السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المقاطعة اختبار فعلي لقطر في الالتزام بتوجهات «التعاون»

المقاطعة اختبار فعلي لقطر في الالتزام بتوجهات «التعاون»
8 يونيو 2017 04:48
حوار - بسام عبد السميع لم تستوعب قطر التوجه الدولي الجاد والحقيقي لمواجهة الارهابيين وإنهاء سيطرة المليشيات والقوى التي تقف خلفها، وأصبحت كالمقامر الذي يدفع أكثر ليعوض خسارته فيتورط أكثر، فهي الآن متهمة بالتخريب ودعم وتمويل الجماعات الإرهابية في الدول التي دعمت فيها جماعة الإخوان لمحاولة وصولهم للسلطة وبات الوجه اليوم مكشوفاً في دعم المقاتلين الإرهابيين من دون قناع، ليس فقط دعم الجماعة الإسلامية المعتدلة أو هو المسمى الذي لطالما روجوا له في وصف جماعة الإخوان الإرهابية، بتلك الكلمات بدأت الدكتورة وسام باسندوه أستاذ العلاقات الدولية والخبيرة والمحللة السياسية حوارها مع «الاتحاد.» وقالت باسندوه «إن ردة فعل المجتمع الدولي في التعامل مع قرار دول التعاون ودول عربية وإسلامية بمقاطعة قطر بمثابة الاختبار العملي لمدى جدية الدوحة في الالتزام بتوجهات دول التعاون، وذلك بعد تورط قطر أكثر وأكثر في محاولة تمكين أدواتها في السيطرة على مصر وتونس والأردن والمغرب، وليبيا، وفلسطين، عبر دعمها لتمكين لجماعة الإخوان، وهذه هي الدول التي فقدت السيطرة عليها على الرغم من كل ما ضخ من أموال لهم وباتوا اليوم عبئا عليها». عرسال اللبنانية وأضافت باسندوه: تبادر إلى ذهني سريعاً في اللحظة التي استيقظت فيها على خبر قطع الدول العربية الكبرى علاقتها مع قطر، مشهد تبادل الأسرى الذي تم قبل عامين ونصف تقريباً بين جنود حزب الله وجبهة النصرة في عرسال اللبنانية، أتذكر جيداً صدمتي حينها وأنا أتابع قناة الجزيرة القطرية، وهي تنقل مباشرة عملية التبادل التي أنجزتها الوساطة القطرية، فقطر كانت وما زالت الدولة الوحيدة بالعالم التي لها دلال على الإرهابيين وكلمة مسموعة، كما أنها تحتفظ بقنوات اتصال وتواصل معهم. وتابعت: «في أثناء هذا النقل المباشر كان يطل علينا إرهابيو جبهة النصرة الذين تسميهم القناة مقاتلين أو مجاهدين بكل فخر ويرفعون أعلامهم السوداء، تساءلت حينها بقلق ورعب وأنا أفكر بالمستقبل، إلى أين نحن ذاهبون؟! هل بات من الطبيعي أن يطل علينا الإرهابيون هكذا عادي؟! ثم أطلت علينا ساجدة زوجة البغدادي، إحدى المفرج عنهم، وحاول مراسل الجزيرة أن يقتنص منها بعض الكلمات، لتظهر ساجدة بمظهر كان يراد منه أن يصل للإنسان المسلم البسيط مؤثراً ومستثيراً للعواطف، فهي امرأة منتقبة قد تشبه أمه أو أخته، خائرة القوى تحمل رضيعة، تشتاق لأطفالها وتقبلهم بحرارة عند اللقاء». وأكدت أن صورة ساجدة البغدادي هي الصورة النمطية التي عملت الجزيرة القطرية دوماً لترويجها عن الإرهابيين. وكتبت باسندوه قبل عامين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أنها شاهدت بالمصادفة برنامجاً نقاشياً في قناة الجزيرة حول «داعش»، والغريب أنه لم يكن ضمن الضيوف إنسان طبيعي يشبهنا، ويشبه كل من نعرف ممن يدينون «داعش»، وإنما كان الضيوف يتفاوتون بالدرجة ما بين مؤيد لـ «داعش» ومؤيد بقوة، ومتحفظ على بعض الممارسات رغم تأييده، ويا للعجب؟! تضليل الجزيرة وتابعت باسندوه بالقول: «داعش» التي تصر قناة الجزيرة القطرية ومذيعوها من دون كل الدنيا على تسميتهم بدولة العراق والشام الإسلامية، وهي التسمية التي يفضلها إرهابيو التنظيم، الفاجعة كانت بأن أحد الضيوف قال حينها علنا: «إن داعش، هي المدافع عن شرف الأمة»، غردت حينها متسائلة أين دولته وماذا ننتظر أكثر ليعلن هذا الضيف أنه إرهابي؟! وأضافت: وصلت قناعتي حينها أن هذه القناة باتت تظهر الإرهابيين علانية ودون مواربة، كما كانت تفعل من قبل مع ابن لادن والظواهري وغيرهما، ممن أدخلتهم بيوتنا ومنحتهم المساحات للتعبير والتبرير، فقد أوصلت للمشاهد العربي صورتهم كأبطال مقاومين دون أن تقولها صراحة. وأشارت باسندوه إلى أن تلك الذكريات القميئة مع سياسة هذه القناة تكشف وجهها بوضوح منذ أواخر 2011 لم يكن هنا فقط، لكن الأهم وهو ما يحاجج به بعض منتسبيها ومؤيديها اليوم من أنها لطالما وقفت لجانب المقاومة والممانعة، وهنا يكفينا أن نذكرهم فقط بأنها كانت أول من أدخلت الإسرائيليين إلى البيوت العربية، إلى غرف معيشتنا وحجرات نومنا عبر شاشتها، وليس أي إسرائيليين وإنما متحدثو وزارة الدفاع، في حين التزمت كل الدول العربية وقنواتها بالمقاطعة وعدم التطبيع. أجندة قطر وبررت باسندوه تلك الذكريات بالقول «لا يمكن الحديث عن قطر وسياساتها بمعزل عن الحديث عن قناة الجزيرة، فالجزيرة ماهي إلا تعبير عن استراتيجية وأجندة دولة قطر»، مضيفة أنه ليس أدل على ذلك من أن اسم قطر تردد عربيا ودولياً مرتبطاً بقناة الجزيرة، وبدأت الإشكالات العربية مع قطر منذ بداية بث الجزيرة وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول، وحتى حينه لم تكن الجزيرة وقطر تتصادمان مع المواطن العربي، بل على العكس كان المواطن العربي يجد فيها بأوقات كثيرة وسيلة للتنفيس والتعبير عن همومه ومشاكله، وربما أن الجزيرة ما زالت تعول على هذا الرصيد اليوم. وتابعت «هذا يدفعني للعودة للتحليل السياسي للأزمة بشكل منهجي، فقطر تقود أزمتها اليوم مع الدول العربية بعقلية انطلاقها قبل عدة أعوام، ولديها تجربة تعتقدها مشابهة حين تبنت الدول العربية مقاطعة الجزيرة وإغلاق مكاتبها ووقف تعامل شركاتها مع الإعلانات فيها، ومع هذا لم تتأثر واستمرت، هي استمرت بالفعل لأنها قناة لا تستهدف الربح، فهي مشروع دولة عبر القناة وبالتالي الدولة قادرة على تأمين المادة لها مقابل تحقيق مشروعها وهو ما كان، وهي تتوقع أنها ستسير بنفس الخطى اليوم». وأوضحت باسندوه، أن قطر فاتها تحولين مهمين، أولهما أن صمودها السابق تحقق لأن المواطن العربي كان مغيباً ومقتنعاً وواثقاً بها وبسياساتها وإعلاميها حد الانبهار، فمعظمنا كنا كذلك، لكن اليوم كل مواطن عربي غير إرهابي انصرف عنها، ومنذ سنوات. مخاطبة الذات وقالت: كما أن الجزيرة باتت تخاطب نفسها، مثلها مثل الإعلام الموجه للدول في حقبة الستينيات التي لطالما سخرت منه، ولم يعد يتابع الجزيرة ويتأثر بها اليوم سوى الجماعات المتطرفة وأنصارها، ابتداء من الإخوان المسلمين وصولاً لـ «داعش»، فالمواطن العربي الثوري الطامح للأفضل، مثقف الطبقة المتوسطة والذي كان يحلم بالحرية والعيش والعدالة الاجتماعية، ويمثل القاعدة العريضة من جموع الشعوب العربية، انفض عنها وفهم ألاعيبها ولم يعد يتأثر بأي مما تبثه لا يسمعه ولا يتابعها أصلاً وإن تابع فسيتبنى العكس مباشرة. وأما التحول الآخر فهو مرتبط بالسياسة القطرية التنفيذية، فخلال الأزمات السابقة كان كل استثمار قطر لتنفيذ أجندتها في السيطرة وبناء النفوذ والنفاذ لتحقيق مشاريعها يتم عبر هذا البوق، وأما بعد 2011، فالأمر لم يعد كذلك قطر ذهبت أبعد، فقد اضطرت للنزول إلى الأرض والانغماس فعلياً في معظم الصراعات بالمنطقة، من اليمن لليبيا لسوريا للعراق للمغرب، وهو أمر أكبر من حجمها وقدراتها ولا تستطيع أن تستمر فيه. وعن دعم قطر للحوثيين قالت أجدد رؤيتي «إيران تستطيع أن تدعم مليشيا، لكنها لا تستطيع أن تمول دولة»، وهو ما كان، فإذا كان هذا حال إيران وهي دولة أكبر بكثير من قطر، فكيف بقطر؟!» لماذ الآن وأجابت باسندوه، عن سؤال بات يشغل الرأي العام حول لماذا المقاطعة الآن، فأوضحت أن دور قطر لم يعد مجرد بوق «الجزيرة» يهذي من حين لآخر مستهدفاً دولة عربية ونظامها فحسب عبر شهود عيان مزيفين، أو صور مزيفة لجثث يقومون بتناقلها من العراق لسوريا لليمن لمصر، ولا عبر بث أخبار ومظاهرات مزيفة أو من الأرشيف كما يجري الآن في البحرين أو مصر أو شرق المملكة السعودية، أو بث تقارير مزيفة لانتهاكات بالسعودية والإمارات . وأضافت: أن كل هذا كان يتم مع الحديث عن المهنية، ليتطور الأمر من الحديث إلى الفعل باحتضان ودعم مطلوبين للعدالة في معظم الدول العربية يشرفون ويوجهون ويديرون عمليات إرهابية تحدث وحدثت بالفعل. وتابعت باسندوه « لماذا الآن؟ لأنه الآن وفي هذه اللحظة فهناك جماعات مقاتلة مدعومة بوضوح من قطر تسهم في استمرار الفوضى ونزيف الدم بليبيا، ومنع محاولات الوئام ولملمة الصفوف واستعادة الدولة، بل ومحاولة مد هذه الحالة لجمهورية مصر. وجددت الإجابة عن لماذا الآن؟ قائلة: لأنه الآن وحين يتساقط اليمنيون شهداء على يد مليشيا الانقلاب ويتساقط الجنود السعوديون والإماراتيون شهداء وهم يدافعون عن لحمة الصف العربي.ولماذا الآن؟ لأنه وبكل وضوح لا يمكن فصل التغير في المزاج الدولي بعد أفول مرحلة أوباما وإدارته سيئة الذكر التي نجحت في تسليم المنطقة العربية للميليشيات، والإدارة التي روجت لفكرة وصول جماعة ما سُمِي بالإسلام المعتدل «الإخوان» للسلطة، وهو المشروع الذي عملوا عليه من 2011، وسقط سقوطاً ذريعاً على يد المواطن العربي، الذي أثبت أنه ينبذ هذه الجماعة بخلاف كل التقارير المزيفة التي وصلتهم أو روجوا لها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©