الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاضطراب الليبي.. صراع على الموارد

16 ابريل 2014 23:54
لاورا كينج طرابلس- ليبيا انقسمت الجماعات الثورية التي تعاونت سوياً بهدف إقصاء القذافي إلى فصائل متمردة متنافسة، تستنزف قوتها المفرطة ثروة النفط الليبية، بينما حولت الهيكل الحكومي الناشئ إلى أثمال بالية، وانزلقت إلى دائرة كئيبة من الاغتيالات وعمليات الخطف وتبادل إطلاق النار في الشوارع. ويميل المجتمع الدولي إلى التركيز على أكثر الأعمال المتهورة التي تقوم بها الميلشيات، مثل حادث اختطاف رئيس الوزراء السابق في أكتوبر الماضي، والهجوم على عدد من الوزارات الحكومية ومحاولة بيع شحنة نفط تقدر قيمتها بنحو 36 مليار دولار بصورة غير شرعية، والتي اعترضتها قوات البحرية الأميركية وسلمتها إلى الحكومة الليبية. غير أن الأعمال اليومية المتراكمة التي تقوم بها هذه الفصائل المسلحة هي التي عززت قبضتها على الدولة. ويشير المراقبون إلى أنه في ظل السيطرة على غالبية المرافق العسكرية والصناعية الكبرى في الدولة، تقوم هذه الجماعات بأنشطة تهريب أسلحة على نحو واسع النطاق، إلى جانب فرض جبايات حماية على الشركات، وخوض حروب عصابات تحصد أرواح أصحاب الحظ العاثر الذين يكونون على مقربة عندما يبدأ إطلاق النار. ويقدر عدد الفصائل المسلحة الرئيسة بالعشرات، غير أن أعداد الجماعات المتفرعة تصل إلى المئات، ومن ثم تهيمن على الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في ليبيا. وألقى أحد المقاتلين، الذي ينتمي لميلشيا ليبية الضوء على قصص المعارك التي خاضها مع رفاقه الثوار للإطاحة بالقذافي، واصفاً إياها بـ «أيام القصف المتوهج» و«ليالي الصحراء القاحلة». وما لبث أن أعرب الشاب عن رفضه السيطرة الشديدة التي تمارسها تلك الجماعات المسلحة في الوقت الراهن على ليبيا. وأضاف المقاتل البالغ من العمر 28 عاماً، والذي عاد من بريطانيا من أجل الانضمام إلى الثورة التي اندلعت في بلده في عام 2011، «لقد قاتلنا بشراسة لبناء دولة جديدة، وأما الآن أصبح كل شيء من أجل المال .. المال والأسلحة». وأضحت معسكرات الميلشيات منتشرة في أنحاء العاصمة، والأسلحة معروضة بصورة فجة في سوق طرابلس المركزي، وخلف أحد الفنادق الفاخرة، تحاذي شاحنة تحمل مدافع مضادة للطائرات موقف سيارات شاغر مثل سيارة أجرة تنتظر ركاباً. واندمجت بعض الجماعات المسلحة بصورة شكلية في الحكومة المركزية الهشّة، لكنها تنشط مثل عصابات لا يمكن ضمان ولائها. ويسيطر أفراد الميلشيات الذين يحصلون على رواتب حكومية، ولا يستجيبون إلا لقادتهم، على حقول النفط والمستشفيات والموانئ والسجون وحتى مطار طرابلس الدولي، الذي يعتبر البوابة الرئيسية على العالم الخارجي. وصادرت ميلشيا قوية من مدينة «الزنتان» مؤخراً طائرة محملة بالأسلحة كانت موجهة للجيش الليبي، حسبما أفاد مسؤول حكومي، وهي رواية أكدتها مصادر مطلعة على الحادث. وأوضحت تلك المصادر أن أفراد الميلشيا أحضروا شاحنات إلى مهبط الطائرات في مطار طرابلس، وفرغوا شحنة الأسلحة وفروا هاربين. وأفاد أحد الموظفين الذي تجبره وظيفته الحكومية في المطار على التعامل مع أفراد ميلشيا «الزنتان»، قائلاً: «إنهم يفعلون ما يحلو لهم، وتتحدث أسلحتهم نيابة عنهم، وأي شيء يرغبون فيه يحصلون عليه». وعلى رغم أن الميلشيات تزعم أنها تؤمن المطار نيابة عن وزارة الداخلية، فإن قدرتها على الوصول إلى أنشطة التهريب التجاري المربحة تثير تحديات من الجماعات المنافسة, إضافة إلى عرقلة الأنشطة التجارية القانونية. وعلّقت شركات طيران دولية، مثل «الخطوط الجوية البريطانية» و«لوفتهانزا»، الشهر الماضي رحلاتها إلى طرابلس لعدة أيام بعد تفجير قنبلة ليلاً في أحد مهابط الطائرات، ولم يتم حتى الآن تحديد المسؤول عن الحادث. وحسب كل الروايات، يعتبر الفساد هو القوة الدافعة وراء التعاملات اليومية للميلشيات. وذكر مسؤول في وزارة النقل، منحه منصبه سلطة اتخاذ القرار في أحد العقود الكبرى في المطار، أن تهديدات مقاتلي ميلشيا «الزنتان» أجبرته على مساندة عرض تقدم به شخص تفضله الميلشيا. وفي هذه الأثناء، تحولت الاضطرابات في ليبيا إلى صراع للسيطرة على الموارد، وأهمها الثروة النفطية الضخمة. وخاضت الحكومة مفاوضات مع زعيم إحدى الميلشيات ويدعى إبراهيم جاثران، في محاولة لاستعادة السيطرة على موانئ نفط رئيسية حاصرها رجاله لنحو تسعة أشهر. ونقلت وكالة الأنباء الحكومية، أول من أمس، عن مسؤولين أنه قد تم التوصل إلى اتفاق، غير أن نقل سلطة الموانئ يمكن أن يستغرق نحو شهر، ومنذ ذلك الحين، تواترت التقارير عن وجود مزيد من الاضطرابات حول الموانئ. وقد طالب جاثران، الذي ساعدت أفعاله على تقليص إنتاج خام النفط الليبي إلى مستويات متدنية، بحكم ذاتي أكبر في شرق ليبيا وحصة أكبر من إيرادات النفط. وحتى إذا تم التوصل إلى اتفاق قابل للاستمرار، فقد أدى النزاع بالفعل إلى سحب البرلمان الثقة من رئيس الوزراء السابق علي زيدان، والذي غادر الدولة إلى أوروبا. وجاءت القشة التي قصمت ظهر البعير عندما أمر زيدان قوات الجيش الليبي بمنع ناقلة النفط «مورنينغ جلوري» التي كانت ترفع علم كوريا الشمالية من مغادرة الميناء الذي يسيطر عليه المتمردون. غير أن الجيش الليبي عجز أو لم يرغب في القيام بذلك، وهو ما مهد الطريق أمام تدخل قوات البحرية الأميركية، وهو ما كشف عن ضعف الحكومة الليبية. ونُقل عن زيدان بعد لجوئه إلى ألمانيا قوله «لا يوجد جيش، وقد كنت أعتقد أن هناك جيشاً، لكني أدركت أنني كنت مخطئاً». وتدرك الحكومات الغربية، ومن بينها الإدارة الأميركية، الحاجة إلى إعادة بناء جيش ليبي فعّال، وجعله خاضعاً للسلطة المركزية. وتخطط إدارة أوباما لمساعدة طرابلس في تدريب قوات ليبية، غير أن المحللين يعتقدون أن الأمر ربما يستغرق أعواماً حتى يمكن لقوة الجيش وقدراته مضاهاة الميلشيات التي صقلت المعارك قدراتها. يٌنشر بترتيب خاص مع خدمة «أم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©