الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما وتجاوز الانقسام الحزبي

أوباما وتجاوز الانقسام الحزبي
10 أغسطس 2008 00:24
مع اقتراب موعد مؤتمر ''الحزب الديمقراطي''، فإن الرهان المؤكد هو أن شبكات التلفزة، سوف تعيدنا مرة أخرى إلى أواخر شهر يوليو ،2004 وتعرض علينا مقتطفات من خطاب أوباما الذي ألقاه في مؤتمر الحزب الديمقراطي في ذلك العام والذي أحدث تأثيراً صاعقاً على المستمعين وعليّ أنا شخصياً وجعل من أوباما نجماً سياسياً· مع ذلك، هناك سؤال ظل يلح على ذهني في الآونة الأخيرة، وهو: ترى ما الذي حدث لأوباما الذي عرفناه؟ وما الذي حدث لعدو الحزبية المتطرفة، والمبشر بالوحدة الوطنية؟ قد يكون من المفيد في هذا السياق استعادة بعض ما قاله أوباما في ذلك الخطاب: ''الآن، وفي الوقت الذي أخاطبكم فيه، هناك من يسعى الى تقسيمنا من مسؤولي الدعاية وباعة الإعلانات السلبية، ممن يتبنون سياسة تقول إن كل شيء يمكن أن يمر· حسناً إنني أقول لهم الليلة إنه ليست هناك أميركا ليبرالية وأخرى محافظة وإنما هناك ولايات متحدة أميركية· وأقول لهم أيضاً ليست هناك أميركا سوداء وأخرى بيضاء وثالثة للاتين ورابعة للآسيويين، وإنما هناك ولايات متحدة أميركية''· وأتبع أوباما خطابه الحماسي المؤثر هذا، بعبارات منتقاة جيداً، كان يهدف من ورائها إلى زعزعة الصورة السلبية التي يحملها الديمقراطيون والجمهوريون عن بعضهم البعض· رغم أن ذلك الخطاب قد احتوى على عناصر أخرى مثل مقتطفات من سيرته الذاتية، واهتمام بالعمال في دائرته (لا ننسى أنه كان يسعى إلى الترشح لمجلس الشيوخ آنذاك)، ووعود بما سيقوم به إذا ما تم انتخابه··· إلا أن تلك الكلمات بالذات كان لها تأثير كبير لأنها لامست موضوعاً أثيراً لدى العديد من الأميركيين من مختلف المشارب، وهو تشوقهم إلى الحد من الاستقطاب والانقسامات السياسية، وهو ما ساعد على دفع باراك أوباما إلى الصفوف الأولى من السياسيين في الحزب الديمقراطي· لكن دعوني أطرح سؤالاً محدداً: هل سمعتم ''أوباما'' يقول شيئاً مثل هذا مؤخراً؟ الاحتمال الأكبر أنكم لم تسمعوه، لأن تلك اللغة الداعية إلى مرحلة جديدة يمكن لنا أن نطلق عليها مرحلة ''تجاوز الانقسام الحزبي''، تبدو الآن وكأنها قد اختفت تماماً من خطابات أوباما· ففي كلمته التي ألقاها قبل جولة قام بها إلى الخارج الشهر الماضي، ذكر أوباما عدداً من الخطوات التي كان يجب على الولايات المتحدة القيام بها بعد الحادي عشر من سبتمبر، وأولها في رأيه تلك الخاصة بالقبض على ''ابن لادن''، لكنه عندما وصل في حديثه إلى النقطة الخاصة بتحديد الأولويات الوطنية، أخفق بوضوح في التعبير عن ندمه لأن أميركا، وبدلاً من توحيد صفوفها عقب تلك الهجمات، انقسمت أكثر وفقاً لخطوط تقسيم حزبية، على أيدي رجال إدارة استخدموا الوطنية كهراوة أيديولوجية· منذ فترة، سألت ''ديفيد أكسلرود''، كبير الاستراتيجيين في حملة أوباما، عما تبقى من سياسة ''ما بعد الحزبية'' التي بشر بها المرشح الديمقراطي، فكان رده: ''حسناً، أعتقد أنه لا يزال يتحدث عنها، كما أعتقد أنها ستكون الموضوع الرئيسي لمؤتمر الحزب القادم''· ربما يكون الأمر كذلك بالفعل، لكنني لا زلت أعتقد أن ''أوباما'' سيفقد فرصة كبيرة، إذا لم يستخدم مؤتمر الحزب لإعادة التأكيد على هذا الموضوع مجدداً، وتذكير الأميركيين بأن فكرة أميركا الموحدة لا تزال فكرة جيدة للغاية· هناك في رأيي أربع نظريات يمكن أن تفسر السبب الذي حدا بأوباما إلى نقل موضوع ''تجاوز الانقسام الحزبي'' إلى شعلة الموقد الخلفية: النظرية الأولى: أنه لا يستطيع التركيز على أكثر من موضوع رئيسي واحد في المرة الواحدة· النظرية الثانية: أن فكرة تجاوز الانقسام الحزبي هي فكرة بالغة التجريد· النظرية الثالثة: أن فريق أوباما ربما يكون قد أصبح مقتنعاً بأنه قد وفّى ذلك الموضوع حقه، وأنه لم يعد هناك المزيد مما يمكن عمله بشأنه، خصوصاً بعد أن أدى ذلك الموضوع المطلوب منه، وهو جعل مرشحهم مشهوراً· النظرية الرابعة: أن موضوع تجاوز الانقسام الحزبي ربما يكون قد أصبح الآن أقل جاذبية وإثارة للأصداء عما كان عليه عام ·2004 ويمكن، بالإضافة إلى ما سبق، أن نجد من يقول إن أوباما قد انتقل من مرحلة الحديث عن موضوع تجاوز الانقسام الحزبي إلى تطبيقه فعلياً· التجلي الأكثر وضوحاً وجلاءً لذلك يتبين في تلك العلاقة الوثيقة التي أقامها أوباما مؤخراً مع السيناتور المتقاعد ''تشك هاجل'' (جمهوري- نبراسكا) الذي رافق أوباما في الرحلة التي قام بها مؤخراً للعراق، والذي أظهر الكثير من المؤشرات الدالة على أنه سيقوم بدعم أوباما· وفي رأيي أن تأييد هاجل لأوباما سيكون له تأثير ملموس على دفع موضوع تجاوز الانقسام الحزبي قُدماً للأمام، بأفضل مما يمكن أن تفعله أي خطب يلقيها المرشح الديمقراطي حول هذا الموضوع، خصوصاً إذا ما انضم إلى هاجل سياسيون آخرون، أظهروا في مناسبات مختلفة استعداداً لدعم أوباما، مثل وزير الخارجية السابق ''كولن باول''، وسيناتور رود أيلاند الجمهوري سابقاً والمستقل حالياً، ''لينكولن شافي''، و''سوزان ايزنهاور'' حفيدة الرئيس الأميركي الرابع والثلاثين ''دوايت أيزنهاور''، وغيرهم· رغم الفائدة التي يمكن لأوباما الحصول عليها من خلال تأييد هذه الشخصيات، فإنني أفضل أن يعود هو بنفسه إلى موضوع تجاوز الانقسام الحزبي، وأميركا الواحدة، لأن هذا الموضوع في رأيي من الموضوعات التي يمكن أن تساهم في فوزه بالانتخابات، كما أنه أيضاً موضوع جوهري يستحق الاهتمام والتطبيق، إذا ما تم انتخابه رئيساً· إن التغطية التلفزيونية في مؤتمر الحزب الديمقراطي القادم، سوف تُذكر الجمهور بخطاب أوباما الصاعق في مؤتمر عام ،2004 وعليه هو أن يقوم بدوره، ويذكر هذا الجمهور بالجوهر الذي جعل ذلك الخطاب يحقق كل هذا النجاح، ويحدث فيهم ما أحدثه من تأثير قوي في المقام الأول· مايكل توماسكي رئيس تحرير موقع جارديان أميركا ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©