الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر: «القيمة المضافة» يقلل من عجز الموازنة ويفتح أبواب الاقتراض الدولية

مصر: «القيمة المضافة» يقلل من عجز الموازنة ويفتح أبواب الاقتراض الدولية
23 يوليو 2016 20:24
عبدالرحمن إسماعيل (القاهرة) تستهل الحكومة المصرية عامها المالي الجديد الذي بدأ مطلع الشهر الحالي، بضريبة «قانون القيمة المضافة»، أهم القوانين التي تتضمنها حزمة التشريعات الاقتصادية والمالية التي تعتزم تطبيقها خلال العام المالي 2016/‏‏2017، بهدف وقف تفاقم العجز في الموازنة. وتأمل الحكومة من وراء الضريبة الجديدة، التي تأخر إقرارها أكثر من مرة، خوفاً من آثارها السلبية المتوقعة على ارتفاعات أسعار السلع، أن تشرع لها أبواب الاقتراض من صناديق التمويل الدولية، وأسواق السندات العالمية، إذ اشترط كل من البنك الدولي، وبنك التنمية الأفريقي، ضرورة إقرار ضريبة القيمة المضافة، لمنح مصر قروض بإجمالي قيمتها 4,5 مليار دولار. كما تأمل الحكومة في أن تهيئ لها حزمة الإصلاحات المالية والنقدية المقبلة، أسواق الدين العالمية، حيث تعتزم طرح سندات دولارية في الأسواق العالمية بقيمة تتجاوز 3 مليارات دولار بنهاية العام الحالي، بحسب تصريحات عمرو الجارحي وزير المالية، علاوة على رغبة للتوجه لصندوق النقد الدولي لاقتراض ما لا يقل عن 5 مليارات دولار. ولم تجد الحكومة مفراً أمام تفاقم عجز موازنتها الذي يتوقع أن يصل إلى 319 مليار جنيه في العام المالي الحالي 2016/‏‏ 2017 بما يعادل قرابة 10,5% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، إلى التعجيل بالعمل بضريبة القيمة المضافة التي تقول وزارة المالية، إنها سترفع الإيرادات الضريبية بنحو 30 مليار جنيه سنوياً، حيث وضعت الوزارة تقديراتها للإيرادات الضريبية في الموازنة بنحو 433,3 مليار جنيه بما يعادل 46% من إجمالي المصروفات البالغ 936 مليار جنيه. توقيت الضريبة وتواجه الضريبة التي يناقشها البرلمان المصري حالياً، ويتوقع تطبيقها في الشهر التالي من إقرارها بالبرلمان، رفضاً قاطعاً من قبل المستهلكين من محدودي الدخل والطبقات الفقيرة الذي سيتحملون عبئها، وتحفظات من قبل قطاعات الأعمال ممثلة في اتحاد الصناعات والغرف التجارية الذين يرون فيها زيادة إضافية في تكلفة الإنتاج، وإن حاولت وزارة المالية المسؤولة عن تطبيق الضريبة، طمأنة الجميع بأن الضريبة لن تتسبب في رفع أسعار السلع أو في تكلفة المنتج بشكل كبير. وبحسب مشروع القانون المقدم إلى البرلمان، فإن سعر الضريبة في قانون القيمة المضافة سيرتفع إلى 14% مقارنة مع 10% في قانون ضريبة المبيعات المعمول بها حالياً، الأمر الذي يثير غضب التجار والصناع على السواء، إذ إن عبء الضريبة سيتحملها المستهلك النهائي، وهو ما حذرت منه الغرفة التجارية بالقاهرة، مؤكدة أن الضريبة سترفع أسعار السلع بنفس قيمة الضريبة. ويخشى اقتصاديون استطلعت آراءهم «الاتحاد» من أن تؤدي الضريبة الجديدة إلى مزيد من الارتفاعات الجنونية في أسعار السلع التي تسجل منذ أكثر من عام قفزات غير مبررة، الأمر الذي قد يثير غضب الشرائح الاجتماعية الفقيرة، خصوصاً أنها تأتي في توقيت غير مناسب، إذ يأتي تطبيقها في وقت تشهد فيه معدلات التضخم أعلى مستوياتها خلال خمس سنوات قريبة من 15%، ويتوقع أن ترتفع أكثر مع إقرار الضريبة الجديدة، وفقاً لما قاله الدكتور أحمد محمود عبدالمحسن أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان. قفزات الأسعار وأوضح عبدالمحسن، أن ضريبة القيمة المضافة تطبق في وقت تتسبب فيه القفزات المتلاحقة في أسعار الدولار في السوق السوداء، كسر معها السعر حاجز 12 جنيهاً، في ارتفاع معدلات التضخم، مضيفاً: «من شأن الضريبة الجديدة، أن تساهم في زيادة معدلات التضخم، مما يقود بالتبعية إلى ارتفاعات جديدة في أسعار كل السلع». وقال عبدالمحسن إن ارتفاعات قياسية ستطال السلع كافة لا محالة في ذلك، رغم محاولة الحكومة طمأنة الجميع بأن السلع الأساسية معفاة من الضريبة، لكن على أرض الواقع لا يحدث ذلك، إذ عادة ما ترتفع أسعار السلع كافة، بما فيها السلع المعفاة بسبب جشع التجار من جانب، وعدم وجود رقابة على الأسواق من جانب آخر. ولعل هذا هو ما دفع الدكتورة عالية المهدي، أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة، إلى وصف الضريبة الجديدة من خلال صفحتها على الفيس بوك، بأنها «ضريبة عمياء» لا تميز بين غني وفقير، وعبئها سيكون أكبر كثيراً على الفقير منه على الغني. لكن الحكومة ترد على ذلك بأنها ستمضي قدماً في برنامجها لدعم محدودي الدخل والطبقات الفقيرة والأكثر فقراً من خلال توفير السلع الأساسية المدعومة من خلال بطاقات التموين، فضلاً عن إعفاء كل أنواع السلع الأساسية من الخضوع للضريبة الجديدة. تطبيق الضريبة من جانبه قلل عمرو الجارحي وزير المالية في تصريحات صحفية، من الآثر التضخمي الذي يتوقع أن تحدثه ضريبة القيمة المضافة عند التطبيق، مضيفاً أن النسبة المتوقع زيادتها في معدلات التضخم عند تطبيق الضريبة ستكون بحدود 1-3% لمرة واحد فقط، وأن هناك 52 سلعة وخدمة أساسية معفاة من الضريبة بما يعادل 90% من إجمالي السلع، مما يعني أن الضريبة لن يكون لها تأثير كبير على محدودي الدخل. وبحسب جهاز الإحصاء المصري، سجل مؤشر أسعار المستهلكين زيادة خلال شهر يونيو ليصل إلى 14,8%، محققاً أعلى نسبة ارتفاع خلال خمس سنوات. وسجلت أسعار السلع كافة ارتفاعاً خلال الشهور الأخيرة تراوحت بين 10-25%، بسبب ارتفاعات الدولار، إذ تستورد مصر أكثر من 80% من حاجياتها الأساسية من السلع. ملاحظات وتحفظات القاهرة (الاتحاد) لا تبدي الغرف التجارية واتحاد الصناعات حماساً للضريبة الجديدة رغم اتفاقها مع الحكومة على صعوبة الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد، إذ قال علي شكري نائب رئيس غرفة القاهرة التجارية في اتصال مع «الاتحاد» إن أسعار السلع الخاضعة للضريبة، سترتفع بنفس سعر الضريبة، ولن يتحملها سوى المستهلك النهائي للسلعة. وأضاف أن أسعار العديد من السلع ارتفعت في الأسواق خلال الفترة الأخيرة بنسب كبيرة، بسبب زيادة سعر الدولار، ومن شأن سن ضريبة جديدة أن يرتفع العبء على محدودي الدخل، الشريحة التي تحتاج إلى المساندة والدعم، من خلال إيجاد حلول جديدة وغير تقليدية لخفض الأسعار. واتفق شكري مع عبدالمحسن في عدم ملاءمة الوقت الحالي، لتطبيق ضريبة القيمة المضافة، مؤكداً أن من المتوقع أن تتسبب في حالة ارتباك كبيرة في الأسواق، بسبب زيادة الأسعار. وكما تتخوف الغرف التجارية من ارتفاعات في أسعار السلع من وراء الضريبة الجديدة، يعترض اتحاد الصناعات المصرية على رفع حد تسجيل المصانع والشركات للإعفاء من الضريبة من 100 ألف جنيه إلى 500 ألف جنيه، مطالباً بإلغائه، لتحقيق مبدأ العدالة في المنافسة، بحسب ما قال المهندس محمد السويدي رئيس الاتحاد ورئيس لجنة الصناعة بالبرلمان المصري الذي رحب في البداية بقانون القيمة المضافة، وقال إن من شأنه تحسين الأوضاع الاقتصادية للبلاد. وأضاف أن التحفظ الوحيد لاتحاد الصناعات على مشروع القانون يكمن في ضرورة إلغاء حد التسجيل في الضريبة، وذلك إخضاع جميع الأنشطة للتسجيل في مصلحة الضرائب، بما يضمن تحقيق رقابة عادلة لا تقتصر فقط على المسجلين. وقال: «إن حد التسجيل بوابة للتهرب، ولدينا 4 ملايين سجل تجاري مسجل منهم فقط 24 ألف فقط، ولذلك يجب إعادة النظر في بعض الإعفاءات المقدمة لقطاع الخدمات، ودراسة العائد منها على المواطن طوال السنوات الماضية، وحال تطبيقها يمكن أن يُستغل العائد في تقديم خدمات أكثر للمواطنين». ولا يختلف محمد البهي، رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات، عن السويدي في أهمية قانون القيمة المضافة للاقتصاد المصري، وقال إن الضريبة الجديدة تطبق في 150 دولة حول العالم، غير أن تحفظ البهي يختلف عن تحفظ السويدي، ويتمثل فيما أسماه بالمبالغة في سعر الضريبة والمحددة 14 في مشروع القانون بنسبة 14% على جميع السلع والخدمات. وأوضح أن رفع نسبة الضريبة من 10% كما كانت في ضريبة المبيعات إلى 14%، سيؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار، وضرب مثلاً برفع قيمة الضريبة على بعض السلع مثل المنظفات المنزلية من 5% حالياً في ضريبة المبيعات إلى 200% في قانون ضريبة القيمة المضافة، كما سترتفع الضريبة على الحديد المسلح ليرتفع سعر الطن بمعدل يتراوح بين 300 إلى 350 جنيهاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©