الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

العجز التجاري في الولايات المتحدة يثير القلق

العجز التجاري في الولايات المتحدة يثير القلق
3 مايو 2018 02:02
هناك حاجة للقلق، ولو قليلاً، حول العجز التجاري الأميركي. الشرير الرئيسي في هذه القصة ليست الصين أو أوروبا أو المكسيك، لكن الولايات المتحدة نفسها. ولإثبات عدم صحة هذا الأمر، فعلى واشنطن أن تنطلق نحو سياسات تهدف إلى تقليص العجز التجاري الذي سيؤدي إلى نتائج عكسية في المستقبل. ولكن في الوقت الراهن تنتهج الولايات المتحدة سياسات محلية تعزز العجز التجاري أكثر وأكثر. ظل العجز التجاري للولايات المتحدة مستقراً منذ ما يقرب من عقد من الزمان عند حوالي 3% من الناتج المحلي الإجمالي. ويقابل ذلك جزئياً صافي الدخل الذي يكسبه الأميركيون على استثماراتهم في الخارج، مما يؤدي إلى عجز في الحساب الجاري يبلغ حوالي 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي. هناك حجج سليمة بأن العجز بهذا الحجم لا يدعو للقلق. فحسب عالم الاقتصاد الأسكتلندي (1723 - 1790) آدم سميث فالواردات هي القيمة الحقيقية للبلد. أما الصادرات فهي مجرد بذل مجهود غير محمود من أجل الحصول على البضائع. علاوة على ذلك، طالما أن الاحتياطي الفيدرالي لديه مجال لخفض أسعار الفائدة إذا لزم الأمر، فإن العجز التجاري لا يقلل من الوظائف. أي زيادة في الطلب كرد فعل على تقليص حجم العجز التجاري سيقابله بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة. وإذا طبقنا ذلك عالمياً نجد أن معدل البطالة أقل في دول مثل إيطاليا التي لديها فائض تجاري مقارنة بدول مثل بريطانيا التي تعاني من عجز تجاري كبير. ومع ذلك، فإن الجانب الآخر من عجز الحساب الجاري هو الكمية الكبيرة من الاقتراض الأجنبي الذي يتعين على الولايات المتحدة الحصول عليها كل عام. كانت أميركا تقترض من الخارج منذ سبعينيات القرن العشرين، وأصبحت التزاماتها الصافية تجاه بقية العالم تبلغ 40% من الناتج المحلي الإجمالي. إن الحصول على الدولار الأميركي كعملة للاحتياطي العالمي - وهو ما يطلق عليه الاقتصاديون أحياناً «الامتياز الباهظ» لأميركا - يمنح الولايات المتحدة الفرصة للاقتراض بسعر رخيص نسبياً، في حين يستثمر الأميركيون بعض العائدات في مشاريع ذات عائد أعلى في الخارج. حتى الآن لا تزال الولايات المتحدة تجني المال. لكن لا أحد يعرف كم من الوقت سيستمر هذا الوضع، وبغض النظر عن ذلك، فإن الولايات المتحدة ستجني المزيد من المال إذا لم تدين للأجانب بالكثير من الديون. العائدات المستقبلية معدلات العائد المستقبلية لا يمكن التنبؤ بها، ولكن الشيخوخة أمر مضمون لا مفر منه. اليوم هناك 4.2 أميركي في سن العمل لكل شخص يبلغ من العمر 65 عاماً أو أكثر. بحلول عام 2040 سوف ينخفض هذا المعدل إلى 2.9 نتيجة لزيادة الإعمار في الولايات المتحدة، وتشير معظم التوقعات الآن إلى نمو الاقتصاد الأميركي حوالي 2 % فقط في السنة. وبالنظر إلى كل هذا، فإن اقتراض مبالغ كبيرة من الخارج لتمويل الإنفاق اليوم قد يكون أمراً غير حكيم، لأنه سيتطلب تقليص الإنفاق في المستقبل لسد الديون وفوائدها. لهذا السبب أوصى صندوق النقد الدولي بأن تقلص الولايات المتحدة عجز الحساب الجاري إلى النصف تقريباً. وهذا يعني تخفيض العجز التجاري السنوي بنحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي، أو 200 مليار دولار. قد يكون هذا الإجراء ضعيفاً بعض الشيء، ولكن على الأقل يجب على الولايات المتحدة أن تسعى للتأكد من أن عجز الحساب الجاري لا يرتفع كثيرًا عن 3% من الناتج المحلي الإجمالي. ولكن كيف؟ حتى أفضل السياسات التجارية التي يتم تطبيقها لن يكون لها تأثير يذكر على العجز التجاري، والحل ربما ليس في فرض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المزيد من التعريفات الجمركية، فالأرجنتين لديها عجز تجاري كبير على الرغم من التعريفات المرتفعة، في حين إن ألمانيا لديها فائض تجاري كبير على الرغم من التعريفات الجمركية المنخفضة. الممارسات التجارية ماذا عن كبح الممارسات التجارية غير العادلة من قبل الصين والدول الأخرى؟ من شأن ذلك أن يعزز صادرات الولايات المتحدة في بعض الصناعات المحددة، لكنه سيزيد كذلك من قيمة الدولار، مما سيضر بالصادرات الأخرى ويزيد الواردات. وسيكون التأثير الصافي على العجز التجاري الكلي غير محسوس. ماذا عن حرب تجارية؟ وهل هذا من شأنه أن يقلل من العجز التجاري؟ ستؤدي التعريفات الأميركية التي ستطبق على منتجات الدول الأخرى وفي المقابل التعريفات الجمركية التي ستفرضها الدول الأخرى على الولايات المتحدة كرد، إلى إلغاء أي مكاسب من الممكن أن تجنيها الولايات المتحدة من جراء التعريفات الجمركية الجديدة، مما يؤدي إلى تقليص حجم التجارة دون تغيير صافي الرصيد. عجز الحساب الجاري هو الفجوة بين إجمالي الاستثمار مقارنة بإجمالي ما يتم توفيره. وإذا قامت دولة ما بتوفير أموال أقل من تلك التي تنفقها على أشياء مثل المصانع والمعدات، فعليها تمويل الفرق بالاقتراض الأجنبي. في الوقت ذاته، من المتوقع أن يزيد عجز الميزانية الفيدرالية، وهو شكل من أشكال المدخرات السلبية، بنحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المقبل، حوالي نصف هذه الزيادة في العجز بسبب تخفيض الضرائب التي أعلنها ترامب. وإذا ظلت كل الأمور الأخرى كما هي الآن، فهذا من شأنه زيادة عجز الحساب الجاري بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يترجم إلى 600 مليار دولار إضافية في العجز التجاري السنوي. الحل الأفضل ماذا سيكون الحل الأفضل؟ أولاً، السعي إلى تحرير التجارة بطريقة متعددة الأطراف. ولن يؤثر ذلك على الميزان التجاري، لكنه سيوسع حجم كل من الصادرات (المساعدة في دعم المزيد من الوظائف ذات الأجور الأعلى) والواردات (لصالح المستهلكين). ثم لمنع العجز التجاري من النمو، ينبغي على الولايات المتحدة زيادة المدخرات الوطنية. ومن بين طرق تعزيز المدخرات الخاصة توسيع خيارات المدخرات التقاعدية للعمال، وهي سياسة من شأنها أن تكون لها فائدة إضافية تتمثل في مساعدة الأسر الأميركية على الاستعداد بشكل أفضل لكبار السن. وخفض عجز الموازنة الفيدرالية سيزيد المدخرات الوطنية بشكل مباشر. وإذا كانت الولايات المتحدة جادة في إحراز تقدم نحو موقع دولي أكثر استدامة، فإن الحل هو الكف عن لوم الآخرين والبدء في النظر في أحوالنا أنفسنا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©