الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سياسة أميركية جديدة تجاه السودان

سياسة أميركية جديدة تجاه السودان
18 أكتوبر 2009 22:41
بعد سجال داخلي ممتد بين أفرادها، استقرت الإدارة الأميركية أخيراً على سياسة تجاه السودان تبدو أقل تشدداً بكثير مما كان قد دعا إليه الرئيس أوباما أثناء حملة سباقه الرئاسي، إلا أنها لا تحقق في الوقت ذاته النهج التصالحي مع الخرطوم، والذي دعا إليه مبعوثه الخاص للسودان. وتدعو السياسة الجديدة التي سوف يكشف عنها اليوم إلى إطلاق حملة من «الضغوط والحوافز» الهادفة إلى دفع حكومة الخرطوم إلى السعي نحو حل سلمي لأزمة دارفور، وتسوية الخلافات مع حكومة الاستقلال الذاتي في جنوب السودان، فضلا عن رفع مستوى تعاونها مع الولايات المتحدة الأميركية في ملف الإرهاب الدولي، وفقاً لما أدلى به بعض مسؤولي الإدارة من تصريحات موجزة عن السياسة الجديدة. وتفتح هذه السياسة الجديدة الطريق أمام الخرطوم من أجل تحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية، فيما لو بدأت التصدي للمشكلات المزمنة التي ظلت تؤرق واشنطن. ويضع الإعلان الرسمي عن هذه السياسات حداً لشهور عديدة من الخلافات والصراعات الداخلية بين طاقم الإدارة حول ما يتعلق بكيفية التعامل مع حكومة الخرطوم، مع العلم أن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى مصرع ما يزيد على 300 ألف من سكان إقليم دارفور المدنيين بسبب النزاع المسلح الذي دار في الإقليم. وفي ما قصد منه إظهار وحدة صفوف الإدارة بشأن سياساتها إزاء السودان، يتوقع أن تعلن عن هذه السياسات الجديدة رسمياً وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، وسوزان رايس، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، والجنرال سكوت جريشون، مبعوث الرئيس أوباما الخاص للسودان، خلال مؤتمر صحفي يعقد بمقر الخارجية الأميركية. وكان جدل محتدم وخلاف حاد قد دار بين رايس وجريشون حول وجهة السياسة الجديدة الواجب تبنيها إزاء السودان. فبينما كانت رايس تنادي بتبني موقف أشد حزماً تجاه حكومة الخرطوم، ظل جريشون يدعو إلى تخفيف العقوبات المفروضة على السودان. وأثناء حوار صحفي أجرته معه الأسبوع الماضي صحيفة «واشنطن بوست»، أعرب جريشون عن رغبته في إعطاء السودان المزيد من الحوافز والمغريات، مما أثار مخاوف وانتقادات أعضاء الكونجرس والجماعات المدافعة عن حقوق الإنسان. ووفقاً للسياسات الجديدة التي سوف يعلن عنها، لن يسمح لجريشون بالتفاوض المباشر مع الرئيس السوداني عمر البشير، كما ليس متوقعاً رفع اسم السودان من قائمة الحكومات الراعية للإرهاب في المستقبل المنظور، على حد تصريحات بعض مسؤولي الإدارة الذين تحفظوا على ذكر أسمائهم لعدم تفويضهم بتصريحات رسمية في هذا الشأن. كما يضع الإعلان الرسمي عن هذه السياسات حداً لنزاع طويل دار بين رايس وجريشون بشأن وصف ما يجري من نزاع في إقليم دارفور. فرايس تصر من جانبها على استمرار حملة الإبادة الجماعية في الإقليم، بينما أعلن جريشون في شهر يونيو المنصرم أن حكومة الخرطوم لم تعد طرفاً في حملة إبادة جماعية في الإقليم. ووصف جريشون ما يجري في الإقليم بقوله للصحفيين: «إن ما نراه اليوم ليس سوى ما تبقى من حملة الإبادة الجماعية». غير أن السياسة الجديدة أقرت استمرار حملة الإبادة الجماعية إلى اليوم. كما تمثل السياسة تحولا كبيراً في موقف الرئيس أوباما ومستشاريه المقربين، قياساً إلى ما كان يدعو إليه أوباما أثناء حملة سباقه الرئاسي العام الماضي. يذكر أن الرئيس ومستشاريه كانوا قد دعوا إلى تبني موقف المواجهة الحازمة مع حكومة الخرطوم، بما في ذلك تشديد العقوبات المفروضة وإنشاء منطقة يمنع فيها الطيران بهدف منع المقاتلات الحكومية من قصف القرى والبلدات الدارفورية. ومما صرح به أوباما أثناء حملته الانتخابية قوله: «لا بد من ممارسة ضغوط حقيقية على حكومة الخرطوم. وندرك من تجارب الماضي السابقة أن الأمر سيكلف كثيراً كي نرغم النظام الحاكم في الخرطوم على اتخاذ السياسات الصحيحة». ومن ناحيتها اتهمت سوزان رايس حكومة الرئيس بوش السابقة بأنها قدمت تنازلات كبيرة لحكومة الخرطوم، مقابل خطوات جزئية صغيرة خطتها الحكومة نحو تحسين ملفها الخاص باحترام حقوق الإنسان. والمتوقع أن تصوغ وزيرة الخارجية كلينتون السياسة الجديدة في إطار جهود أوسع تبذلها الإدارة بغية حمل أعداء واشنطن التقليديين على تحقيق الأهداف السياسية التي ترمي إليها واشنطن. وفي حين نفى بعض المسؤولين أن يشمل الإعلان عن السياسة الجديدة، خطة مفصلة عن الحوافز والعقوبات المتوقعة، إلا أنهم أكدوا طرح كل هذه الاحتمالات على الطاولة، وهي احتمالات تتراوح بين تشديد العقوبات الدولية المفروضة على السودان، ورفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب. ويذكر أن جريشون ظل يدعو منذ عدة شهور إلى تخفيف السياسات الأميركية المتبعة تجاه السودان، فيما لو أثبت الأخير سعيه الجدي نحو تحقيق السلام. غير أن المرجح أن تنهج السياسة الجديدة نهج التحقق من صدقية سلوك الخرطوم أولا قبل الثقة بها. هذا وتهدف سياسة واشنطن الجديدة إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: وضع حد لحملة الإبادة الجماعية وانتهاكات حقوق الإنسان في إقليم دارفور، تنفيذ اتفاقيات السلام المبرمة مع جنوب السودان في عام 2005، ثم الحيلولة دون استخدام أراضي السودان ملاذاً آمناً للجماعات الإرهابية. كولم لينش وماري بيث شريديدان كاتبان ومحللان سياسيان أميركيان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©