخويف أبناء الوطن وغيرهم من المسالمين. أما الواجب الثاني الذي يتحتَّم على الجميع القيام به تجاه الوطن، فهو واجب البناء، فبناء الوطن من مقتضيات الاستخلاف في الأرض وإعمارها، قال تعالى: (هو أنشاكم من الأرض واستعمركم فيها)، فكل منا في موقعه مستخلف ومطالب بالبناء على قدر ما حباه الله من سعة وقدرة وعلم، ويمكن القيام بذلك الواجب في مجالات شتى، منها الحفاظ على الممتلكات والمرافق العامة، والحرص على خيرات الوطن وثرواته ومكتسباته، ومنها أيضاً الحفاظ على البيئة بكل صورها كإماطة الأذى عن الطريق، والكف عن الإسراف أو إهدار الموارد قلَّت أو كثرت، بل يتحقق بناء الوطن في أبسط صوره في إتقان العمل النافع المفيد. الدفاع عن الوطن وللوطن في أعناق أبنائه أمانة يجب عليهم أن يحافظوا عليها لأن حب الوطن من الإيمان، حيث أوضح رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء الدكتور أحمد عمر هاشم، أنه من واجب كل إنسان أن يحرص على حماية وطنه، وأن يدافع عنه ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وقد أوجب الإسلام الدفاع عن الأوطان، وشرع الجهاد في سبيل الله دفاعاً عن الدين والوطن والأرض والعرض، ومن قتل في سبيل الدفاع عن وطنه كان شهيداً في سبيل الله، ولا تقتصر حماية الأوطان والدفاع عنها على مواجهة العدوان ومقاومة الدخيل فحسب، بل إن من الواجب مناهضة كل فكر مغشوش، أو شائعات مغرضة أو محاولة استقطاب البعض لمصلحة بعض الأهواء المشبوهة. كما تشمل حماية الأوطان المحافظة على أسراره الداخلية، وعدم التعامل مع أعداء الوطن أو من يريدون به السوء، أو الذين ينفثون سمومهم في أجواء المجتمعات بغيا منهم وعدوانا. وأضاف: من الأوطان ما هو خاص، مثل وطن الإنسان الذي يعيش فيه وبلده الذي نشأ على ظهره، ودولته التي يحيا فيها، ومن الأوطان أيضاً ما هو عام مثل العروبة والإسلام فالعالم العربي، وطن كل إنسان عربي، والعالم الإسلامي وطن كل إنسان مسلم، ومن الأوطان الوطن الأعم، وهو الإنسانية جمعاء عرباً كانوا أو غير عرب، مسلمين كانوا أو غير مسلمين وفي كل نوع من أنواع الأوطان جاءت توجهات الإسلام واضحة جلية في حمايتها والدفاع عنها في كل وقت وحين، وفي كل حال من الأحوال، لأن الإسلام دين عالمي ودين الرحمة أرسل رسوله سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، رحمة للعالمين، كما قال رب العزة سبحانه وتعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). أمن الوطن وبين أن واجب أبناء الوطن أن يكونوا عيوناً ساهرة لحماية أمن الوطن، وأن يتضامنوا في درء أي خطر يتهددهم، وأن يتكاتفوا جميعاً عن بكرة أبيهم وبلا استثناء على درع كل من تسول له نفسه أن يجترئ على الوطن وأن يسعى بذمتهم أدناهم، وأن يكونوا يداً على من يسودهم، بغض النظر عن عقائدهم فيجب أن يتعاونوا فيها مسلمين وغير مسلمين، وأعظم صورة يقتدي بها في ذلك ما فعله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فور هجرته من مكة إلى المدينة، حيث بني المسجد توثيقاً للصلة بالله، وآخى بين المهاجرين والأنصار توثيقاً للصلة بين المسلمين، وأبرم صحيفة المدينة توثيقاً بين المسلمين وغير المسلمين دفاعاً عن الوطن، وحماية له من أي عدو يناوئه وأي خطر يتهدده، وأعطى بهذا نموذجاً من أرقى النماذج في الحفاظ على سلامة الوطن وأمنه واستقراره، ليقتدى به العالم كله بعد ذلك. أما بالنسبة للوطن العام، كما يرى الدكتور أحمد عمر هاشم، فهو العروبة والإسلام، فذلك، لأن كل عربي يجب أن يصون أمن أخيه العربي وأن كل مسلم يجب أن يحمي أخاه المسلم في أي مكان على ظهر المعمورة، لأن الجميع أخوة، كما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمي».
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©