الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبد العزيز الراشدي: أشك في وجود القارئ

عبد العزيز الراشدي: أشك في وجود القارئ
5 ابريل 2012
يعد الكاتب المغربي عبد العزيز الراشدي من أهم كتاب القصة من جيل الشباب بالمغرب، تنبأ له النقاد بمستقبل واعد، وأثنوا على كتاباته التي تضج بالحياة وقصصه التي تعتمد على لغة شعرية عميقة معجونة بالدهشة والأسئلة بعيدة عن الكتابة الكلاسيكية التي تعتمد السرد. حصل الراشدي وهو كاتب من جنوب المغرب على العديد من الجوائز والمنح الأدبية من بينها جائزة اتحاد كتاب المغرب وجائزة الشارقة العربية في مجال الرواية وجائزة ساقية الصاوي للقصة القصيرة بمصر، كما حصل على منحة المورد الثقافي بالقاهرة ومنحة الصندوق العربي للثقافة والفنون بالأردن ومنحة اليونسكو للفنانين الشباب بالاضافة إلى منح للإقامة الأدبية بسويسرا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية كما تمّ اختياره مؤخرا ضمن لائحة بيروت 39 لأهم الكتاب العرب الشباب، بلبنان، في إطار مشروع هاي فستفال. أصدر الكاتب مجاميع قصصية منها “زقاق الموتى” و”طفولة ضفدع” و”وجع الرمال” و”بدو على الحافة” و”غرباء على طاولتي”، وقد صدر له مؤخرا كتاب “يوميات سندباد الصحراء” وهو كتاب رحلات عن فضاءات مختلفة من بقاع العالم. كما نشر قصصا في “أنطولوجيات” عربية وعالمية باللغتين الفرنسية والانجليزية. وفي ما يلي حوار معه حول تجربته الأدبية: ? المبدع في حالة قلق دائم بحثاً عن نص مازال يحلم بكتابته، ما هي المواضيع التي تشدك وبالتالي تكون كتاباتك متركزة حولها؟ ? للكاتب رصيد زائد من القلق وبه يحيا، وجزء أساسي من قلقه يتّصل بما يختاره من مواضيع (المواضيع تختارنا في الحقيقة). كتبتُ بعض الكتب عن الجنوب والصحراء بالمغرب آخرها كتاب “يوميات سندباد الصحراء” الذي صدر مؤخرا بالمغرب وسيُعرض بمعرض الكتاب الدولي بالدار البيضاء. أعتقد أن النصّ الأثير يظل صيغة ممكنة يحلم بها الكاتب إلى ما لا نهاية. الرضى عن الذات حلم يكتب به الإنسان ويعيش به.. وعلينا أن نكفّ عن الكلام عن أعمالنا ونترك الحكم للقارئ. ? يقول النقاد أن سر نجاح أعمالك يكمن في لغتك القصصية القريبة الى الشعر والتي تستنطق ما يبدو صامتا في الأدب دون أن تبتعد عن المعالم الأساسية لعملية الحكي، ما رأيك؟ ? أشكر الكاتب الذي رأى هذا. أما أنا فلا رأي لي في ما يُكتب عني. أعتقد أن النص يصبح لاغيا بالنسبة للمؤلف حالما يكتبه. عليه أن ينتبه لما سيأتي ويترك الحكم للقارئ ـ إذا ثمة قارئ أصلا ـ والقارئ كما قال يوما عبّاس بيضون محيّر، وأنا أشكّ في وجوده. ? تعتمد في بناء عالمك القصصي على المكان من حيث الطبيعة والدلالة الرمزية كما في مجموعة “وجع الرمال”، كيف توظف خاصية المكان وجمالياته في نصوصك؟ ? أنا أكتب عن المكان وبالمكان وأفكر في المكان على الدوام وفي جماليته وهروبه وسرّه وفي فعله وتأثيره. الكتابة العربية عموما تحتفي بالمكان، لكن تجارب عديدة منها تجعله عصب النص وتحتفي به كعنصر يبني جوهر النص. وتجربتي المتواضعة من ضمنها. إنّ كتاب “يوميات سندباد الصحراء” هو عبارة عن رحلات كتبتُها عن مدن وأنحاء متفرقة من العالم (سويسرا، فرنسا، الخليج، مصر، لبنان...)، عن حيوات وشخوص وألوان وروائح وصوّر ونوايا. إنه بعض مما كُنته وبعض مما قد أكونه أو أحلم بأن أكونه، فالكتابة أيضا حياة مُفترضة.. وأعكفُ هذه الأيام على كتابة نصّ رحلي جديد عن أمريكا بعنوان “واشنطن: حشرة الألم”، وفيه سرد لأحداث ووقائع عشتُها بالولايات المتحدة خلال زيارتي الأخيرة.. ? كيف تقيم الساحة الثقافية في المغرب في الوقت الحاضر؟ وما هي أبرز السمات التي ميزتها؟ ? أعتقد بأنّ السّمة العامة لسنة 2011 ثقافيا كان الركود، فقد طغت على الساحة سجالات وصراعات بين الكتاب والفنانين وبعض المسؤولين عن الثقافة الذين كانوا يتصرّفون بعقلية إقصائية ولم يُضيفوا الكثير للمشهد الثقافي. رغم ذلك فقد ساهمت الأنشطة الكبرى لجمعيات أهلية في إنعاش المشهد الثقافي ورفده بملامح جعلته يتجاوز الموجود ونذكر على سبيل المثال ملتقيات الشعر والقصة والرواية في كلّ أنحاء البلاد، فقد نظّم بيت الشعر ملتقى الشعر العربي الافريقي بزاكورة، وتمّ تنظيم ملتقى الرواية العربية بأكادير من طرف رابطة أدباء الجنوب علاوة على أنشطة الصالون الأدبي بالدار البيضاء ومجموعة البحث في القصة وغيرها من المؤتمرات التي كان الفضل فيها لسواعد المثقفين الذين يرفضون الفراغ. أما وزارة الثقافة فظلت تعزف خارج السرب مكتفية بشنّ الحروب على المثقفين. ? جمهور القصة القصيرة أقل من جمهور الرواية، ورغم ذلك نادرا ما يتحول الأديب في المغرب من كاتب قصة الى كاتب رواية، ما الذي ينقص الأدباء المغاربة ليبدعوا في الرواية؟ ? الروائيون المغاربة مبدعون فعلا، لكن الصورة النمطية عن الكتابة في المغرب هي ما يُعيق الصورة ويُضبّبها. أستطيع أن أتحدث لك عن عشرات الروايات التي تصدر كل سنة بالمغرب ومنها نصوص رائعة لكنها لا تحظى بما تستحق من انتشار ومتابعة. إنّ دور الإعلام الثقافي أساسي، لكن للأسف، إعلامنا الثقافي ضعيف ومهلهل ولا يبذل مجهودا للتعريف بالرواية المغربية ووضعها في مكانها الحقيقي، ربما علينا الانتظار قليلا كي نحظى بإعلام يحترم الأدب.. هناك أيضا صورة نمطية لدى القارئ حول الأدب المغربي الذي يراه قويا من ناحية الفكر والنقد ومتواضعا من ناحية التخييل. ? هناك حديث لا ينتهي في المغرب عن صعوبة النشر وأزمة القراءة، كيف ينظر الأدباء المغاربة لصعوبة النشر والتداول محليا وعجز دور النشر على إيصال نصوصهم إلى القارئ العربي؟ ? أزمة النشر في المغرب أزمة موضوعية تتحمل الدولة ودور النشر مسؤوليتها، فبخلاف دول عديدة، لا نجد في المغرب مشروعا ولا خطة للنشر وتشجيع القراءة وكأنّ وزارة الثقافة عندنا تنتمي إلى دولة أخرى. وهذا ما يمنح الفرصة للخواء الذي تحاول ملأه بعض مؤسسات المجتمع المدني، وبعض المؤسسات الخارجية التي تشتغل وفق رؤيتها وأجندتها. علينا أن نشجع ثقافتنا في المغرب وأن ندعم الكتاب ونؤسس لسلاسل منتظمة تعطي القارئ المغربي فرصة الاطلاع على أدب بلده.. الثقافة المغربية تستحق الاهتمام والتنمية لكن هل ينتبه المسؤولون في مكاتبهم المكيّفة إلى هذه النداءات التي تشبه صيحة في واد؟ ? ماذا ينقص الأدب المغربي ليحقق الانتشار في المشرق؟ ? لقد بدأ الأدب المغربي يحقق حضورا على مستوى المشرق فعلا، وبدأ المشارقة يعون أنّ الأدب المغربي رافد أساسي من روافد الأدب العربي الكبير. لقد بدأ المغاربة يقتحمون العديد من المناطق ويحصلون على جوائز كما هو الشأن بالنسبة لجائزة الشارقة وجائزة الشيخ زايد وجائزة البوكر بالإمارات العربية المتحدة. كما أن الرواية والشعر المغربيين أصبحا يجدان في بيروت والقاهرة ملاذا مناسبا للنشر والانتشار.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©