أبوظبي(الاتحاد)
اتخذ معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا خطوة متقدمة على طريق تعزيز ريادته في أبحاث الجرافين بالإمارات عبر المشاركة في ثلاثة مشاريع بحثية مبتكرة مع جامعة مانشستر تتمحور حول استكشاف مادة الجرافين الفريدة وتوظيفها في تطوير حلول وتطبيقات تخدم القطاعات الرئيسة في الدولة مثل الطاقة والدفاع والطيران.
وأبرم معهد مصدر شراكة بحثية مهمة مع جامعة مانشستر تهدف إلى التركيز على أبحاث الجرافين والمواد ثنائية الأبعاد ذات الصلة لتطوير مُركبات وأجهزة استشعار وأغشية تخدم أسواق الطيران والدفاع والطاقة. وتم بموجب الاتفاقية إطلاق ثلاثة مشاريع بحثية مشتركة في مجال الجرافين مؤخراً بهدف الاستفادة من خواص المواد المتقدمة في تطوير ابتكارات مهمة لصالح القطاعات عالية التقنية في الإمارات.
ويركز أحد هذه المشاريع على تطوير مواد رغوية جديدة قوامها مادة الجرافين وذات كثافة منخفضة، وذلك بغرض الاستفادة منها في العديد من التطبيقات الهندسية. واعتماداً على الطباعة ثلاثية الأبعاد، سوف يسعى المشروع إلى تشكيل تركيبة المادة الرغوية المفترضة وفق درجات سماكة مختلفة واختبارها ضمن التطبيقات المقترحة.
ويقود المشروع الذي يمتد على مدى أربعة أعوام كل من الدكتور راشد أبو الروب، أستاذ مشارك في الهندسة الميكانيكية؛ والدكتور أحمد الجابري، أستاذ مساعد في هندسة وإدارة النظم، من جهة معهد مصدر، إلى جانب أستاذ علوم المواد الدكتور برايان ديربي، والمحاضرة في المواد الهيكلية الدكتورة سويلين بارج، من جهة جامعة مانشستر.
ويمتاز الجرافين ببنية مؤلفة من طبقة من ذرات الكربون ذات بنية سداسية شبيهة ببيوت النحل المتراصة مما يمنحها عدة خواص فيزيائية وإلكتروميكانيكية.
ويقال إن الجرافين هو المادة الأكثر قساوة في العالم، وأن الإلكترونات تتحرك ضمنها بسرعة فائقة لتبدوا وكأنها عديمة الكتلة لتصبح مادة تتسم بالقدرة على خلق ثورة حقيقية وخلق تحولات محورية في العديد من المجالات أهمها مجال الإلكترونيات والحوسبة وغيرها.
وقال الدكتور الجابري في معرض شرحه عن المشروع البحثي: «ينطوي المشروع على فرصة كبيرة للانتقال بالجرافين من مادة ثنائية الأبعاد إلى مادة ثلاثية الأبعاد من خلال تطوير هياكل تتيح التوصل إلى مكونات خفيفة الوزن للغاية مع تأثير طفيف على قوتها. فكما هو معروف، تتميز مادة الجرافين بالقوة والخفة الكبيرتين في آن واحد وإذا ما تمكنا من تطوير عناصر ثلاثية الأبعاد بنفس السمات فإن من شأن ذلك الإسهام بشكل كبير في دعم العديد من المجالات الهامة كالطيران والذكاء الاصطناعي». وأضاف: «نجاح جهودنا يعني التمكن من صناعة جزء كبير من هيكل الطائرة من مواد لها نفس متانة المواد التقليدية لكنها أخف وزناً بكثير. كما يمكن أن يسهم هذا المشروع في تعزيز إنتاج الجرافين، لا سيما وأننا نبحث عن أفضل السبل للاستفادة من الجرافين في تحقيق النتائج المرجوة».
ندرة المياه
ويبحث المشروع الثاني المشترك بين الجامعتين في تطوير تقنية تساعد الإمارات في مواجهة التحديات التي يفرضها واقع ندرة المياه.
ويقود المشروع من جهة معهد مصدر كل من الدكتورة ليندا زو أستاذ في الهندسة الكيميائية والبيئية، والدكتور أحمد حجاج أستاذ مساعد في الهندسة الكيميائية، ويهدف إلى دمج رقاقات نانوية من الجرافين ضمن أغشية تبادل الشوارد المستخدمة في تقنيات تحلية ومعالجة المياه لإنتاج مياه عذبة، وذلك للاستفادة من الخصائص الكهروكيميائية للجرافين في تعزيز عملية تبادل الشوارد. ويشارك في المشروع من جامعة مانشستر الدكتور جيورجي سيكيلي، محاضر في الهندسة الكيميائية في كلية الهندسة الكيميائية والعلوم التحليلية؛ وبيتر باد، أستاذ في كلية الكيمياء.
وتقول الدكتورة زو: «في ضوء الزيادة المتسارعة في الطلب على المياه العذبة في دولة الإمارات والعديد من المناطق الأخرى حول العالم، باتت هناك حاجة إلى اتباع نهج أكثر تنوعاً لتحقيق الأمن المائي، كاللجوء إلى التقنيات المتطورة في تحلية المياه ومعالجة المياه العادمة».
وأضافت «تلعب أغشية تبادل الشوارد دوراً مهماً ضمن تقنيات التحلية الناشئة، لكن في المقابل فإن النظم الحالية تعاني تدني خاصية التوصيل الكهربائي، الأمر الذي ينجم عنه زيادة في استهلاك الطاقة. وإننا نسعى من خلال هذا المشروع البحثي إلى إجراء دراسة منهجية وتطوير أغشية جرافين لتبادل الشوارد ذات الكفاءة الأعلى».
وتعتبر المياه من القطاعات الرئيسة التي تستهدفها الاستراتيجية الوطنية للابتكار، إذ يكتسب هذا القطاع أهمية كبيرة نظراً لشح موارد المياه العذبة في دولة الإمارات.
مواد مثالية
وتنطوي المواد الكربونية النانوية مثل الجرافين والأنابيب الكربونية النانوية ومشتقاتها، على خصائص فيزيائية فريدة تشمل القوة الفائقة، والمرونة، والمقاومة الحرارية، والتوصيل الحراري، والاستقرار الكيميائي، ما يجعل منها مواداً مثالية للاستخدام ضمن بيئات قاسية.
وقال جيمس بيكر مدير قسم تسويق الجرافين بجامعة مانشستر إن مادة الجرافين تنطوي على إمكانات هائلة يمكن الاستفادة منها في تطبيقات تخدم عدداً كبيراً من القطاعات، معرباً عن سروره بالتعاون مع معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا في هذه المجالات البحثية الهامة.
وأوضح أن جامعة مانشستر تضم أكثر من 235 باحثاً في مجال الجرافين والمواد ثنائية الأبعاد وسيكون أمام العديد منهم الفرصة الآن للمضي قدماً في أبحاثهم من خلال العمل مع معهد مصدر.
ومن جانبه قال الدكتور ستيف غريفيث نائب الرئيس للأبحاث في معهد مصدر إن التعاون مع جامعة مانشستر يعكس التزام معهد مصدر بدعم أجندة الابتكار الوطنية في الإمارات والتي تهدف إلى تأسيس قطاعات قائمة على المعرفة وقادرة على الاستفادة من التقدم الحاصل في علوم المواد.
وأضاف أن المشاريع البحثية المشتركة تغطي مجموعة واسعة من التطبيقات التي تمتلك كلا الجامعتين خبرة فيها، معرباً عن ثقته بأن هذا البرنامج البحثي سيعود بالنفع على الاقتصاد الإماراتي وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة ليتوسع تأثيره في نهاية المطاف ويشمل العالم بأسره.
طباعة أجهزة استشعار دقيقة
أبوظبي(الاتحاد)
يركز المشروع المشترك الثالث بين معهد مصدر وجامعة مانشستر على الاستفادة من ذلك في طباعة أجهزة استشعار دقيقة بحبر الجرافين لاستخدامها في تطبيقات ضمن مجالات الطاقة والدفاع. ويشارك في هذا البحث المبتكر ومتعدد التخصصات من معهد مصدر الدكتور إبراهيم المنصوري، أستاذ مساعد في هندسة النظم الدقيقة، والدكتورة أمل الغافري، أستاذ مساعد في هندسة وعلوم المواد، والدكتور عرفان سعدات أستاذ في هندسة النظم الدقيقة، إلى جانب الدكتور أرافيند فيجاياراغافان محاضر في المواد النانوية، ومايكل تيرنر أستاذ في كيمياء المواد، من جامعة مانشستر. ومع إمكان استخدام الجرافين في الطباعة، سوف يسعى هذا المشروع إلى تطوير أساليب سهلة ومنخفضة التكلفة تتيح طباعة الجرافين على العديد من السطوح المختلفة.
ومن المتوقع أن يلعب الجرافين دوراً رئيساً في الابتكارات القادمة في مجال الأجهزة الإلكترونية المحمولة، والعناصر المستخدمة في قطاع الطيران، والمجسّات الضوئية، والطلاءات المقاومة للأشعة، وتخزين الطاقة.
ووفقاً لدراسة تضمنها تقرير «أسواق الجرافين، التقنيات والفرص في الفترة 2014-2024»، سوف تشهد أسواق الجرافين نمواً من نحو 20 مليون دولار في عام 2014 إلى أكثر من 390 مليون دولار في عام 2024.
عدد اليوم
