الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المهرجانات السينمائية.. هل تشكل خطوة نحو مشروع وحدة ثقافية عربية؟

المهرجانات السينمائية.. هل تشكل خطوة نحو مشروع وحدة ثقافية عربية؟
17 أكتوبر 2009 00:55
إذا أردنا التحدث عن المهرجانات السينمائية العربية فالحديث شائك وطويل ويحمل إشكالياته، وربما لا ينتهي لأنه موضوع قديم متجدد. لكن بالمجمل العام استطاعت هذه المهرجانات أن تنجح ولو جزئيا في تسجيل حضور لافت على المستوى الدولي وعلى مستوى ملامسة مشكلة السينمائيين العرب، وتقريب وجهات النظر بينهم ، خاصة أن مشكلة اللهجات في حوار الأفلام ما زالت عقبة قائمة في قضية التواصل بين الأفلام والجمهور. خلال السنوات الخمس الأخيرة أمكننا مسك الزمام ونحن نتحدث عن أهم الأفكار التي تطرحها أفلام المهرجانات. حينما نتحدث عن (جردة) لأسماء المهرجانات سنجد أن مصر البلد العربي العريق في صناعة السينما يتصدر هذه الخارطة من خلال مهرجانات القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية، ويلي ذلك في المغرب مهرجانا مراكش وتطوان، وفي الجزائر مهرجان وهران وفي تونس قرطاج وقليبية المخصص لأفلام الشباب، وفي الدوحة ومن جديد مهرجان تروبيكا ومهرجان الجزيرة للأفلام الوثائقية. على مستوى منطقة الخليج تعتز الإمارات بمهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي الذي يختتم أعماله اليوم إلى جانب مهرجان دبي السينمائي. وفي سلطنة عمان مهرجان عمان بمسقط العاصمة، وفي لبنان أيام بيروت السينمائية ومهرجان الأفلام الوثائقية. وأخيرا مهرجان دمشق السينمائي في سورية ومهرجان الأردن للفيلم القصير. مهرجان القاهرة نبدأ الحديث عن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي كونه يحتل المركز الثاني لأهم ثلاثة مهرجانات لعواصم العالم بحسب تقرير الاتحاد الدولي لجمعيات المنتجين السينمائيين عام 1990، فقد جاء بعد مهرجان لندن السينمائي ومهرجان استوكهولم. بدأ دورته الأولى في 6 أغسطس 1976 بجهود أعضاء الجمعية المصرية للكتاب والنقاد السينمائيين برئاسة كمال الملاخ، الذي نجح في إدارة المهرجان حتى عام 1983، ثم تشكلت لجنة من وزارة الثقافة ضمت أعضاء الجمعية واتحاد نقابات الفنانين للإشراف على إدارة المهرجان عام 1985، واحتل المسرحي الراحل سعد الدين وهبة رئاسته ومن بعده تناوب على رئاسته كل من حسين فهمي وشريف الشوباشي وقوفا عند رئيسه الحالي الممثل عزت أبو عوف. وكان الممثل العالمي عمر الشريف قد اعتذر عن تولي إدارة المهرجان لأسباب كثيرة. يضم المهرجان ثلاث مسابقات الرسمية الدولية والأفلام العربية ومسابقة أفلام الديجيتال ويمنح المهرجان جائزة الهرم الذهبي لأفضل فيلم بالإضافة إلى 8 جوائز موزعة على كافة جوانب صناعة الأفلام. من ميزات المهرجان تكريمه في كل دورة سينما دولة يتم اختيارها بعناية شديدة على نحو تكريمه للسينما الجزائرية هذا العام، وهو ما فعلته الدورة الحالية لمهرجان الشرق الأوسط في أبوظبي واحتفاؤها بالسينما التركية الحديثة من خلال 15 فيلما تصدرتها أفلام مثل «خريف وحليب» و»كتاب الصيف» وغيرها. مهرجان مراكش الحديث عن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش مختلف بعد أن أصبح واحدا من المهرجانات العالمية واهم مهرجان على مستوى دول البحر الأبيض المتوسط، وذلك لكبار السينمائيين الذين يحضرون ويكرمهم المهرجان وأيضا لاهتمامه الكبير بالسينما الأوروبية والهندية والعربية والأميركية وللعديد من الجوائز التي قدمت له كأحسن مهرجان كجائزة فلليني وجائزة روبير توروسيليني. سار المهرجان على خطى مهرجان القاهرة بتكريمه لإحدى الدول سينمائيا على نحو ما فعلته الدورة السادسة حينما كانت السينما الإيطالية هي ضيفة شرف المهرجان، في حين نال جائزة هذه الدورة الفيلم الالماني «دير روت كاكدو» أي «الببغاء الحمراء» لمخرجه دومنيك غراف ونال جائزة النجمة الذهبية. مهرجان أيام قرطاج السينمائية احتفى في دورته للعام الماضي بالسينما الشعبية والمناضلة بفيلم عربي مصري بعنوان «هي فوضى» للمخرج الراحل يوسف شاهين، بينما احتفت الدورة 21 منه بالروائي العالمي نجيب محفوظ حيث أهدت إدارة المهرجان فعاليات الدورة إلى روحه. يتميز المهرجان بعدد أفلامه التي بلغت في الدورة التي نتحدث عنها 228 فيلما عرضت في 13 قاعة في تونس وضواحيها وتنافس في مسابقتها الرسمية 15 فيلماً. عربيا استضاف المهرجان في حفل افتتاحه ممثلين عربا مثل صفاء أبو السعود وخالد أبو النجا وسلوم حداد من سورية، والمنتج طارق بن عمار من تونس. وعلى النحو الذي فعله مهرجان الشرق الأوسط في أبوظبي في افتتاحه بعرض «المسافر» لعمر الشريف، وجدنا أيام قرطاج تفتتح دورتها بفيلم «السكان الأصليون» لمخرجه الجزائري رشيد بوشارب. مهرجان دمشق يتحدى إشكالياته المؤسسة العامة للسينما هي جهة الإشراف على إنتاج الأفلام السورية، وعلى الرغم ما يثار عادة حول مسألة الإنتاج الحكومي للأفلام إلا أن مهرجان دمشق نجح في أن يقدم لنا جملة من النجاحات أهمها المحافظة على قيمة وموضوعية الفيلم وعدم وقوعه في فخاخ المنتجين اللاهثين وراء الربح المادي، كما صدر لنا مجموعة مهمة من المخرجين من بينهم سمير ذكري ونوال الدبس. ومن القطاع الخاص وجدنا حاتم علي الذي شارك في مهرجان الشرق الأوسط بفيلم بعنوان «الليل الطويل»، وهناك وليد حريب وأيهم عرسان وآخرون. مهرجان دمشق السينمائي فيه جوانب طيبة فيما يتعلق بلجنة التحكيم ففي دورته الرابعة عشرة مثلا استقطب كلا من بوسي وجمال سليمان ووليد إخلاصي ومن المغرب الباحث حمادي غيروم. أيام بيروت بلا جوائز أيام بيروت السينمائية لها إيقاعها الخاص، فدورته الخامسة العام الماضي تضمنت 60 فيلما ما بين روائي وقصير ووثائقي، وتنضم هذه الأيام إلى توجهات دمشق السينمائي باحتفائها بالسينما المحلية والعربية ففي افتتاحيتها كان الفيلم السوري القصير بعنوان «مونولوج» الحائز على الجائزة الفضية في مهرجان دمشق السينمائي من إخراج جود سعيد. في الجانب المحلي ورغم الإشكاليات الكثيرة المرتبطة بهذه السينما التي تعيش أزمة حقيقية في مجالات التمويل والإنتاج وتعتمد في حالات عديدة على الإنتاج المشترك وبخاصة مع فرنسا، فما زال هناك مخرجون يعملون مثل سيمون الهبر وجوانا حجي توما وخليل جريح وهاله عبد الله وغسان سلهب وابراهيم بطوط وغيرهم. المهرجان الذي تنظمه سنويا الجمعية الثقافية ببيروت وتأسست العام 1999 هو مهرجان غير تنافسي ولكنه نجح في إشاعة مناخ سينما المؤلفين العربية والمتميزة والمستقلة. الإمارات في مهرجان الأردن مهرجان الأردن للفيلم القصير ربما يكون هو البداية لاستكمال مشوار هذه السينما التي بدأت قديما ولكنها تتعثر على الدوام بمشكلة الميزانيات الضخمة التي تحتاجها صناعة الفيلم، لكن في المجال هناك أسماء سينمائية جيدة أكدت حضورها في المهرجانات العربية مثل أيام بيروت حيث حصدت المخرجة الأردنية جائزة مهمة عن فيلمها التسجيلي الطويل بعنوان «الذاكرة المثقوبة»، كما حصد المخرج أنس بلعاوي جائزة أخرى عن فيلمه القصير بعنوان «رب المنزل». المهرجان تنظمه تعاونية عمان للأفلام بإدارة المخرج حازم بيطار وتقام فعالياته في محترف رمال في إحدى ضواحي العاصمة الأردنية عمان وتعتبر جائزة مؤسسة عبد الحميد شومان من أرفع وأهم جوائز هذا المهرجان الذي اختتم دورته الرابعة مؤخرا والتي منحت الفيلم الإماراتي «بنت مريم؛ للمخرج سعيد المري هذه الجائزة، فيما منحت جائزة البتراء إلى الفيلم الإيراني SOLITUED لمخرجه ماهرداد شيخان كأحسن فيلم عالمي. هذا المهرجان على صغر حجمه إلا أنه مليء بالتفاصيل وحوار التجارب والاحتفاء بالسينما العربية ويعمل حثيثا للنهوض بالسينما الأردنية التي تملك طاقات فنية كبيرة. لسنا في موقع الحديث عن مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي في أبوظبي من حيث كونه صانعا للأفلام بقدر ما نود الحديث عنه كخطوة قادمة وقفزة في التأسيس لسينما المستقبل أو السينما الطليعية من خلال مسابقة أفلام من الإمارات وهي الآن الواجهة الحقيقية في عملية الإنتاج وصناعة الإفلام. لكن على صعيد آخر نستطيع القول إنه نجح عبر ثلاث دورات في أن يسجل له اسما على خارطة السينما العالمية. فقد استطاع في دورة هذا العام في أن يقدم لنا أهم الأفلام الحائزة على جوائز الأوسكار بجانب استضافة نجوم السينما في العالم مثل ديمي مور، كما نجح في أن يؤسس لمسابقات ستجعل من السينمائيين في وتيرة متسارعة من الحركة للعودة لدورات المهرجان القادمة بأفكار جديدة وربما تقنيات جديدة. وعلى سبيل المثال تم منح المخرجة السعودية هيفاء المنصور جائزة منحة الشاشة المخصصة لإبراز المواهب الصاعدة في السينما والتلفزيون في جميع أنحاء الشرق الأوسط والبالغة قيمتها مائة ألف دولار أميركي وذلك لتطوير السيناريو ودعم ومتابعة الفائز. وتم اختيار هيفاء عن قصتها «وجدة» لتحوز بذلك منحة الشاشة من ضمن خمسة مرشحين نهائيين شاركوا في مؤتمر «ذي سيركل» بهدف عرض مشاريعهم على لجنة التحكيم التي تضم شخصيات قيادية وخبراء في صناعة السينما. هذا إلى جانب نجاح المهرجان في جذب عدد كبير من مديري المهرجانات في العالم وحاز بذلك اعترافا دوليا بجودة الأداء وحسن التقاليد المهرجانية المعنية بالمواصفات والمقاييس فليس مهما ان تقيم مهرجان لكن المهم ان يكون عمله أصيلا. بالنظر إلى برامج المهرجان نجد أن الإيقاع الدولي فيها واضح بصورة كبيرة كما أنه يجمع الثقافات المحلية والإقليمية والعربية ويحظى باهتمام رسمي وإعلامي ولجان عاملة في كل مجالات السينما. لقد تحدثت أبوظبي بلغة الفن السابع حديثا له طعم خاص ولون قزح ممزوج بكل مظاهر الفرح والعطاء والفكر والثقافة وحوار التجارب والتظاهرات الصغيرة داخل تظاهرة قادتها هيئة أبوظبي للثقافة والفنون بكل الوعي الذي يحتاجه مهرجان من هذا القبيل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©