الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بريطانيا: زعامة لطيفة في ظروف عصيبة!

23 يوليو 2016 21:52
عندما خاطبت مؤتمراً لحزب المحافظين عام 2002، قالت «تيريزا ماي» لجمهور مذهول إن أعضاء حزب المحافظين خاطروا بأن يعرفوا بأنهم «الحزب الكريه». وفي أول خطاب لها الأسبوع الماضي كرئيسة لوزراء بريطانيا، سعت «ماي» بشكل واضح لإظهار أن الحزب لديه قلب، وهي نغمة مختلفة تماماً عن نغمة سابقها. فخلال السنوات الست التي تولى فيها ديفيد كاميرون رئاسة الوزراء، اتبع سياسات من التقشف في أعقاب الأزمة المالية العالمية التي بدأت في عام 2008، وأحدث تخفيضات شاملة في الإنفاق العام، ولاسيما في مدفوعات وتمويلات الرعاية الاجتماعية. ولكن «ماي» قالت وهي تقف أمام المقر الرسمي للحكومة إنها ستحارب «الظلم الحارق»، والتفرقة في الجنس والعرق، وستعمل على جعل بريطانيا «دولة تعمل من أجل خدمة الجميع». وقالت «ماي» وهي تخاطب أسراً تحاول تغطية نفقاتها: «أعلم أننا نعمل على مدار الساعة، وأعلم أنكم تبذلون قصارى جهدكم، وأعلم أيضاً أن الحياة كفاح لتحقيق الأهداف». واستطردت: «إن الحكومة التي أقودها ستكون مدفوعة ليس فقط بمصالح القلة المتميزة، بل أيضاً بمصالحكم». إن الانقسامات في المجتمع البريطاني ليست فقط بين الأغنياء والفقراء أو بين البيض والسود، بل هي أيضاً بين الشباب وكبار السن، فقد زادت أسعار المساكن كثيراً في السنوات الأخيرة إلى درجة أن عدداً قليلًا من الشباب هم من يمكنهم الحصول على مسكن، ما أدى إلى وجود فجوة واسعة في الأصول بين جيل وآخر. وقد أصيب المحللون بالدهشة جراء تصريحات «ماي»، التي تردد كلمات من نوع خطاب بعض قيادات حزب العمل اليساري، وسط الانتخابات الأخيرة. وقالت: «عندما يتعلق الأمر بالضرائب، ستعطي الأولوية للفقراء، وعندما يتعلق الأمر بالفرص، لن نرسخ مزايا القلة المحظوظة». وفي وقت لاحق، استطرد وزير المالية الجديد «فيليب هاموند» قائلًا إن إجراءات التقشف كانت هي الاستجابة الصحيحة للأزمة الاقتصادية عام 2008، ولكن الاقتصاد البريطاني يدخل الآن في «مرحلة جديدة»، فقد صوتت بريطانيا الشهر الماضي لترك الاتحاد الأوروبي، حيث يستطيع الناس والبضائع التحرك بحرية داخل الكتلة التي تضم 28 دولة. ومن جانبها علقت «كيتي ستيوارت»، وهي خبيرة في السياسة الاجتماعية بكلية لندن للاقتصاد، على تصريحات «ماي»، قائلة: «هذا حقاً لا يمثل تحولًا في الخطاب عما جاء من قبل». إن نهج رئيسة الوزراء الجديدة ملائم سياسياً، وهو ينهي حقبة كاميرون. ومن الممكن أن تعكس أولوياتها خلفيتها المختلفة تماماً. لقد كان كاميرون مثالاً للأرستقراطي البريطاني، الذي درس في كلية إيتون، والعضو في نادي بولينجدون، وهو عبارة عن جماعة من الأثرياء في جامعة أوكسفورد، ولكن رئيسة الوزراء الجديدة تلقت تعليمها في مدرسة حكومية وهي ابنة لقسيس إنجيلي. ومع ذلك، فإن النهج الجديد يعكس أيضاً الحالة المزاجية في البلاد، فكثير ممن صوتوا لترك الاتحاد الأوروبي كانوا في مناطق في شمال إنجلترا، حيث يعاني الاقتصاد حالة سيئة نتيجة للتراجع الصناعي الذي يجهد من أجل تدبير الأمر. والحكومة الجديدة بحاجة إلى «إدراك أن ظروف الحياة لم تكن عادلة، وأن الحكومة لم تفعل ما يكفي لمساعدة من يعيشون على الهامش»، بحسب ما ذكرت «ستيوارت». وبدوره قال «تورستن بيل»، وهو مدير مؤسسة القرار التابعة لحزب العمال، وهي مؤسسة بحثية تركز على مستويات المعيشة، إن لهجة «ماي» كانت «دقيقة». وأضاف: «بالنسبة لمعظم السكان، لم يكن هناك ارتفاع في الدخل منذ عام 2002، ومستوى معيشتهم لم يكن على ما يرام، وهذا هو الشعور السائد في أجزاء كبيرة من البلاد». لقد استبعدت حكومة كاميرون الملايين من ميزانية الرعاية الاجتماعية في محاولة لكبح جماح العجز الحكومي، الذي يبلغ الآن أكثر من 4% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى مرتفع على نحو غير ملائم. كما تم تجميد أو تحديد المزايا التي يحصل عليها الباحثون عن عمل أو غير القادرين على العمل، في حين تم إلغاء مجموعة من الإعفاءات الضريبية، ما ألحق ضرراً بالأسر ذات الدخل المنخفض وأصحاب المعاشات. وكان هناك 3,9 مليون طفل يعيشون في فقر في عموم البلاد بحسب إحصاءات العام الماضي، وفقاً لجماعة خيرية تعمل على مكافحة فقر الأطفال، وقد حددت «الفقر» بأنه يعني الأسر التي تكسب أقل من 60% من متوسط الدخل. وقال «كارل إميرسون»، نائب مدير معهد الدراسات المالية، إن الوضع الاقتصادي في بريطانيا لم يكن في أفضل حالاته ليحدث زيادة في الإنفاق العام. وأضاف: «لو كنا صوتنا من أجل البقاء في الاتحاد الأوروبي، لما كان الوضع في أفضل حالاته، ولكن مع قرار الخروج من الكتلة فإن النمو سيكون أقل والتضخم سيكون أعلى». وقد أدهش الكثير من مقترحات «ماي» المحللين، ولاسيما اقتراحها بأن يشارك العمال في مجالس إدارات الشركات التي يعملون فيها، وهي الفكرة التي عارضتها الشركات الكبيرة بقوة إلى درجة أن رؤساء الوزراء من حزب العمال نفسه لم يجرؤوا على الترويج لها. * مديرة مكتب واشنطن بوست في طوكيو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©