الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثوار سوريا... دعم عسكري من سُنة العراق!

ثوار سوريا... دعم عسكري من سُنة العراق!
4 ابريل 2012
تقرير مثير للاهتمام، ولكنه غير مفاجئ، لشبكة "سي إن إن" الأميركية في العراق يتحدث عن تقديم قبيلة سنية الدعم للمقاتلين الثوار في سوريا، يعيد التذكير بالطرق التي يمكن أن تمتد بها الحرب الأهلية في سوريا وتتوسع، وبالحلفاء الغريبين الذين خلقهم عام من الاضطرابات والتغيير في المنطقة، حيث يتضمن تقرير الشبكة الإخبارية الأميركية مقابلة صحفية مع رجل قدم على أنه زعيم من قبيلة الدليم، التي تعتبر واحدة من أكبر القبائل في العراق ولها وجود أيضاً في كل من الأردن وسوريا والسعودية. وكان أعضاء هذه القبيلة السُنية قد شكلوا العمود الفقري للقتال ضد الاحتلال الأميركي في العراق وضد صعود الحكومة التي يهمين عليها الشيعة خلال ذروة الحرب في البلاد. وفي منتصف العقد الماضي، كانت الأسلحة والمقاتلون يتدفقون عبر الحدود السورية من أجل مساعدة المقاتلين السنة العراقيين، مدفوعين بخليط من الولاء القبلي والقناعات الدينية. أما اليوم، يقول شيخ هذه القبيلة لـ"سي. إن. إن"، فإن قبيلة الدليم العراقية ستقوم برد الجميل حيث قال: "لقد رأيتم جميعاً ما تقوم به الحكومة السورية. لقد حان الوقت كي نرد الدين... إنه واجبنا". أي ديْن؟ الشيخ يقـول إن الأعضاء السوريين لقبيلة الدليم جاءوا من أجل القتال إلى جانب العراقيين ضد الهجمات التي كانت تشنها قوات التحالف بزعامة الولايات المتحدة الأميركية على مدينة الفلوجة في 2004. ففي شهري أبريل ونوفمبر من ذاك العام، أسفر هجومان منفصلان على معقل المقاتلين السُنة عن مقتل نحو 90 من جنود الائتلاف، معظمهم أميركيون، إضافة إلى مقتل أكثر من 1500 من السكان والمقاتلين. الإصابات المدنية الناتجة عن الهجوم تظل غير واضحة، وإن كان موقع IraqBodyCount.org الإلكتروني، الذي يحصي ويسجل عدد قتلى الحرب المدنيين في العراق منذ الغـزو الأميركي في 2003، يقدر أن 600 مدني لقوا حتفهم في الهجوم الأول الذي استهدف المدينة القديمة المحاذية لنهر الفرات في شهر أبريل من ذاك العام. كما أن عشرات المنازل في المدينة تعرضت للتدمير، والأغلبية الساحقة من السكان المدنيين فروا في أواخر 2004، قبل أن يعودوا إلى المدينة لاحقاً. زعيم قبلية الدليم قال لشبكة "سي. إن. إن" إن العديد من المهارات التي تم تطويرها في قتال الولايات المتحدة يتم تصديرها حالياً إلى سوريا، مشيراً في هذا الإطار إلى أن الخبراء المتخصصين في صناعة العبوات الناسفة أُرسلوا إلى سوريا (يذكر هنا أن العبوات الناسفة كانت السبب الأول لمقتل الجنود الأميركيين خلال حرب العراق)، إضافة إلى 35 مدفعاً رشاشاً ثقيلًا، و"مئات"البنادق من نوع"إيه كي 47"، ونحو 30 مقاتلاً عراقياً. وقد تم إرسال معظم تلـك المساعـدات إلـى دير الزور، المحافظة السورية الشرقية التي تحد جزء كبير من محافظة الأنبار العراقية. هدف المقاتلين هو تنحيـة الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة. وهذا هو الهدف الحالي للولايات المتحدة، عدوهم القديم، حيث قالت وزيرة الخارجيـة الأميركية هيلاري كلينتـون للدول التي شاركـت في مؤتمر "أصدقـاء الشعب السوري" الذي عقد يوم الأحد الماضي في مدينة إسطنبول التركية إن "على الأسد أن يرحل"، وإن كانـت الولايـات المتحـدة لاتزال تعارض تدخلاً عسكرياً خارجياً في البلاد. فالسنة العراقيون مازالوا خائفين من النظـام الجديـد الـذي يهميـن عليـه الشيعـة، كمـا ينبغـي الأخـذ بعين الاعتبـار حقيقـة أن الداعم الخارجـي الرئيسـي للأسـد هـو إيـران الشيعية، التي تربطها أيضاً علاقات أوثق بكثير مـع الحكومة العراقية منذ إسقاط نظام صدام. وإذا شرعت أعداد كبيرة من السُنة العراقيين في القتال في سوريا، فإن المواهب القتالية ستنقل إلى جيل جديد، جيل سيعود إلى البلاد بتلك المهارات إذا نجا من الموت في القتال (ولنلاحظ هنا أن مقاتلاً في الحادية والعشرين من عمره اليوم كان يبلغ 12عاماً عندما قامت الولايات المتحدة بغزو العراق في 2003). ثم إن السعودية الغنية بالنفط، وهي ملكية سُنية محافظة، أخذت تؤكد على نحو متزايد على ضرورة مساعدة المعارضة السورية. والجدير بالذكر في هذا السياق أن السعودية تزعمت خلال الآونة الأخيرة مجموعة من بلدان الخليج العربي في إنشاء صندوق لمساعدة المقاتلين الثوار السوريين حالياً. وإذا قررت توفير مساعدة خفية من حيث الأسلحة، فإن طرق التهريب القديمة عبر الأنبار ستكون متاحة. ولكن ما هو موقف رئيس الوزراء العراقي الشيعي نوري المالكي من كل هذا؟ "إنهم يدعون إلى إرسال الأسلحة بدلاً من العمل على إخماد النار، ولكنهم سيسمعون صوتنا، فنحن ضد التسليح وضد التدخل الخارجي". هكذا قال المالكي لمؤتمر صحفي خلال عطلة نهاية الأسبوع (ناسياً ربما أن التدخل الخارجي هو الذي مكَّنه من الوصول إلى السلطة). ولكنه وجميع المعنيين الآخرين على حق في الشعور بالقلق والتوتر بشأن انتشار النزاع وتوسع رقعته. وفي الوقت الراهن، يتقاسم المقاتلون السُنة السابقون في العراق أهداف الولايات المتحدة نفسها عموماً، في حين أن الزعيم العراقي الذي ساعدت الولاياتُ المتحدة على تنصيبه يقف إلى صف إيران. دان مُرفي محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©