الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صوت الثوار ... إعلام ليبي جديد

9 ابريل 2011 22:13
ديفيد زوشينو بنغازي-ليبيا في هذه المحطة الإذاعية في وسط مدينة بنغازي يرتفع صوت المواطن صلاح، وهو أحد المتصلين هاتفياً بالإذاعة متسائلاً: لماذا بنغازي بكل هذه القذارة؟ هل لأن الكل مندفع إلى جبهات المواجهة مع كتائب القذافي، ومشغول إلى درجة لا يجد فيها وقتاً لتنظيف شوارع مدينته؟ وداخل مبنى هذه الإذاعة الثورية، "إذاعة صوت ليبيا الحرة"، يجلس المذيع خالد علي وهو يفرك عينيه أثناء متابعته للرد على اتصالات المواطنين عبر الخط الساخن الذي أطلقته الإذاعة للتو. فإذا لم يسأل أحدهم عن أسباب انتشار الأوساخ في المدينة، فإنه حتماً سيشكو من استمرار إطلاق الرصاص من المقاتلين في الهواء طوال ساعات الليل. هكذا قال لي خالد علي وهو يتحسس هاتفه النقال الذي يضعه في مواجهة مايكرفون ليلتقط مكالمات المتصلين ويرد عليهم عبره. وقد تحولت هذه الإذاعة إلى صوت ناطق باسم الثوار الليبيين وأحد وسائلهم الإعلامية التي برزت للتو، بعد مرور سبعة أسابيع على انطلاق الثورة الشعبية ضد القذافي. وتذيع هذه المحطة الإذاعية مقطوعات من الموسيقى الثورية، وأغاني البوب، إضافة إلى الأشعار الثورية. كما تتلقى مكالمات المواطنين المحتجين والغاضبين على حالة الفوضى العامة التي أحدثها التمرد في مدينة بنغازي. ومن الخدمات الإخبارية التي تقدمها المحطة، التقارير الإخبارية عن التطورات والأحداث الميدانية التي يبعث بها مراسلون متطوعون من ميادين القتال، كما تبث آخر الأخبار عن القتلى والأفراد المفقودين، والهجمات الصاروخية، وعن تشييع شهداء الثورة الذين تقتلهم كتائب القذافي. وفيما يتعلق بالمضمون الإعلامي لما تبثه إذاعة صوت ليبيا الحرة، فقد اعترف محمد فانوش -الذي يتولى إدارة المؤسسة الإعلامية للمتمردين بأن الإذاعة تعد صوتاً للثوار وقادتهم، وبذلك فلا مجال لنفي انحياز المضمون الإعلامي الذي تقدمه. لكنه يضيف إن الثوار تمكنوا من فتح قنوات ومنافذ إعلامية ساهمت في فتح حوار عام، لم يكن ممكناً فتحه في أي وقت من سنوات حكم القذافي الطويلة. وداخل مبنى كان تابعاً في السابق لحكومة القذافي، قال فانوش إن كل ليبي يقل عمره عن 50 عاماً يجهل كل شيء عن وطنه، بسبب تحكم القذافي المطلق بالأجهزة الإعلامية منذ عام 1969. وإذا ما قرأ أحدنا أي صحيفة من الصحف التي يصدرها النظام، فذلك يعني قراءته لجميع صحف القذافي، لأنها مجرد نسخ من بعضها البعض. لكن ألا ينطبق الوصف نفسه على الرسائل الإعلامية التي يصدرها المتمردون؟ إنها تكاد تكون مجرد نسخ متكررة من بعضها، لأنها تتحدث جميعها عن بطولة الشباب، وعن شرعية ونبل الهدف الذي يسعى المتمردون إلى تحقيقه. وفي المقابل يتم تصوير القذافي على أنه عفريت، إلى جانب أبنائه القابضين على السلطة، وسدنة نظامه المنتفعين والمتحلقين حوله في العاصمة طرابلس. ومهما يكن من مشروعية ونبل الهدف الذي يسعى إليه المتمردون، فإنه ينبغي القول من الناحية المهنية إن الرسالة الإعلامية التي تبعثها المؤسسات الصحفية لهؤلاء الثوار ليست متوازنة بأي حال. وهذا ما ساعد على توضيحه فانوش الذي تحدث عن السياسات الإعلامية وشروط التغطية الإخبارية المعمول بها في الإذاعتين والقناة التلفزيونية والصحيفة اليومية، الناطقة جميعها باسم الثوار. وتتلخص السياسة الإعلامية لهذه المؤسسات في أربع قواعد أساسية، أولاها: منع بث التعليقات والتغطية الإخبارية المؤيدة للقذافي، إلى أن يتم إسقاط الطاغية من عرشه في طرابلس على أقل تقدير. ثانيتها: لا حديث عن حرب أهلية في ليبيا، فالحقيقة أن الشعب الليبي كله موحد ومتماسك الصفوف في حرب يخوضها ضد نظام شمولي متغطرس. أما القاعدة الثالثة فهي منع أي بث عن القبائل أو القبلية، فلا وجود إلا لقبيلة واحدة في ليبيا، أي ليبيا نفسها. وتتلخص القاعدة الرابعة والأخيرة في منع أي ذكر لتنظيم "القاعدة" والتطرف الإسلامي، لأن ذلك هو ما يردده الإعلام التابع للقذافي. لكن، وفي ذات الوقت الذي تستمر فيه مواجهة المتمردين عسكرياً لقوات القذافي، فإنهم يخوضون حرباً إعلامية ضد ماكينة الدعاية الرسمية التابعة لحكومة طرابلس، وهي الماكينة المسيطرة على الإذاعة والتلفزيون والصحف، وشتى قنوات الحوار العام في غربي ليبيا. وبينما يستطيع الإعلاميون الثوار، المؤهلون تعليمياً والقادرون على التحدث باللغة الإنجليزية، التواصل مع المراسلين الصحفيين الأجانب العاملين في مختلف المحطات والفضائيات والصحف العالمية، الذين يتمتعون بحرية الحركة في أي جزء من الناحية الشرقية في ليبيا، يلاحظ أن زملاءهم المراسلين في طرابلس وغيرها من مدن الناحية الغربية يتعرضون للاعتداء والاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للقذافي. وعندما نجحت حكومة طرابلس في التشويش على البث التلفزيوني للقناة الثورية الجديدة، بادرت الحكومة القطرية بتوفير قناة تلفزيونية مؤقتة للثوار الليبيين. وحين نجحت حكومة طرابلس في قطع خدمات الإنترنت من الجزء الشرقي في ليبيا بنهاية شهر فبراير المنصرم، تمكن الثوار من إنشاء شبكة من "قراصنة" الإنترنت الشباب، من ذوي الخبرة التكنولوجية المتقدمة، وقد قضى أفرادها وقتاً طويلاً من العمل المستمر، حتى تمكنوا من بناء شبكة إنترنت مؤدية لغرض الثوار وحاجتهم للاتصال الإلكتروني. ويوجد اليوم داخل قاعة المحكمة السابقة التي أقام فيها الشباب تلك الشبكة الإلكترونية، مركز للاتصــال عبر الـWi-Fi ومركز إعلامي متكامل يمكن المراسلين من توظيف الاتصال اللاسلكي في إعداد تقاريرهم الإخبارية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©