الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جمال الغيطاني: جائزة زايد للكتاب من أقوى الجوائز العربية

جمال الغيطاني: جائزة زايد للكتاب من أقوى الجوائز العربية
5 ابريل 2012
أكد الأديب والكاتب المصري جمال الغيطاني أن جائزة زايد للكتاب اكتسبت قيمة كبيرة بسرعة شديدة، وشهدت قفزات هائلة على مدار السنوات الماضية، وأنها من أفضل وأقوى الجوائز العربية، بل صارت جائزة عالمية، مشيراً إلى أن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، استطاع أن يقي الإمارات من مخاطر طالت بعض الدول العربية، وأن يصعد بها درجات عديدة نحو التقدم والحداثة مع الحفاظ على قيمة الأصالة. ويرى الغيطاني أن الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية) لا تحمل فلسفة واضحة، وأنه من الأفضل أن تمنح لكتّاب جدد أو شباب تكتشفهم الجائزة، مثلما هو الأمر في البوكر الإنجليزية. كما يرى الغيطاني أن الثقافة المصرية والعربية أصبحت في خطر حقيقي بعد الصعود السياسي للتيارات الإسلامية في مصر، متوقعاً أن تشهد مصر العام الجاري سخونة سياسية كبيرة، وذلك لغموض الخريطة السياسية وارتباكها وعدم وضوح معالمها. يؤكد الغيطاني أن هناك تشابها نفسيا كبيرا بينه وبين نجيب محفوظ، وإن اختلفا في طريقة الكتابة، مشيراً إلى أن محفوظ استفاد من تجربة أدباء الستينيات ـ وهو من بينهم ـ وخصوصاً فكرة التعامل مع التراث. كما يؤكد الغيطاني أنه من أشد المعجبين بالثقافة الإيرانية، وأنه من الحكمة نشر وترجمة الأدب الإيراني إلى اللغة العربية، محذراً من أن أي محاولة لخلق تناقض بينها وبين الثقافة العربية هو إيذاء للثقافة العربية نفسها، مشيراً إلى ضرورة الفصل بين الثقافة الإيرانية والنظام السياسي الحالي في إيران. وفي ما يلي الحوار مع الغيطاني: ? ما تقييمك لجائزة الشيخ زايد للكتاب؟ وهل لديك مقترحات للجائزة؟ ? جائزة الشيخ زايد للكتاب شهدت قفزات كبيرة على مدار السنوات الماضية، وأستطيع أن أقول إنها من أفضل وأقوى الجوائز العربية، وأنها أصبحت جائزة عالمية، ويشرفني حصولي عليها عام 2009 لأسباب عدة، منها أن الجائزة اكتسبت قيمة كبيرة بسرعة هائلة، وأنها تحمل اسم واحد من أعظم الزعماء العرب، فأنا لم التق بالشيخ زايد رحمه الله للأسف الشديد، إلا إنني كنت أتمنى أن أقابله، فهذا الرجل كان من أهم صفاته العديدة الحكمة والإخلاص لوطنه وأمته، وانظر إلى دولة الإمارات الآن، وقارن بين ما حدث في دول عربية مثل العراق وليبيا، وما تشهده الإمارات من استقرار وتقدم في مجالات عديدة، فاليوم الإمارات دولة حديثة استطاعت تحقيق المعادلة الصعبة، وهي الجمع بين الأصالة والحداثة، واستطاعت أن تضم كل الأجناس والبشر، وكل هذا بفضل الشيخ زايد. ? وماذا عن جائزة البوكر العربية؟ ? على الرغم من أهمية جائزة البوكر، إلا أنني أرى أنها لا تحمل فلسفة واضحة حتى الآن، فهي تمنح ـ في أحد الأعوام ـ لكاتب كبير، ثم في العام التالي لكاتب جديد أو شاب، لا أدري كيف ذلك، لذلك أرى أن من الأفضل أن تمنح لكتّاب جدد أو شباب في بداية الطريق تكتشفهم الجائزة، مثلما هو الأمر في البوكر الإنجليزية. أعتقد أن هذا هو الخط الذي يجب أن تتبعه الجائزة، لذلك عندما رشحت إحدى دور النشر إحدى رواياتي تقدمت باعتذار وقمت بسحبها، ولكن هذا لا يمنع أن الإمارات بهذه الجائزة عملت حركة في الثقافة العربية. الأدب الإماراتي ? ما رأيك في الأدب الإماراتي.. من لفت نظرك من الأدباء الإماراتيين؟ ? أنا مطلع بقوة على الأدب الإماراتي، وهناك أسماء لامعة في حقل الأدب والثقافة الإماراتية، والحقيقة أنه تربطني علاقة حميمة جداً بأهم كاتبين في الإمارات وهما محمد المر، رئيس البرلمان الحالي، وعبد الحميد أحمد، وهناك الباحثة فاطمة المهيري، وهي من أهم الباحثات العربيات، وأنا اعتبرها في حجم وقيمة الفيلسوف والناقد الفرنسي رولان بارت، وأصدرت كتابا عن الظل، وهو دراسة مدهشة، قدمتها للترجمة في فرنسا، على الرغم من عدم التقائي بها أبدا، إلا أن إيماني بإمكاناتها هو الذي دفعني إلى ذلك، وقدمتها كثيراً في “أخبار الأدب”. الإمارات أيضاً بها، في رأيي، شخصية محورية في الثقافة العربية هو صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، هذا الرجل أسدى للثقافة العربية خدمات جليلة جدا، وبالتحديد لمصر، فهو الذي بنى الجمعية التاريخية، وهو الذي أنشأ دار الوثائق في دار الكتب، وهو الذي منح مصر وديعة تقدر بـ 20 مليون جنيه لاتحاد الكتاب المصريين لعلاج أعضاء الاتحاد، وحتى في أثناء فترة علاجه في باريس لم ينس مصر، وأعلن تحمله تكلفة إعادة بناء المجمع العلمي المصري، بل أكثر من ذلك أعلن أنه سيهدي المجمع، نسخا من بعض الكتب التي ربما تكون قد فقدت أثناء حريق المجمع، والحقيقة أن هذا يعتبر قمة الوعي الثقافي، والوفاء، فدائماً كان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي يردد إنما أنا أرد جميل مصر عليّ، حيث تعلمت وتخرجت في جامعاتها، والحقيقة أن سموه جعل من الشارقة مركز ثقافيا مهما، إشعاعه يعم على الجميع. ? بدأت كاتبا للقصة القصيرة وأشاد بك الكثير من النقاد وعلى رأسهم الراحل محمود أمين العالم.. ولكنك اتجهت إلى الرواية بقوة.. ما السبب؟ ? أنا لم أتوقف عن كتابة القصة القصيرة.. ولكنني اعتبر نفسي، منذ البداية، كاتبا روائيا.. وكان شاغلي أن أكتب قصة مختلفة عن تلك التي أقرأها في هذه الفترة.. وبالفعل فقد أشاد الأستاذ العالم بما أكتبة وخصوصا “أوراق شاب عاش منذ ألف عام”، وقال إن ما أكتبه يمكن أن نطلق عليه القصة التاريخ، معتبرا أنها شكل جديد مختلف عن السائد في تلك الفترة في الستينات. ? هل أنت راضٍ عن الاحتفالات الخاصة بمرور مائة عام على ميلاد نجيب محفوظ؟ ? الحقيقة إنني غير راض.. فما جري من احتفالات تتعلق بهذا الأمر غير كافية، فعلى الرغم من مطالبتي، منذ وفاة محفوظ، بتحويل أماكن أعمال نجيب محفوظ إلى مزارات سياحية، وإقامة متحف ومزار سياحي له في الجمالية، وهو المكان الذي ولد فيه وشهد سنوات عمره الأولى، إلا أنه لم يتحقق أي شيء من ذلك، فلا متحف افتتح، ولا تم إطلاق اسمه على المنطقة التي شهدت ميلاده، ولا أي شيء. مع محفوظ وعنه ? عشت في الجمالية ثم العباسية، وكأن القدر يريد أن يقول أن هناك علاقة روحية أو نفسية تربط بينك وبين نجيب محفوظ.. هل تتفق معي؟ ? ملاحظتك صحيحة تماما.. فبيني وبين نجيب محفوظ “تشابه نفسي” إلى حد كبير، لكننا نختلف في الكتابة، وهذا هو الوضع الطبيعي، فأنا قرأت نجيب محفوظ واستوعبته وانبهرت به، ولكن عندما بدأت أعبر عن نفسي، اخترت طريقا مختلفا فنجيب محفوظ كان يؤسس الرواية على النموذج الغربي، أما أنا فقد رجعت إلى الأصول العربية، هو الكاتب الوحيد الذي تنطبق عليه صفة الكاتب الكبير، ووجدت أنه عابر للأزمنة والظروف. ? يرى البعض أن نجيب محفوظ استفاد، في الثلث الأخير من حياته، من تجربة أدباء الستينيات.. هل تؤيد ذلك؟ ? بالفعل استفاد نجيب محفوظ من تجربة أدباء الستينيات، وخصوصا فكرة التعامل مع التراث بالشكل الذي قمت أنا بطرحه، والذي قام بطرحه كذلك الشاعر صلاح عبد الصبور، وظهر ذلك في أعمال كثيرة له مثل “الحرافيش”، “ليالي ألف ليلة”، “رحلة ابن فطومة”، وعمله المدهش “حديث الصباح والمساء”، و”أحلام فترة النقاهة” التي تحمل قدرا كبيرا من الروح الصوفية العربية الإسلامية التي لم يستطع فهمها التيار الإسلامي. ? أطلقت على بعض الكتابات في الصحافة المصرية “أدب الكلينكس”.. ماذا كنت تقصد من هذا المصطلح؟ ? أنا أرى أن في الصحافة المصرية بعض الكتابات الخفيفة السهلة التي لن تبقى، مثل كتابات أنيس منصور.. فماذا سيبقى من كتابات أنيس منصور، فعلى الرغم من أن أنيس منصور رحمه الله كان موجودا إعلاميا بكثافة كبيرة جدا إلا إنني أرى أنه لن يبقى منه شيئا. وعلى كل حال أرى أن هذه الظاهرة بدأت في التراجع. الأدب والثورة ? في رأيك كيف ستؤثر ثورة 25 يناير على المنتج الأدبي؟ ? ثورة 25 يناير ستؤثر بالتأكيد على المنتج الأدبي تأثيرا كبيرا.. فالثورات لا بد وأن تعمل نوعا من التأثير على مختلف الفنون، فثورة 1919 في مصر ساهمت في ظهور أم كلثوم وعبد الوهاب في فن الغناء والموسيقى، ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم في الأدب، ومحمود مختار في النحت وغير ذلك.. ولكن المشكلة التي تواجه ثورة يناير حاليا هو ظهور التيارات الدينية وهي تيارات معادية للفنون.. ولكن، وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك رؤية جديدة تتشكل في الواقع، وستظهر فيما بعد في مختلف فنون الأدب. ? إذن أنت غير راضٍ عن الأعمال التي صدرت وتتناول ثورة 25 يناير؟ ? نعم.. فمعظم هذه الأعمال يمكن اعتبارها “يوميات” تتناول فقط أحداث الثورة كما حدثت وبالتالي لا يمكن اعتبارها فنا روائيا. ? كيف ستتعامل، في رأيك، التيارات الإسلامية في مصر مع الفنون؟ ? دعني أقول لك أنه بعد هذا الصعود الكبير للتيارات الإسلامية فإن الثقافة المصرية والعربية في خطر حقيقي، فهؤلاء “القوم” وعلى الرغم من حديثهم وكلامهم التطميني عن عدم المساس بالفنون والإبداع، فإنني لا أصدقهم، فهم دائما يقولون مالا يفعلون، أو إن شئت الدقة فإنهم يفعلون عكس ما يقولون، وهذا الكلام ينسحب على كل التيارات الإسلامية في البلاد العربية.. ويكفي ما قاله أو ما كاله عبد المنعم الشحات المتحدث السابق باسم السلفيين من اتهامات لأدب نحيب محفوظ بأنه أدب داعر، فهذا أمر في منتهى الخطورة، ويحمل إهانة لكل روائي عربي وليس نحيب محفوظ فقط، والإخوان ـ وإن كانوا أكثر ذكاء من السلفيين ـ فإن منظورهم للثقافة لا يختلف كثيرا عن منظور السلفيين. دور الأزهر ? كيف تنظر إلى وثيقة الحريات التي أطلقها الأزهر؟ ? أعتبر أنها عودة إلى دور الأزهر الفاعل، واستقبلت استقبالا جيدا في العالم، وحسّنت كثيرا من صورة الإسلام، واستطاع الدكتور أحمد الطيب في فترة وجيزة أن يعيد إلى الأزهر دوره وقوته. ? هاجمك المستشار الإعلامي في سفارة السعودية بالقاهرة الدكتور مطلق المطيري على اهتمامك بنشر الأدب والثقافة الإيرانية علي صفحات “أخبار الأدب” قائلاً إن عقلك الباطن يكن عشقا وغراما وهياما بإيران.. فبماذا ترد عليه؟ ? أنا أدعو وبقوة لنشر الأدب الإيراني، وترجمة الأدب الإيراني إلى العربية بغرض معرفتهم بشكل أكبر، ثم إنني أفصل بين الثقافة الإيرانية، والنظام السياسي الحالي في إيران، فأنا أرى أن الثقافة الإيرانية على صلة وثيقة جدا بالثقافة العربية، هذا من البديهيات، وأنا لم أنشر فقط الثقافة الإيرانية، بل لعبت دورا رئيسيا في نشرها مثل إكمال ترجمة المثنوي لجلال الدين الرومي، وأعمال حافظ الشيرازي، وهناك أعمال قدمتها للترجمة من الأدب الفارسي لرغبتي في قراءتها، كما أن الدكتور جابر عصفور أثناء رئاسته للمركز القومي للترجمة قدم مكتبة إيرانية كاملة للقارئ العربي. باختصار أقول إنني من أشد المعجبين بالثقافة الإيرانية، وأرى أن أي محاولة لإيجاد أو خلق تناقض أو تقاطع بينها وبين الثقافة العربية هو إيذاء للثقافة العربية نفسها، هناك دائرة أوسع اسمها الثقافة الإسلامية تشمل إيران وباكستان وبنجلاديش وكثيراً من الدول التي تتحدث اللغة الأردية. ? ولكن أطماع النظام الإيراني الحالي في منطقة الخليج لا تخفى على أحد.. ألست معي في ذلك؟ ? اتفق معك تماما في ذلك.. فالكل يعلم أطماع إيران في دول الخليج.. ثم أن الكل يعلم كذلك الدور الذي لعبته إيران في العراق بعد الغزو، فإيران وبكل وضوح كانت وراء عملية التقسيم الطائفي في العراق، وهو الأمر الذي يمكن اعتباره بروفة لتقسيم العالم العربي، وهذا شيء مخيف جدا. ? يرى الكثيرون أن المغرب العربي يشهد طفرة أدبية.. هل تؤيد ذلك؟ ? بالفعل.. فالمغرب العربي يشهد نقلة وطفرة كبيرة فيما يتعلق بالكتابة والأدب، وقد لعبت جريدة “أخبار الأدب” في فترة رئاسة تحريري لها دورا بارزا في تقديم أدباء المغرب العربي إلى جمهور القراء. ? هاجم البعض دعوتك إلى ترجمة الأدب العبري إلى العربية معتبرين ذلك تطبيعاً.. فبماذا ترد عليهم؟ ? من يهاجم دعوتي إلى ترجمة الأدب العبري إلى اللغة العربية غبي وجاهل.. كيف يعد ذلك تطبيعا، الغرض يا سيدي معرفة عدونا، فأنا عندما كنت أعمل مراسلا عسكريا في الفترة من نهاية الستينيات إلى منتصف السبعينيات كنت أتعلم اللغة العبرية، فأنا أدعو وسأظل إلى ترجمة الأدب العبري، ومن الخدمات الجليلة التي تقدمها الصحافة الخليجية ـ وخصوصا الإماراتية والكويتية ـ ترجمة ما ينشر في الصحف العبرية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©