السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مياه «فوكوشيما»... معضلة نووية لليابان

مياه «فوكوشيما»... معضلة نووية لليابان
8 ابريل 2011 22:40
منذ قرابة أربعة أسابيع وفرق الإغاثة والإنقاذ اليابانية تقوم بصب المياه على المفاعلات النووية التي تعرضت لأضرار بمحطة "فوكوشيما دايتشي" للطاقة النووية بعد الزلزال القوي الذي ضرب اليابان الشهر الماضي، وذلك ضمن محاولة يائسة لتجنب كارثة انصهار كامل لقلب المفاعل. غير أن هذا الحل الارتجالي لكارثة نووية واحدة أخذ يولد كارثة أخرى اليوم: ماذا يفعلون بالملايين من جالونات المياه التي أصبحت ذات مستويات عالية من الإشعاع أثناء تسربها عبر المحطة. المياه التي تُستعمل من أجل تبريد المفاعلات وقضبان الوقود المخصب تتسرب عبر الشقوق والتصدعات داخل المحطة النووية، وترشح عبر الأنفاق والممرات إلى المستويات الدنيا، حيث تتراكم وتتحول إلى بحر عظيم من النفايات القاتلة. غير أنه لا أحد يعرف الطريقة المثلى للتخلص منها على نحو آمن. وفي هذا السياق، يقول روبرت ألفاريز، مساعد وزير الطاقة الأميركي السابق: "الواقع أننا لم نحاول القيام بشيء مثل هذا، وعلى هذا النطاق، من قبل". ويعتقد المسؤولون اليابانيون أن حوالي 15 مليون جالون من المياه الملوثة بإشعاعات مرتفعة قد تجمعت حتى الآن، هذا مع العلم بأن مئات الآلاف من جالونات المياه تتم إضافتها كل يوم، في وقت تواصل فيه الشركة المشغلة للمحطة، شركة طوكيو للكهرباء المعروفة اختصاراً بـ"تيبكو"، تبريد المفاعلات المتصدعة بهذه الطريقة. إلا أنه في نهاية المطاف، سيتعين تخزين ومعالجة وتصليب المواد ذات المستويات العالية من الإشعاع الموجودة في المياه، وهي مهمة يقول الخبراء إنها ينبغي أن تتم على مجمع صناعي مصمم خصيصاً لهذا الغرض، وذلك لأن عملية التطهير يمكن أن تستغرق عدة سنوات. أما كلفتها، فقد تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات. وفي هذا السياق، يقول فيكتور جلينسكي، العضو السابق في اللجنة المنظمة لقطاع الطاقة النووية، إن المشاكل التي تواجه اليابان اليوم أكبر حتى من تلك التي يطرحها أكثر موقع للأسلحة النووية تعرضاً للتلوث الإشعاعي في الولايات المتحدة، وهو محمية هانفورد النووية في ولاية واشنطن. ففي هانفورد، قررت وزارة الطاقة الأميركية إحالة ثمانية مفاعلات نووية إلى التقاعد، وتعتزم معالجة حوالي 58 مليون جالون من المياه المستعملة اليوم في خزانات تحت الأرض، كل ذلك بكلفة تتراوح بين 100 و130 مليار دولار، حسب التقديرات. لكن، وخلافـاً لمحطة فوكوشيما اليابانية، فإن أيا من مفاعلات هانفورد لم ينصهر، كما أن الموقع كله تقريباً مازال مفتوحاً أمام العمال الذين يستطيعون دخوله دون خشية خطر التعرض لمستويات خطيرة من الإشعاعات. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول جلينسكي: "إنها ستكون مهمة كبيرة، أكبر من هانفورد". لكن المشكلة الفورية التي تواجه اليابانيين هي تلك المتعلقة بكيفية تخزين المياه الملوثة إلى أن تصبح المفاعلات وأحواض الوقود المخصب تحت السيطرة، وذلك نظراً لأن الخزانات باتت ممتلئة تقريباً. ومن أجل كسب بعض المجال في الخزانات، قامت شركة "تيبكو" بالإفراج عن نحو مليوني جالون من المياه الأقل تعرضاً للإشعاعات في المحيط هذا الأسبوع، حيث تتوقع الشركة أن تذوب العناصر المشعة وتتلاشى في المحيط الشاسع. ويذكر هنا أن القانون الدولي يحظر على اليابان إلقاء المياه الملوثة بالإشعاعات في المحيط في حال كانت ثمة حلول تقنية متاحة في المستقبل. لذلك، فإن شركة تيبكو تعمل حاليا على دراسة استقدام سفن وخزانات ضخمة عائمة تستطيع حمل حوالي 2.5 مليون جالون من المياه. كما تفيد بعض التقارير بأن اليابان طلبت من روسيا إرسال محطة عائمة لمعالجة الإشعاعات تسمى "سوزوران" كانت قد استُعملت لإحالة غواصات نووية روسية في ميناء فلاديفوستوك على المحيط الهادي إلى التقاعد. والجدير بالذكر هنا أن "سوزوران" بُنيت في اليابان قبل نحو عشر سنوات. غير أن عاملاً يمكن أن يزيد من تعقيد المشكلة، ألا وهو وجود مادة التريتيوم، أو الماء الثقيل الذي ينتج خلال الانشطار. فهذه المادة لا يمكن أن تعزل من الماء، وتتطلب بدلاً من ذلك عملية معالجة باهظة للغاية. وفي هذا الإطار، يقول جونهونج آن، خبير النفايات النووية بجامعة كاليفورنيا بركلي: "إذا كان لدى المياه الملوثة بالإشعاعات مستوى مرتفع نسبياً من التريتيوم، فعملية المعالجة تكون أكثر تعقيداً". والواقع أن محطات الطاقة النووية تتوفر عادة على أنظمة لتطهير مادة التريتيوم في الموقع، غير أن حالة نظام فوكوشيما وقدرته غير معروفتين. ويرى يوويتشي إينوكيدا، المتخصص في الهندسة النووية بجامعة ناجويا في اليابان؛ وإدوارد مورس، أستاذ الهندسة النووية بجامعة كاليفورنيا بركلي، أنه إذا أمكن تركيز الماء، فسيكون بالإمكان تحويله إلى شكل جاف أو حتى إلى زجاج، مثلما هو مخطط له في هانفورد ومواقع ملوثة أخرى عبر العالم. غير أن هذه العملية باهظة وتتطلب منشأة صناعية متخصصة. أما البديل -معالجة النفايات في مكان آخر في اليابان- فمن المرجح أن يكون مثيراً للجدل حيث يقول إينوكيدا: "إن الصيادين سيحتجون على ذلك، وهذا أمر لا مفر منه". ويرى مورس أن فوكوشيما تواجه ستة أشهر على الأقل من العمليات الطارئة لإرساء الاستقرار بالمحطة، وعامين تقريباً من المعالجة، وما بين عامين و30 عاماً من عمليات التطهير الواسعة. وعلاوة على ذلك، فالمستويات العالية من تلوث الأرضية في الموقع بدأت تثير المخاوف بشأن العاملين في الموقع خلال العقود المقبلة. وحسب الخبراء، فإن عملية التطهير ستتطلب عمل مئات، بل آلاف العمال لسنوات أو عقود قبل أن تكتمل! دولي ماكينن - طوكيو رالف فارتابيديان - لوس أنجلوس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©