السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«دبي المعاصرة».. جداً!

«دبي المعاصرة».. جداً!
5 ابريل 2012
يجتمع في معرض “صنع في دبي”، وتحت عنوان أعرض هو “دبي المعاصرة”، عشرة فنانات وفنانين، أربعة إماراتيين وستة أجانب، تجمع بينهم الرغبة الأكيدة في التجريب، والقدرة الواضحة على إنتاج أعمال تنتمي إلى هذا المفهوم، الذي يبدو هنا فضفاضا ويتسع لصور وأشكال عدة من التجريب، لكن الغالب فيها هو الأعمال ذات الطابع التركيبي، باستخدام المواد المختلفة، أو التصويري الفوتوغرافي أو الفيديوي (الفيديو آرت). الفنانون المشاركون في هذا المعرض هم: حسن شريف، عبد الرحمن المعيني، ليلى جمعة، محمد أحمد إبراهيم، كورنيا سيلست ميل، كريستيانا دي ماركي (فنانة وشاعرة)، جاسيكا مين، جو جيراندولا، لوجين يون، ونيلي ميسيرا. المعرض الذي يقام في غاليري “أوف لايت ـ مسرح دبي الاجتماعي”، يأتي خطوة أولى لتأسيس ما يمكن اعتباره “جماعة دبي المعاصرة”، هذه الجماعة التي يراد لها أن تؤسس لما يشبه البينالي، وقد لخص “القيم” على المعرض الفنان الإماراتي محمد كاظم فهمه لهذا المعرض قائلا إنه ينطلق من مفهوم فلسفي واضح يعتمد ببساطة على حشد مجموعة من الرؤى البصرية لفنانين وفنانات من ثقافات مختلفة يلتقون جميعا للتعبير عن مشاهداتهم وانطباعاتهم عن مدينة دبي التي تتجاور فيها ملامح العراقة التاريخية ذات الطابع العربي الإسلامي، وأشكال الحداثة، وأحلام المستقبل، بما يجعل من هذه المدينة مكانا مثاليا لطرح فكرة التعايش بين الثقافات في المدن التي تحمل الصبغة العالمية. ويقدم المعرض فرصة لمتذوقي الفن للتعرف على بعد جديد في أسلوب التعامل مع بيئة المكان، حيث يعرض أعمالا لمجموعة من الفنانين الإماراتيين تكشف عن تفاعلهم مع المحيط المتعدد والثري لبلدهم. وعلى الجانب الثاني يقدم المعرض أعمالا لفنانين من الشرق الأوسط والعالم، ولهم علاقات وطيدة مع دبي وبعضهم مقيم فيها منذ سنوات، حيث تكشف أعمال هؤلاء عن علاقتهم بالمكان وتعلقهم به. وهناك أيضا مجموعة أعمال ثالثة لفنانين من جامعة فيلادلفيا في الولايات المتحدة، الذين تعبر أعمالهم عن انطباعاتهم عن مكان يزورونه للمرة الأولى. وبذلك تتوحد كل هذه الاتجاهات لإنتاج صور متعددة عن (دبي المعاصرة). أما “القيم” المساعدة في المعرض كريستيانا دي ماركي فترى أن هذا المعرض يتميز في كونه “يجمع فنانين لديهم ثلاث وضعيات في ما يتعلق بعلاقتهم بالإمارات، وبمدينة دبي على وجه الخصوص، وهي وضعية تتغير طوال الوقت، في حدود أن الفنان يدعى للمشاركة في عروض تنظم وتقام في الخارج أو بالصدفة أو تنتقل قصدا إلى مكان آخر وتعيد تموضعها، وهذا يبرهن بالتالي، إذا كانت ثمة حاجة wللبرهان، على هشاشة مفهوم الانتماء حين يتحدد حصرا في المعطيات المكانية (للأسف، ما يزال هذا هو المفهوم الذي يعمل ضمنه القيمون ومالكو الغاليريهات والتجار الفنيون حين يعرفون الفنانين ويصنفونهم تبعا للبلدان التي يتحدرون منها). وهذه الوضعيات الثلاث المقصودة هي الفنانون الإماراتيون أولا، والمقيمون في الإمارات ثانيا، والفنانين الذين تتم دعوتهم لزيارة دبي ثالثا. التجارب الإماراتية فمع عمل حسن شريف رائد المفاهيمية في الإمارات، الذي جاء بعنوان “تجسيد”، وما يتبعه من تفاصيل، نجد عملا يقوم على نمط صناعي متوالٍ من الإبداع، لكنه مثل أعمال شريف التي تزيل الرتابة التسلسلية الكامنة في المنتج الصناعي، فهو- كما يقول- يضخ في أعماله حسا واقعيا يفضح التوحش الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، متيحا للناس فرصة تعرف خطر الإفراط في الانغماس في هذا النمط من الاستهلاك السلبي. هذه التجربة هي محور لتجارب فنية إماراتية كثيرة، وهي محور لقاء مع التجارب العالمية في هذا الإطار أيضا. فمنها ننطلق في متابعة أعمال الإماراتيين الآخرين، حيث يعمل محمد أحمد إبراهيم في منطقة قريبة في التفاصيل، وإن اختلفت لجهة الأسلوب، فأعماله ترتبط بالبيئة والأسلاف من خلال الرسومات والأعمال النحتية والبلاستيكية التي تتشكل في أشياء ابتدعها بالمعجون الورقي والبذور والتربة وغيرها من مواد الطبيعة. ليلى جمعة لا تذهب بعيدا، لكن دقة الرسم، وحساب الوحدات للوصول إلى التناغم في التأليف، واختزال الجوهري، هي أهم ما يميز عملها. وفي سياق مختلف قليلا يعمل عبد الرحمن المعيني القادم بألوانه وتكويناته الهندسية الدقيقة المتضمنة الكثير من تفاصيل الواقع. من التجارب العالمية أما عمل الفنانين القادمين من مناخات أخرى، فقدموا أعمالا تحاول الارتباط بالثقافة المحلية، وتشدد على التماس بين دبي وعوالم مختلفة، منها الهند، من قبل فنانين مثل جو جيراندولا، لوجين يون، ونيلي ميسيرا، وغيرهم، مما يشكل تجارب تتشابك مع هذا التعدد في المعرض، فنجد هنا ما هو ملتحم من قريب أو بعيد بمناخات دبي التي هي محور المعرض، وعلى سبيل المثال نأخذ تجربة الفنانة كريستيانا دي ماركي التي تشتغل في التطريز، تجربة صعبة الهضم، فهي تبلغ في تطريزاتها “مستوى التكوين النظامي الذي يغطي فيه كل ما هو قابل للتغطية”. ثمة نوع من المثابرة والصلابة اللتان تمتزجان بمستوى عال من الاستبصار والتوغل عميقا، وهو ما يؤدي إلى نتيجة تحريضية بصورة غير مباشرة، داعية الجمهور إلى استجواب أنفسهم أو طرح الأسئلة على ذواتهم، وذلك في خضم البحث عن توليف بين العناصر يحدث بمحض الصدفة، أو بتقصد من الفنانة. وأخيرا فإن معرض (دبي المعاصرة) بالنسبة إلى الفنان “المقيم” محمد كاظم يحمل في أعماقه دعوة واضحة للمحبة والصداقة والانتماء إلى معاني الجمال الإنساني مهما اختلفت الألسـن وتعددت انتماءات البشر. ولذلك فإن الأسئلة التي يوجهها إنسان اليوم إلى نفسه، لا تجد إجابة واضحة إلا في الفنون التي تحمل رسالة إنسانية عالية وتحاول أن تتحدث بلغة يحبها الجميع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©