الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لبنان: حقوق متساوية!

9 ابريل 2011 22:14
ريتا شمالي مؤلفة كتاب "خريف 2005 في لبنان: بين الأساطير والوقائع" خرج ثلاثون ألف شخص من كافة الأعمار يوم 20 مارس الماضي، وهو اليوم الذي يسبق يوم عيد الأم في لبنان، خرجوا إلى شوارع بيروت يهتفون بشعارات تطالب بإنهاء النظام الطائفي في البلاد. ويشكّل ذلك الحدث حلقة في سلسلة من المظاهرات التي تنظّم كل يوم أحد من أجل لبنان علماني يضمن حقوقاً متساوية لكافة المواطنين. مطالبهم واضحة: المتظاهرون يريدون دولة علمانية، وقانون أحوال شخصية يضمن حقوق المرأة، ونهاية للنظام اللبناني الحالي الذي يسمح للطوائف الدينية بتطبيق قوانين دينية مختلفة حول قضايا تتعلق بالطلاق والميراث... وإنشاء نظام للزواج المدني. استغل المجتمع المدني اللبناني قوة اندفاع الانتفاضات الشعبية في العالم العربي لإطلاق حملة تطالب بإلغاء النظام الطائفي حول المشاركة في السلطة بين الجماعات اللبنانية، الدينية والمذهبية المختلفة. ورغم أن ديباجة الدستور اللبناني تنص على أن "إلغاء الطائفية السياسية" هو هدف وطني أساسي"، نتيجة لحلف عام 1943 الوطني، وهو اتفاقية غير مكتوبة، فقد تأسس نظام التشارك في السلطة على أسس طائفية، يتم فيه تخصيص المقاعد البرلمانية على أساس الدين، ويتم إشغال المناصب العليا بأشخاص من طوائف معينة. فرئيس الجمهورية مسيحي ماروني دائماً، ورئيس الوزراء مسلم سني دائماً، ورئيس مجلس النواب مسلم شيعي دائماً. وبوجود 18 طائفة دينية معترف بها، فإن القوانين المتعلقة بالزواج والطلاق والتبني ورعاية الأطفال والميراث... يتم التعامل معها من خلال محاكم دينية مختلفة تديرها كل طائفة. ويطبّق المواطنون الدروز والسنة والشيعة تفسيرات مختلفة للشريعة الإسلامية، كما تطبق الطوائف المسيحية، الأرثوذكسية وغير الأرثوذكسية، أشكالاً مختلفة من القانون الكنسي، وتنزع معظم هذه القوانين لأن تفضّل حقوق الرجل وتؤكد على القيم الذكورية الأبوية. ولا ينتج عن نظام المحكمة المختلفة تطبيقات غير متساوية للقوانين عندما يعود الأمر إلى الرجال والنساء، وإنما أيضاً بين النساء اللبنانيات أنفسهن. فعلى سبيل المثال، تسمح المحاكم الإسلامية السنية والشيعية للرجال بتعدد الزوجات، بينما لا تسمح القوانين المسيحية والدرزية بذلك. أما الطلاق فهو ممنوع في المحاكم الكاثوليكية. بينما هو مسموح به في المحاكم الإسلامية؛ السنية والشيعية والدرزية. ويواجه هؤلاء الذين يلجؤون إلى الزواج المدني خارج لبنان تحدياً آخر، فالعديد من قوانين الأحوال المدنية لا تعترف بالزواج إذا كان أحد أطرافه من طائفة دينية مختلفة، ونظراً لعدم وجود الزواج المدني في لبنان، يضطر العديد من أطراف الزواج المختلط الذين لا يؤمنون بالزواج المدني، أو الأزواج الذين لا يريد أحدهم تغيير دينه أو دينها، للسفر إلى إحدى الدول المجاورة مثل قبرص أو تركيا. وبموجب المادة 25 من المرسوم رقم 60/1936، يتم الاعتراف بزواج شخصين في لبنان، لكن تحكمه القوانين المدنية في الدولة التي تم بها هذا الزواج. ويشكل ذلك إزعاجاً للقضاة اللبنانيين الذين يتوجب عليهم أن يكونوا على علم ومعرفة بالقوانين المدنية للدولة التي تم فيها الزواج، حتى يتسنى حل أية قضايا قانونية. وقد فشلت محاولات عديدة بترسيخ قانون مدني واحد يتعلق بوضع الفرد، حتى على شكل إجراء اختياري، نظراً لوجود نظام سياسي واجتماعي يرتكز على تقاسم طائفي للسلطة. إلا أن المجتمع المدني قد قرر أن يتصرف، فقام بإطلاق حملة واسعة ليافطات كبيرة على جوانب الشوارع من قبل شبكة "كفى"، التي تجمع عدداً من الجمعيات والمنظمات النسائية. وتهدف هذه الحملة إلى التطبيق الكامل للمادة 16 من معاهدة الأمم المتحدة حول إزالة كافة أنواع العنف ضد المرأة، والتي تنص بوضوح على المساواة بين الذكور والإناث فيما يتعلق بالزواج وحسب رغبة الزوج أو الزوجة. وتنادي "كفى" بأن يخضع كافة أفراد الشعب اللبناني لنفس قانون الأحوال المدنية، والذي يضمن للمرأة نفس الحقوق والالتزامات في الزواج والميراث والطلاق والنفقة وحضانة الأطفال، التي تعطى للرجال بموجب الدستور اللبناني والاتفاقيات الدولية الخاصة بالنوع الاجتماعي. وسوف يضع قانون مدني موحّد حول الأحوال الشخصية نهاية للفروقات القائمة بين الرجال والنساء وبين النساء اللبنانيات من مختلف الطوائف ويشكّل الخطوة الأولى في الحفاظ على الأهداف الدستورية بإلغاء الطائفية السياسية. ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©