الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الحب» كلمة السر لاستثارة حب التعلم

«الحب» كلمة السر لاستثارة حب التعلم
18 أكتوبر 2009 22:39
يجمع خبراء وعلماء التربية والسلوك الإنساني على أن هناك طريقتين مؤثرتين اذا ما أردنا إحداث تغيير لسلوك الإنسان، الأولى تتمثل في أسلوب الترغيب والترهيب، وقد تكون فعالة في ظروف معينة، لكن عمرها قصير، فبمجرد أن يزول الترغيب أو الترهيب يعود الإنسان إلى طبعه وسلوكه القديم. أما الوسيلة التربوية الثانية الأكثر تأثيرا وفعالية، فهي التي تعتمد على «الحب» واستثارة المشاعر الإيجابية البناءة،» فالحب» كلمة سحرية عميقة الأثر في تغيير النفوس وتهذيبها، فكم من صعاب المشاكل والأزمات المعقدة بين البشر قد حلت بفعالية هذه المشاعر السحرية.. فكيف نزرع «الحب» في قلوب أطفالنا؟ وكيف نربيهم ونغذي قلوبهم وضمائرهم ووجدانهم بمآثر ومشاعر»الحب»؟ وكيف ننمي تلك المشاعر نحو الاتجاه الإيجابي، لتتشكل شخصية الطفل وتنمو وتنضج ليصبح شخصا محبا؟ تقول الاستشارية الأسرية إنعام المنصوري:» على الآباء والأمهات أن يزرعوا في الطفل منذ البداية المبكرة نزعة «كيف يحب نفسه بإيجابية ؟ «لأن الطفل إذا أحب نفسه أحب لها الخير، وإذا كره نفسه أحب لها الشر والانتقام، وان لم يحب نفسه لن يكن قادرا على حب الآخرين، بداية من الإكثار من احتضانه وتقبيله وإحاطته بمشاعر أسرية دافئة حتى يشبع نفسيا وعاطفياً، فاستماعه لكلمات الحب من الوالدين، ونشأته في جو من المحبة والألفة والاستقرار من شأنها أن تنمي مشاعره الإيجابية تجاه نفسه والآخرين، وتغرس فيه وتعلمه طريقة التعبير عن الحب، ومن ثم يتعلم «كيف يحب إخوته وكيف يحد ويقلل من مشاعر الغيرة السلبية «لأن هذه المشاعر هي أساس التعاون معهم في الحياة، وعندما يصل وعي الطفل الى درجة التمييز، نعلمه كيف يحب الله ورسوله، فالعقيدة الصحيحة هي رأس الحب وأصله، بالتالي حب الخير والعمل الصالح ونبذ المحرمات والمنكرات والمعاصي، بتدرج يتناسب ونموه العقلي والوجداني والانفعالي، وذكر القصص والحكايات التي تنطوي على قيم الإيثار والتفاني وإنكار الذات والمحبة، وبالتالي ننمي لديه « كيفية تعويده على أن يفصح عن حبه لمن يحب، ويعبّر عنه بالقول صراحة دون خوف أو خجل أو تردد»، ولابأس من تدريبه على التواصل مع من يحب بطريقته الخاصة، وبأسلوب يتناسب وسنه، كأن يتبادل الهدايا مع من يحب، سواء مع معلميه أو زملاء الدراسة، ورفاق اللعب، ولا نهمل تقوية عقيدته الدينية في اتجاه «حب لأخيك وللآخرين ما تحب لنفسك»، ولا يفوتنا تعليمه المشاركة في الألعاب والأنشطة الترفيه، وتعويده أيضا التنافس الإيجابي، وتقبل الآخر، وتنمية الروح الرياضية، وإرشاده إلى محبة من يتفوقّ عليه، وتعليمه مبادئ التنافس الشريف والخيري، ولا نهمل أو نتغاضى عن إعطاؤه مكافأة من حين لآخر إذا تصرف بسلوك ينم عن الحب. كيف نكون قدوة؟ ترى الدكتورة نوال صالح المهيني، الاستشارية الاجتماعية وخبيرة التنمية البشرية في دولة الكويت إن عملية إكساب الطفل صفات أو مهارات أو عادات أو سلوكيات إيجابية معينة ليست أمرا سهلا وميسورا، وليست أمرا مستحيلا في الوقت نفسه إذا ما راعينا كآباء وأمهات المفاهيم الصحيحة للتنشئة الاجتماعية، وإتاحة المناخ الخصب المريح من الألفة والمودة، دون أن نتناسى أو نغفل أمرا في غاية الخطورة، وهو»كيف نكون قدوة ومثل أعلى يجدر بأبنائنا أن يقلدوه، ويحبوه، ويتوحدوا به»، على كافة مفردات السلوك الإنساني وتفاصيله اليومية، ولا يفوتنا حكمة المثل الشائع:» فاقد الشىء لا يعطيه». ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه» ويمكننا تقسيم النمو الخلقي إلى ثلاث مراحل، تمشيًا مع تقسيمنا للنمو إلى مراحل ثلاث وهي: مرحلة الطفولة المبكرة، ومرحلة الطفولة الوسطى والمتأخرة ومرحلة البلوغ والمراهقة. المرحلة الأولى للنمو الخلقي: تبدأ عملية النمو الخلقي في المرحلة الأولى من عمر الإنسان خلال طفولته المبكرة، وفي هذه المرحلة تتحكم في الطفل غرائزه وحاجاته ونوازعه وتتطلب الإشباع حتى تستقيم حياته ويهنأ باله، وأي خلل فيها او شدة وقسوة في المعاملة قد يؤدي إلى اضطراب الصحة النفسية والعقلية والوجدانية والجسمية للطفل. وعلى الوالدين عدم تحميل الطفل في هذه المرحلة أية مسؤوليات أخلاقية عن تصرفاته ومواقفه وأنماط سلوكه وانفعالاته وردود أفعاله، لأنه غير قادر على التمييز والإدراك والحكم الصحيح وأن يعاملوه بالرحمة والرفق واللين والتسامح. أما المرحلة الثانية للنمو الخلقي: في المرحلة الثانية من حياة الإنسان وهي مرحلة الطفولة الوسطى والمتأخرة تتوسع دائرة علاقاته الاجتماعية وارتباطاته بالآخرين في الحي والمدرسة وجمعيات النشاط، ويحتاج إلى التكيف السليم مع المواقف والاتجاهات الجديدة في حياته، ويبدأ في تمييز الأفعال وأنماط السلوك التي تكون محل رضا الآخرين أو سخطهم، ويرتبط سرور وسعادة الطفل برضا الآخرين عنه، كما يرتبط ألمه وتعاسته بسخطهم عليه وهو ما يعتبر البداية الصحيحة لتكوين الخلق القويم. وهذا النمو الخلقي الإيجابي يجعل الطفل يحاول دومًا الموائمة بين رغباته ورغبات غيره، وبين نوازعه ودوافعه والقيم الدينية والخلقية والعرف والعادات والتقاليد الاجتماعية والنظام والقوانين، وبذلك تبدأ معالم المسؤولية الأخلاقية في البروز لدى الطفل حتى تتكامل في المرحلة الثالثة للنمو الخلقي بتكامل النضج العقلي والوجداني للطفل. وفي هذه المرحلة لابد من الاهتمام بالميل الطبيعي للمحاكاة والتقليد والاقتداء لدى الناشئ، لأنه من أهم أسس التربية الخلقية واكتساب القيم والفضائل وتنمية نوازع الخير في الانسان.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©