الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكتب المدرسية المستعملة تدق المسمار الأخير في نعش دور النشر المغربية

الكتب المدرسية المستعملة تدق المسمار الأخير في نعش دور النشر المغربية
18 أكتوبر 2009 22:24
قبل سنوات من ظهور الأزمة المالية العالمية، اعتادت الأسر المغربية على شراء الكتب المدرسية وكتب المناهج الدراسية المستعملة، والتي يكون سعرها منخفضا يصل إلى 50 في المائة. وهو سعر مقبول تتحمله الأسر المغربية التي لا تسمح طاقتها الشرائية ولا دخلها المتواضع بشراء تلك الكتب من المكتبات التي تبيعها جديدة وغير مستعملة. وينشط في هذه التجارة الموسمية شباب بشهادات جامعية عليا ولم يسعفهم الحظ لولوج أسواق العمل، وهذا النشاط التجاري يدرّ عليهم دخلا يوميا يصل إلى 20 دولارا، خلال الأيام الأولى من الدخول المدرسي. تقول أم بشير التي كانت تتجول في أحد أسواق مدينة الدارالبيضاء:«جئت إلى هنا لأبيع الكتب المدرسية التي درس فيها ابني الذي حالفه الحظ هذا العام وحصل على شهادة البكالوريا، شعبة الأدب الفرنسي، وأريد أن أشتري بثمنها الكتب والمقررات المدرسية المطبوعة التي تحتاجها ابنتي سكينة البالغة من العمر12 سنة وهي تلميذة التحقت مؤخرا بالسنة الأولى من التعليم الإعدادي». ويقبل أرباب الأسر المغربية على شراء الكتب والمناهج الدراسية المطبوعة نظرا لسعرها الذي يكون في متناول الجميع، خاصة الشريحة الاجتماعية ذات الدخل المحدود. وبالرغم من أن الحكومة المغربية وبعض الجمعيات المدنية وفرت لأكثر من مليون تلميذ في الأقسام الابتدائية كل مستلزمات الدخول المدرسي، بالإضافة إلى الإقبال الشديد على الكتب والمناهج المستعملة فإن الأسر المغربية تثقلها مصاريف الدخول المدرسي الذي يأتي مباشرة بعد شهر رمضان وعيد الفطر. في سوق من أسواق «درب السلطان» في مدينة الدارالبيضاء، يقول أحمد أحد باعة الكتب المدرسية المستعملة: «ظاهرة بيع وشراء الكتب المدرسية المستعملة أصبحت ملاذا وطوق النجاة لآلاف الشباب المغاربة الذين يهربون إلى هذه المهنة لتوفير بعض المال لهم ولأسرهم في ظل أزمة العمل التي يعرفها المغرب وفي ظل تفشي البطالة والأزمة المالية العالمية، فنحن نشتري الكتب القديمة من أناس بسطاء اشتروها منا في العام الماضي، ونبيع لهم الكتب التي يحتاجونها لسنتهم الدراسية الجديدة، ويقبل الناس علينا وعلى ما نبيعه لهم من كتب مدرسية مستعملة، لأننا ننتمي لشريحتهم الاجتماعية الفقيرة والمهمشة وهم يتعاطفون معنا، ونحن بدورنا نتعاطف معهم». أصحاب المكتبات يشكو أصحاب المكتبات الكبرى في مختلف المدن المغربية من هذه الظاهرة التي يشهدها الشارع المغربي. فقد تراجعت أرباح أصحاب المكتبات الكبرى لأن الناس الذين طالهم لهيب الغلاء لا يقبلون على ولوج المكتبات الراقية التي تبقى حكرا على الأثرياء فقط، فهؤلاء لا يشترون إلا الكتب والمنشورات المدرسية الجديدة، وبعض الأسر التي تدرس أبناءها في المدارس الراقية والمدارس الفرنسية الخاصة تصلهم الكتب والمناهج المدرسية من فرنسا، وهي مناهج معتمدة من طرف وزارة التعليم الفرنسي. يقول صاحب مكتبة كبرى في قلب العاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء: «المكتبة على وشك الإفلاس، فإذا كانت نسبة القراءة في تراجع مهول وخطير وخاصة قراء «العربية» ، فإن إقبال الناس على الكتاب المدرسي المستعمل دق آخر مسمار في نعش حرفة الكتبي، والناشر الذي يصدم حين يعرف أن مقررا دراسيا واحدا يستفيد منه أكثر من 6 طلاب، وحتى الدعم الذي يتلقاه الناشر من الحكومة المغربية لدعم الكتاب المدرسي وجعله في متناول الأسر المغربية لم يعد كافيا ولا يعمل شيئا للتخفيف من خسارتنا». وتعرف السلطات المغربية أن ظاهرة بيع وشراء الكتب المدرسية المستعملة يشغّل ويمتص غضب الآلاف من الشباب المغاربة، فهي تغض الطرف وتتساهل مع هؤلاء الباعة الذي يحتلون مساحات واسعة في بعض الشوارع الرئيسية من المدن المغربية، كما تعرف جيدا أن ظاهرة بيع وشراء الكتب المستعملة يخفف شيئا من الأعباء التي تثقل كاهل الأسر المغربية محدودة الدخل. فربة البيت البسيطة إذا لم تبع المقرر الدراسي لابنها البكر، الذي سيلج أبواب الجامعة، لن تجد المال الكافي لشراء المقرر المدرسي ولوازم المدرسة لابنتها التي ستلج أبواب المدرسة الابتدائية أو الإعدادية.
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©