الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قطر.. من أمِنَ العقوبةَ أساء الأدب!

8 يونيو 2017 03:25
السياسة الخارجية لأي دولة هي مجموعة الأهداف السياسية التي تحدد كيفية تواصل هذا البلد مع البلدان الأخرى في العالم.. باختصار هي لغة التواصل بين الأمم. وبشكل عام تسعى الدول عبر سياساتها الخارجية إلى حماية سيادتها المتمثلة في مصالحها الوطنية وأمنها الداخلي وأهدافها الفكرية والأيديولوجية وازدهارها الاقتصادي. كان لابد من هذه المقدمة لكي نفهم أسباب ما حدث وما يحدث من تداعيات للأزمة والنار التي أشعلت دولة قطر فتيلها، ووضعت بسببها المنطقة بأكملها فوق فوهة بركان ثائر. لنأخذ الأمور بالمنطق، ونقل أولاً: ما هي الأهداف التي تحدد السياسة الخارجية لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي؟ والإجابة هنا بسيطة، فمنذ إنشاء هذه المنظومة، كانت هذه الأهداف تتلخص في التنسيق والتعاون في مجال السياسة الخارجية لصياغة مواقف مشتركة وموحدة تجاه القضايا السياسية التي تهم دول مجلس التعاون في الأطر العربية والإقليمية والدولية، والتعامل كتجمع واحد مع العالم. وبالمنطق وبشيء من العقلانية أيضاً نسأل صانعي القرار السياسي لدولة قطر: أين التنسيق والتعاون في: استضافة قادة تنظيم دولي هو (جماعة الإخوان المسلمين)، الذي خطط لقلب نظام الحكم في دولة عضوة في مجلس التعاون هي دولة الإمارات بهدف الاستيلاء على نظام الحكم فيها؟ ونسأل صانع القرار السياسي في قطر: هل كنتم تقبلون أن تستضيف السعودية أو الإمارات أو البحرين قادة التنظيم نفسه لو أن هذا التنظيم خطط لتدبير انقلاب في قطر والاستيلاء على نظام الحكم عندكم؟! وأين التنسيق والتعاون في الإبقاء على العلاقات والتعاون مع تنظيم إرهابي آخر هو (حزب الله) الذي خطط ودبر مؤامرة قذرة لإشعال الفتنة في دولة عضوة في مجلس التعاون بهدف القضاء على نظام الحكم فيها؟ أين الحكمة والتنسيق والتعاون في استقبال أولئك الخارجين على القانون في البحرين الذين ارتكبوا جرائم إرهابية لصالح «حزب الله» واستضافتهم في قناة «الجزيرة» لصب الزيت على النار، وضرب نظام الحكم في البحرين؟ وهل كانت السياسة القطرية تقبل أن يحدث العكس وتقوم البحرين باستضافة الأشخاص أنفسهم لو أنهم ارتكبوا الجرائم ذاتها ضد نظام الحكم في قطر؟! وأين التنسيق والتعاون في التواصل مع جماعة إرهابية أخرى هي (جماعة الحوثيين) الذين خططوا ودبروا انقلاباً في اليمن ثم سحبوا الجيوش وأطلقوا الصواريخ وقتلوا العشرات من أبناء دولة ثالثة عضوة في منظومة مجلس التعاون هي المملكة العربية السعودية؟ ونكرر السؤال ذاته على صانع القرار السياسي القطري: هل كنتم ستقبلون أن يحدث العكس، فيعتدي عليكم «الحوثيون»، ثم تقوم السعودية أو الإمارات بفتح أبواب وقنوات التواصل والتعاون معهم؟! وأين التنسيق والتعاون في أن يقوم صانع القرار السياسي في قطر بفتح ذراعيه لعدو لدود شرس هو نظام الملالي في طهران، الذي يزرع الطائفية في أرض العرب، ويحرق الحرث والنسل ويدمر الأخضر واليابس في بلاد العرب، وتتعامل قطر مع هذا العدو على أنه نظام صديق وجار صدوق؟! وأين التنسيق والتعاون واحترام الجيرة والأخوة في أن تقوم قطر بالتعاون والتواصل مع جماعات تصنفها كل دول العالم بأنها جماعات إرهابية مثل (جماعة النصرة) وتنظيم (أحرار الشام)؟! أليست هذه الجماعات تدعو علناً وعلى رؤوس الأشهاد إلى إسقاط أنظمة الحكم في منظومة دول مجلس التعاون التي تعتبر قطر نفسها جزءاً لا يتجزأ منها؟!.. ونكرر السؤال نفسه فنقول: ماذا لو حدث العكس، فتعاونت بقية دول المجلس مع جماعة تدعو لإسقاط نظام الحكم في قطر؟!.. هل كانت قطر ستقبل بذلك؟ وأخيرا وليس آخرا.. أين التنسيق والتعاون في أن تسمح قطر لقناة تلفزيونية هي قناة الجزيرة بخلق بلبلة وحالة من الهيجان والفوران والفوضى والعبث بالمبادئ والمُثُلْ، نتيجة قيامها بالهجوم على الأخ والصديق والجار الخليجي بما يمس سمعة هذا الجار وسيادته وكيانه ووجوده.. وأن تقوم تلك القناة باستضافة ثلة من المنحرفين وشذاذ الآفاق والمستنفعين وتجار السياسة للإساءة لسمعة بقية دول مجلس التعاون الخليجي؟!.. هل كانت قطر ستقبل أن تقوم السعودية أو الإمارات أو البحرين بالفعل القبيح نفسه وتفتح قنوات تلفزيونية لشتم وسب دولة قطر وحكامها؟!.. باختصار، هدمت المراهقة السياسية القطرية النظام الأساسي وأركان منظومة دول مجلس التعاون الخليجي. ولا بد من شروط تفرض على قطر في اتفاقية سياسية وأمنية واقتصادية بضمانات خليجية وإقليمية ودولية لكي لا يحدث أي تجاوز مستقبلاً.. ولا بد من تحجيم دور قطر وإلزامها بموجب هذه الاتفاقية بطرد الإرهابيين كافة من أراضيها سواء قادة جماعة «الإخوان» أو من له أي صلة بحركة «حماس» أو «جبهة النصرة» أو أحرار الشام أو «الحوثيين». ولابد من فرض رقابة صارمة على أنظمة انتقال الأموال من وإلى قطر، وتتبع حركتها لضمان منع وصول أي فلس إلى الجماعات الإرهابية. ولابد أخيراً من وجود بند في الاتفاقية شبيه بالبند السابع في مجلس الأمن الذي يجيز استخدام القوة ضد أي نظام متمرد يتسبب في تعريض الأمن الإقليمي أو العالمي للخطر. لابد من فرض مثل هذه العقوبة، لأن «من أمن العقوبة... أساء الأدب!» *صحفي إماراتي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©