صهيل خيول يتململ في عربة النقل، تعباً بعد مشاركته في سباق، والطريق طويلة من أبوظبي إلى العين. صحيح أن العربة مكيّفة والطعام والماء في متناولها، لكن ما جرى في ذلك اليوم، أن هذه الخيول لن تنسى أنه في ربع ساعة فقط تمّ حل مشكلتها بواسطة شركة «ساعد»
(أبوظبي) - مهلاً مهلاً، شركة «ساعد» ليست متخصصة بنقل الخيول ولا هي دوريات مرور، شركة «ساعد» متخصصة في تخطيط الحوادث البسيطة التي لم ينتج عنها إصابات؛ لأنه في حال وجود إصابات يحال الأمر إلى الشرطة. عند ورود اتصال إلى مركز عمليات شرطة أبوظبي، يحال بلاغ الحادث البسيط إلى إدارة عمليات شركة «ساعد»، وثمة ثلاثة مراكز رئيسية تغطي ثلاثة مناطق لإمارة أبوظبي، مركز في «خليفة أ» ومركز في مدينة العين ومركز للمنطقة الشمالية.
غرفة عمليات
«الاتحاد» في ضيافة شركة «ساعد» للأنظمة المرورية في «خليفة أ»، نشهد على شاشة الكمبيوتر التبليغ عن حادث في شارع الخليج العربي، انطلق مخطط الحوادث من مكانه القريب من الحادث، بينما خرجنا نحن من مقر عمليات ساعد إلى مكان الحادث.
يوضح لنا محمد سالم من غرفة عمليات ساعد: «هناك نحو 33 دورية لشركة (ساعد) منتشرة في المنطقة التي تتولاها الشركة، وهي مدينة أبوظبي وأطرافها وصولاً إلى حدود مدينة العين وحدود إمارة دبي».
في غرفة العمليات يتناوب 27 عنصراً من عناصر «ساعد» المدرّبين على تسلّم البلاغات ومتابعة الإجراءات من تبليغ الدورية الأقرب إلى مكان الحادث إلى حين إنجاز التقرير أو تخطيط الحادث، وتناوبهم يتم وفقاً لبرنامج زمني يتضمن ثلاثة «دوامات»، بحيث يؤمّن وجود 10 أشخاص في الغرفة.
على جدار الغرفة، يبدو لك للوهلة الأولى أن هناك لوحة إلكترونية لمدينة أبوظبي وطرقاتها، برنامج يعمل بتوقيت اللحظة، هنا تبليغ عن حادث، هنا دوريات «ساعد»، هنا انطلاق الدورية نحو مكان الحادث، فيتحوّل لون سيارة الدورية من الأحمر الداكن إلى الأخضر عند تسلّمها البلاغ بالحادث مع تحديد مكانه، وبعد انطلاقها يصبح لونها أحمر قان، وهذا يعني أنها تولّت مهمّة، ولا يجوز تكليفها بمهمة أخرى في الوقت نفسه. حرف «i» على الخريطة يعني أن هناك بلاغاً عن حادث، يتحوّل إلى رسم جهاز كمبيوتر محمول لدى وصول دورية «ساعد» وبدء عملية التخطيط الذي يجب أن ينتهي خلال ربع ساعة، فالعناصر مدرّبة على التخطيط والتصوير وإدخال المعلومات والمحادثة مع السائقين المعنيين بالحادث وإنجاز التقرير في هذه الفترة، أما إذا حصل أمر وتجاوز الخبير هذا الوقت فيتحوّل لون الجهاز إلى أحمر، ولذلك أسبابه وإجراءاته، ولكن كل شيء مبرمج ويسير وفق قانون المرور ولا حاجة للاستطالة. وفي حال وجود حادث بين أكثر من سيارتين، تتوجه أكثر من دورية إلى مكان الحادث لإنجاز التقرير.
عمل «ساعد»
في حال وجود إصابات، يبلّغ الإسعاف، وفي حال وجود خطر حريق أو حريق، يبلغ الدفاع المدني، وفي كلتا الحالتين تبلّغ شرطة أبوظبي التي توجد مباشرة في مكان الحادث، ويصبح نقل التقرير من شركة «ساعد» إلى شركات التأمين مرتبطاً بتقرير الشرطة ورصد الإصابات والأضرار. ففي حال تعدّي الأضرار من أضرار مادية إلى أضرار بشرية، يصبح الأمر مباشرة مرتبطاً بشرطة أبوظبي. لذا فإن أول سؤال يطرحه الخبير لدى وجوده في مكان الحادث هو عن احتمال وجود إصابات. وفي حال التأكّد من عدم وجود إصابات، يبادر الخبير وعبر ابتسامته المعهودة بتهدئة السائقين من عبارات تريح الخاطر «الحمد لله على سلامتكم» وسواها، وتسهم هذه العبارات كثيراً في التخفيف وتهدئة الأطراف.
قصة الخيول!
أما ماذا يفعل الخبير مع الخيول؟ فهي قصة أخرى خارج جدران غرفة عمليات شركة «ساعد» في «خليفة أ». نسير خلف دورية «ساعد» يقودها مشرف، وهو ليس خبيراً ولا يخطّط الحوادث، إنما يتواصل مع الدوريات ويتابع تقيدّها في العمل ويسارع إلى مكان الحادث إذا حصل أي شيء يعطّل من إجراء الدورية التي يقودها خبير تخطيط الحوادث البسيطة، من مثل عطل في جهاز الكمبيوتر المحمول معه، أو انقطاع بطارية السيارة، وأمور مماثلة.
لم نكن نتوقّع أن هذه التجربة ستقودنا إلى التعرّف إلى خيول سباق أصيلة رائعة الجمال، وصلنا لنجد أن الخبير الذي وصل قبلنا بكثير لكونه كان قريباً لمكان الحادث اتخذ القرار بعد استشارة الأطراف بإبعاد السيارات المتضررة والضالعة بالحادث إلى موقف قريب إلى جانب مكان الحادث كي لا يتسبب وقوفها في المسارات بتعطيل حركة السير أو التسبّب بحوادث أخرى إضافية.
قائد السيارة الصغيرة الأكثر تضرراً مقارنة بالسيارات الأخرى، كان منزعجاً، وثمة ثلاث سيارات، فإلى جانب سيارته، هنا «بيك آب» كبيرة، وهناك عربة نقل ضخمة مخصصة للخيول. لم تكن العربة خالية، كانت مملوءة بالخيول التي أنهت لتوها سباقاً في ميدان سباق الخيل. الحمد لله أن الدورية وصلت بسرعة والتقرير سينجز في دقائق وستتابع الخيول المسير.
حيثيات الحادث
قائد العربة يشرح لنا ما جرى معهم، هناك سيارة مفقودة، كيف ذلك؟ هذا ما أبلغ به السائقون الثلاثة للخبير في «ساعد»، فوضع جهاز الكمبيوتر المحمول جانباً، فهو لن ينجز تقريره العادي، وعوضاً عن ذلك سيقدّم تقريره على أوراق ويحيل الأمر لمركز الشرطة.
السيارة المفقودة، هي السيارة التي تسبّب سائقها بتهوّره في القيادة بالحادث، وقد مضى. العبارات التقنية تلخص الأمر على لسان الخبير الذي تلقى دورات تدريبية مع «ساعد» في فن تخطيط الحوادث والبرنامج المعتمد وفي قوانين المرور والقيادة السليمة وفي التعامل مع الجمهور. وقال لنا الخبير الذي باشر بتخطيط الحادث ناصر صالح سعيد «إن الحادث سببه سيارة مرّت بطريقة متهوّرة ومضت من دون أن تكون قد لامست بهيكلها أياً من الأطراف الموجودين هنا والذين حصلت لديهم أضرار مادية. العبارة المستخدمة هي (عدم تلامس)، وسوف يسجّل الحادث ضدّ مجهول ويحوّل في هذه الحالة إلى مركز الشرطة الذي يجري التحقيق، وقد تكون لديه صور لمكان الحادث قد التقطت السيارة المسببة وحينها يبلّغ سائقها ولا يعود الحادث ضد مجهول».
وأشار إلى أنه في حال وجود مشكلة وعدم اقتناع الأطراف، يحال الأمر أيضاً إلى مركز الشرطة، وثمة ثقة عالية بشركة «ساعد» والقانون واضح، ما يهدئ الأطراف في العادة.
ثقة في «ساعد»
يقول سائق عربة النقل «نحن نثق بهم والحال قبل (ساعد) كانت مختلفةً وكان المتضررون ينتظرون كثيراً، أما الآن فإننا نبلغ فيصلون في عشر دقائق أو ربع ساعة وينجزون التقرير. وكل شيء واضح». أشار الخبير إلى أن أوراق السيارات تحجز ويعطى السائقون أوراقاً بديلة ويتحولون فيما بعد إلى مركز الشرطة لإنهاء المعاملات. السيارة الصغيرة الأكثر تضرراً لم يطلب لها رافعة؛ لأنها صالحة للسير، وبعد تأكد الخبير أنها لا تسبّب ضرراً على الطريق سمح لسائقها بالانطلاق.
ولو طلب الخبير الرافعة لنقل سيارة لا تصلح لمتابعة السير في الطريق لكانت ظهرت علامة الرافعة في غرفة العمليات في شركة «ساعد» الذي تركناه خلفنا.
عمل «ساعد»
أولاً: للإبلاغ عن الحادث اتصل بالشرطة على الرقم 999
ثانياً: بتفويض من الشرطة، ستصلك دورية «ساعد» خلال 15 دقيقة من إبلاغك عن الحادث البسيط لإتمام الإجراءات النظامية.
ثالثاً: خلال أقل من 15 دقيقة سينهي «خبير السير» تخطيط الحادث وتحديد المسؤولية باستخدام نظام إلكتروني.
رابعاً: سيتم شرح نتيجة التخطيط لجميع الأطراف وفي حالة عدم موافقة أحد الأطراف، يحال الموضوع إلى مركز الشرطة.
خامساً: في حالة قبول الأطراف بنتيجة التقرير سوف يعطى كل طرف وصل به رقم الحادث وتاريخه ورقم لوحة المركبة ويمكن بهذا الوصل مراجعة شركة التأمين.
سادساً: سيرسل تقرير الحادث مباشرة إلى شركات التأمين المعنية إلكترونياً كما يمكن مطالعة التقرير على موقع شركة «ساعد» الإلكتروني www.saaed.ae
سابعاً: في بعض الحالات سيضطر «خبير السير» إلى الطلب من أحد الأطراف مراجعة مركز الشرطة، ولذلك ننصح الإسراع بمراجعة المركز لتفادي تأخير إنهاء إجراءات موضوع الحادث.
حادث لكنه طريف!
قال محمد القحطاني «قائد مركبة»، وهو يضحك: «لا أعرف ماذا جرى؟ كنت على دوّار في شارع المطار، اصطدمت بي سيارة من الخلف، فنزلت مسرعاً ورأيت ما جرى واتفقت مع سائقها على التوجّه إلى أقرب موقف والتبليغ عن الحادث كي لا نعوق السير. دخلت الموقف وركنت السيارة لألتفت وأراه منطلقاً إلى مكان أبعد وضاع منّي. كنت قد أبلغت بالحادث، فوصلت الدورية وبسبب استعجالي لم أسجّل رقم السيارة التي صدمتني، وسيسجّل الحادث ضد مجهول».
وما الضرر في ذلك؟ أجاب محمد مبتسماً من طرفة ما جرى معه «سأدفع المبلغ». وأي مبلغ؟ وهنا أوضح المشرف الذي سرنا خلفه في يومنا هذا، أن المبلغ الذي يذكره ليس غرامة، كما يعتقد البعض؛ لأن ليس من عمل «ساعد» فرض غرامات؛ لأنها ليست شرطة مرور، كما يظنّ البعض، وإنما هناك رسم محدّد لتخطيط الحادث ويبلغ 300 درهم، يدفعه السائق المتسبّب بالحادث». وإذ ببلاغ مشابه تلقته شركة «ساعد» ومواصفات السيارة تتطابق والأوصاف التي حدّدها القحطاني، وقد تاه سائقها وتوجّه إلى موقف محاذٍ. أرسلت السيارة إلى المكان، حيث القحطاني لمطابقتها، وأنجز تقريراً واحداً وليس تقريرين ضد مجهول.
أوضح لنا السائق الثاني كيف أضاع السيارة ودخل الموقف الثاني، وقال «لم يكن أمامي مفرّ إلا الاتصال والتبليغ؛ لأنني لم أنتبه لتسجيل رقم السيارة التي اصطدمت بها، ولا بد من التبليغ عن أي حادث مهما كان بسيطاً ليصار لتحويل التقرير إلى شركات التأمين».
كبسة زر ويحوّل التقرير إلى شركات التأمين المعنية، ورقم تسلسلي بوسع سائق السيارة لدى دخوله موقع «ساعد» على الإنترنت مراجعة التقرير، وتعطي «ساعد» مهلة ثلاثة أيام للمراجعة أوالاعتراض بعد الحادث.
عدد اليوم
