الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كارثة اليابان: استجابة حكومية بطيئة!

9 ابريل 2011 22:14
دون لي طوكيو عقب هدوء وتراجع موجات التسونامي وكارثة الهزات الأرضية التي ضربت اليابان في الحادي عشر من مارس المنصرم، بدأت ترن أجراس هواتف جميع أجهزة ودوائر حكومة طوكيو من المواطنين الراغبين في فعل أي شيء لتخفيف عبء المأساة على المتضررين من الكارثة. وكان السؤال المشترك في جميع تلك المكالمات هو: ماذا يمكنني فعله لمساعدة المحتاجين؟ وهناك من المواطنين من حثّ الحكومة على الإسراع بجمع التبرعات بعد أن شاهدوا مناظر وصوراً مروعة بثتها قنوات التلفزيون عن عشرات الآلاف الذين شردتهم الزلازل وكارثة التسونامي، فلم يعد لهم مأوى ولا طعام ولا شيء. وضمن الاستجابة الشعبية نفسها للكارثة، هناك من قالوا: إن لي طفلاً أيضاً، لذلك أرغب في تقديم يد العون. ذلك ما تذكره كازوتوشي موتسورا، رئيس إحدى الوحدات التابعة لوكالة طوكيو للرعاية الاجتماعية والصحية. غير أن أسبوعاً كاملاً على وقوع الكارثة قد مر، قبل أن تتجه أول شاحنة محملة بالحفاضات ومياه الشرب المعبأة وغيرها من المساعدات الإنسانية الضرورية التي جمعها المتطوعون وعمال البلدية من وسط العاصمة طوكيو باتجاه المناطق الأكثر تأثراً بالزلازل والتسونامي على امتداد الساحل الشمالي الشرقي. فقد استغرق ترتيب اجتماع لعشرين رئيساً من رؤساء دوائر وأجهزة حكومة العاصمة طوكيو وقتاً طويلاً، بينما انقضى نصف يوم كامل على مجرد الحصول على موافقة لتخصيص مساحات لتخزين المواد والمساعدات الإنسانية التي يجمعها المتطوعون. بينما استغرقت القواعد المنظمة لكيفية تعبئة هذه المواد عدداً من الساعات الذهبية الثمينة التي تعني الكثير من المعاناة بالنسبة للمتضررين في المناطق الأشد تأثراً بالكارثة. ومهما يكن فإن قصة التلكؤ الذي حدث بين حملة المكالمات الهاتفية الشعبية التي استهدفت الأجهزة والدوائر الحكومية، مطالبة إياها بسرعة الاستجابة الإنسانية للكارثة، وبدء وصول أولى شاحنات الغوث الإنساني للمناطق الأشد تضرراً، إنما هي قصة بطء مذهل وسمت استجابة اليابان عموماً لتلك الهزات الأرضية المدمرة التي بلغت قوتها 9 درجات، ولحقتها موجات تسونامي عاتية أشد دماراً! فقد مضت عدة أسابيع على حدوث الكارثة قبل أن يعلن المسؤولون الحكوميون وعمال الغوث الإنساني عن بدء وصول المساعدات الأساسية لمعظم المشردين الذين يقيمون في المخيمات المؤقتة، بينما يساعد المتطوعون في عمليات إزالة الحطام من المناطق المتأثرة. غير أنه في دولة متقدمة عرفت بسرعة إنجازها للمهام وكفاءة أداء مسؤوليها وعامليها مثل اليابان -التي اشتهرت بأن وقت الإنجاز فيها يقاس بالثانية وليس بالدقيقة أو الساعة- فإن في بطء هذه الاستجابة الحكومية لكارثة إنسانية بهذا الحجم ما يثير دهشة الكثيرين من مواطنيها. وعلى حد قول سوشيرو تاشيبانا -وهو أحد المدرسين الحكوميين، وقد شاهد منزله يحترق أمام عينيه في تلك الليلة التي ضربت فيها موجات تسونامي قوية جزيرة مياكو الواقعة في محلية إيويت- فقد تأخرت جميع القرارات التي اتخذتها الحكومة المحلية عن موعدها بوقت طويل جداً. وهذا ما اعترفت به الحكومة الوطنية نفسها بالقول إنه كان في وسع المسؤولين الاستجابة في وقت أسرع للكارثة، خاصة فيما يتعلق بنشر الأخبار والمعلومات، وتوزيع المساعدات الإنسانية على المتضررين. وقد دفع بطء الاستجابة للكارثة على مستوى الحكومات المحلية، مسؤولي حكومة طوكيو إلى توجيه نوع من النقد الذاتي، خاصة فيما يتصل بغياب نظام لتلقي المساعدات والتبرعات الإنسانية وتوزيعها بالسرعة المطلوبة على المتضررين. فمثلاً علق ماتسورا- يبلغ من العمر 56 عاماً، ويعمل مديراً لوكالة الإغاثة الطارئة في طوكيو- قائلاً: لو سألتني لماذا لم تصل المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في وقت أسرع، لأجبتك قائلاً إنه كان بوسعنا فعل ذلك. ولم يكن التأخير نتيجة لتقاعس العاملين أو عدم بذلهم ما يكفي من الجهد للإسراع بتوزيع الغوث الإنساني إلى المتضررين، في ذلك المبنى الحكومي شبه المظلم بسبب تكرر انقطاع التيار الكهربائي في وسط العاصمة طوكيو، حيث دأب أمثال ماتسورا على العمل بدوام 14 ساعة يومياً حتى في الأوقات العادية، ورغم حالات انقطاع التيار الكهربائي في المبنى الحكومي المؤلف من 48 طابقاً. صحيح أن هناك بعض العوامل التي جعلت من تأخير وصول المساعدات أمراً لابد منه، على رأسها حجم الكارثة نفسها، وما أدت إليه من إغلاق للطرق، ونقص حاد في الجازولين، إضافة إلى حالة الذعر العام التي أصابت المواطنين. غير أن هذه العوامل لا تبرر مطلقاً افتقار حكومة بلدية العاصمة طوكيو إلى الخبرة والنظام اللذين يؤهلانها للاستجابة السريعة لمثل هذه الكوارث، ولبناء نظام فاعل وكفؤ للغوث الإنساني في دولة مثل اليابان التي عرفت بكثرة الهزات الأرضية والكوارث الطبيعية الأخرى المصاحبة لها. ورغم أن حكومة بلدية طوكيو قد وضعت خططاً مسبقة للاستجابة الطارئة لكارثة الزلزال الأخير المتوقعة، فقد عجزت عن تهيئة المواطنين المقيمين على بعد بضع مئات من الأميال من العاصمة. ثم إن هذه الاستجابة المتأخرة للكارثة من مسؤوليها لم تتم إلا بفعل الضغط الشعبي الذي مورس عليها بواسطة الحملات الهاتفية التي استهدفت أجهزة الحكومة المحلية وإداراتها. وعلى مسؤولي حكومة طوكيو معالجة هذا الخلل والإسراع ببناء نظام فاعل للغوث الإنساني والحالات الطارئة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©