السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«إحكي ياشهرزاد»

«إحكي ياشهرزاد»
18 أكتوبر 2009 22:40
استمتعت بمشاهدة الفيلم العربي «إحكي ياشهرزاد» للمؤلف وحيد حامد والمخرج يسري نصر الله، خلال عرضه ضمن فعاليات مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي 2009، وللوهلة الأولى تصورت أن الرواية التي يعالجها الفيلم ستكون قصة من قصص «ألف ليلة وليلة»، لكنه تناول بلغة سينمائية صريحة ومباشرة موضوع القهر المجتمعي الذي يتمثل في سلطة الرجل، على المرأة بشتى أنواع وصور الاستغلال والقهر النفسي والجسدي للمرأة في المجتمعات العربية وخضوعها- راضية أو كارهة - للثقافة الذكورية السائدة والمتوارثة عبر سنين طويلة. ومن خلال الشخصيات والأدوار وأحداث الفيلم التي قدمها المخرج في لغة سينمائية جذابة، لم أستطع إبعاد أو تناسي السؤال الحتمي «من هو المسؤول؟» عن ذلك كله.. فالمجتمعات العربية تئن تحت وطأة ثقافات بالية عفى عليها الزمن، وأكل منها الدهر وشرب، والعالم يتحرك، ويتطور، ويتغير، ويتقدم، ويسير بخطى أسرع، ونحن ما زلنا نشكو القيود والعادات والتقاليد والأفكار إياها. تذكرت قارئة «فشت خلقها» في رسالة عبر البريد الإلكتروني تشكو فيها من سوء معاملة شقيقها لها، ووصفتها بـ»الحيوانية»، وكيف استغل نفوذه رغم صغر سنه عن شقيقاته، وبعد وفاة الأم، وعجز الأب، وعلى اعتبار أنه الذي يعيل الأسرة، أن يمارس شتى أنواع الإهانة والقهر، وفرض وصياته الذكورية عليهن بشكل مهين، لدرجة أنه يمنعهن من امتلاك أو استخدام الهاتف بأنواعه، ويعاملهن معاملة كريهة وفظة أشبه بمعاملة العبيد أيام الجاهلية، دون مراعاة لأي اعتبارات أو متغيرات أو احتياجات مادية أو نفسية أو اجتماعية، حتى أبسطها في حق الزواج. أعتقد أن المرأة نفسها مسؤولة أو شريكة أساسية في خضوعها وخنوعها لما يمارس عليها من قهر وظلم واستغلال، وهي مطالبة أكثر من غيرها أن تعي وتدرك ما لها وما عليها، وما هي واجباتها وحقوقها الإنسانية كإنسانة وأنثى، وفاعلة أساسية في حركة المجتمع وبنائه وتطوره وتقدمه، وأنها لن يكون بإمكانها أن تبعد الظلم والقهر عن نفسها إن لم تمتلك أدوات العيش بحرية وكرامة، وفي مقدمة هذه الأدوات الوعي بواقعها وإرادتها، وهذا لا يعني أو لا يفهم على أنه دعوة إلى»التمرد» على سلطة الرجل، فشتان بين أن نعي ونفهم ونحترم ونقر وندرك ما تقول، وبين فقدان وانعدام الوعي من أساسه.. وهي المصيبة الأكبر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©