هكذا تحظى حيوانات الصحراء بالأمن والغذاء والعلاج

من مكتبه في محمية المرموم يبدأ جابر المطيوعي، مدير المحمية الذي يترأس فريق العمل في تلك المناطق، العمل في كل يوم لساعات قد تمتد لما بعد الفجر، وهو خبير بكل نقاط تجمع الحيوانات، وعلى علم بنظام الرعاية الطبية، وطرق توفير الماء والغذاء، كما يدرك أهمية الأشجار التي توجد في تلك المناطق، وكيف أنها توفر الظلال الكافية لحماية الحيوانات والطيور من حرارة الشمس، إضافة لكونها توفر الغذاء أيضاً، نظراً لتوافر البذور في بعضها، والورق في البعض الآخر. يدير جابر فريقاً من الرجال الذين لا ينامون من الليل إلا قليلاً من أجل السهر على أمن المحميات، حيث يتطلب الأمر أحياناً كثيرة بقاءهم في حركة ونشاط حتى بزوغ فجر يوم آخر، وقد أُقيمت في الكثير من أرجاء منطقة المرموم، والمناطق المحيطة بها، نقاط توفر الماء والحبوب والأعلاف للحيوانات، في حال شحت موارد الطبيعة من الماء والعشب. على مسافة 40 كم من قلب مدينة دبي يوجد سياج تكاد لا تجد له نهاية، وفي وسطه تقع فيلا ضخمة تضم استراحة ومكاتب مجهزة من حكومة إمارة دبي لهؤلاء الرجال، الذين يقضون معظم ساعات نهارهم في المرور على كافة النقاط التي ترتع فيها الظباء بأنواعها المختلفة، وتتنقل فيها الطيور والحيوانات في أمن وصحة. في الليل، يشكل هؤلاء الرجال مجموعات أمن تجوب الصحراء لتفقد تلك الحيوانات، أو يفزعون إلى إنقاذ أو نقل بعضها، وهم أيضاً بالمرصاد لمخترقي القوانين التي تحظر صيد الحيوانات. من الحيوانات المتوافرة، والتي تكاثرت بسبب تلك الرعاية، الظباء، وفي مقدمها الغزال العربي، الذي يعيش في الصحراء، وهو، كما يقول عنه جابر، من فصيلة الظباء التي تعيش على القليل من النباتات والحشائش والأعشاب، كما أنها قد تتناول غذاءها من بعض الشجيرات عند حصول الجفاف، وعدم توافر المراعي الطبيعية بسبب قلة الأمطار. يقول جابر المطيوعي إنَّ الإمارات تزخر بتنوع الصفات البيئية، وذلك خير ركيزة للتوازن البيولوجي، ولذلك تم حصر حوالي 5 أنواع من الثعابين الصحراوية (أم القرون- العسيمى- العصلة - بوصيحة السليماني) وكلها سامة عدا النوع الأخير، الذي يعالج بذيله من مرض الرمد، حيث يتكحل به المصابون بهذا النوع من الأمراض، وتفرز الأنواع السامة كمية من السم قادرة على قتل رجل. تنفرد عضة العصلة بأنها تحدث انتفاخ في جسم الحيوان، وتتغذى الثعابين على صغار الطيور وبيوضها والسحالي وفئران الصحراء، وقد تم وضع القوانين من قبل الدولة لحماية الحيوانات البرية، وطيور الراعبي والصفارد وأنواع أخرى مختلفة. عندما شاهدنا بعض الغزلان الصغيرة تحيط بإحدى السيارات داخل المحمية، أوضح لنا جابر إنَّ تلك الصغار قد تبنتها المحمية، حيث تقدم لها الرعاية والغذاء عند وضع الأم في المحجر، أو عند مرض الصغير نفسه، وأنَّها تعلم أنَّ هذا الوقت هو وقت رضاعتها الحليب من يد بعض الأشخاص الذين يطعمونها يدوياً. الضب هو أحد أهم الحيوانات التي يعنى بها، وهي من الزواحف المهمة، خاصة أنَّ أعداده بدأت في التناقص في بعض الدول، حيث يقول جابر إنَّه كان يخشى على الضب من الانقراض، وهو أحد مصادر الغذاء للبدوي، كما أنَّه من الزواحف التي تحتمل الحياة الصحراوية القاسية.