الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

العالم يدخل نفق المرحلة الثالثة من أزمة الدين

العالم يدخل نفق المرحلة الثالثة من أزمة الدين
25 يناير 2016 11:17

ترجمة: حسونة الطيب تستقبل أسواق الدين العالمية مرحلة غير مبشرة، حيث من المرجح أن يسجل عدد الشركات العاجزة عن سداد ديونها رقماً قياسياً خلال هذا القرن، مدفوعة بشكل رئيسي بالمعاناة التي يواجهها قطاع النفط الصخري في أميركا. وبلغ عدد الشركات التي عجزت عن سداد ديونها المستحقة خلال العام الجاري حتى الآن، 99 شركة حول العالم، تشكل الشركات الأميركية 62% منها. ومن بين هذه الشركات، 19 في الأسواق الناشئة لتحتل المركز الثاني خلف أميركا، بينما 13 في دول أوروبا والبقية موزعة على دول العالم المتقدمة الأخرى مثل اليابان وكندا، كما ارتفع عدد الشركات الضعيفة التي صنفتها وكالات الائتمان، من 167 في الربع الماضي، إلى 178 في الوقت الحالي. وانعكس انخفاض أسعار النفط والغاز، سلباً على شركات الطاقة الصغيرة، خاصة الأميركية منها، في الوقت الذي تستمر فيه دول أوبك الكبيرة في ضخ الخام للمحافظة على حصصها السوقية. وفي أميركا، تعمل 60% من الشركات التي عجزت عن الوفاء بديونها خلال 2015، في مجال الطاقة والموارد الطبيعية. وواجهت الأسر الأميركية ولسنوات عديدة معاناة كبيرة في معالجة الإفراط في الدين الذي اقترضته إبان الطفرة العالمية في قطاع الإسكان خلال الألفية الثانية. ونتيجة لذلك، تعرض اقتصاد البلاد لنقص في الإنفاق، كما تلقى الاقتصاد العالمي ضربة ثانية بعد 2010، عندما تحولت الآثار الآجلة إلى أزمة دين في دول منطقة اليورو الهامشية لتهدد بتفكيك نسيج منظومة العملة الموحدة. الأجور الاسمية وتمكنت أميركا الآن من تجاوز هذه الأزمة، حيث ارتفع إنفاق المستهلك بنسبة قدرها 3%، بينما بدأت الأجور الاسمية في النهوض كرد فعل لسوق عمل أكثر تشدداً، ما حدا بالاحتياطي الفدرالي الاستعداد لرفع سعر الفائدة للمرة الأولى منذ 2006، كما يوشك الدين الأسري على بلوغ النهاية، وربما يحدث ذات الشيء في بريطانيا، التي تمتعت بانتعاش القطاع السكني الذي أعقبه الركود. وتميزت أوروبا بالبطء في التعامل مع ديونها، لتحل دائماً خلف أميركا وبريطانيا في دورتها الاقتصادية، لكنها تمكنت مع ذلك، من تحقيق أفضل نمو خلال هذا العام منذ 2011، ما دفع صندوق النقد الدولي لتوقع ارتفاع الناتج المحلي العالمي بنحو 3,6% خلال العام المقبل. ومع ذلك، وفي حين يبدو أن العالم تأثر جراء أزمة إرث المديونية، تلوح في الأفق مخاطر دخوله في مرحلة ثالثة من أزمة الدين. ولا يزال الدين الذي تراكم في الدول الناشئة بعد الانهيار المالي في أميركا، قابعاً في أسواقها، واستمرت وتيرة هذا الدين في الصعود، ما أعاق مسيرة نمو هذه الاقتصادات على بطئها، وفي الماضي، كان العالم قادراً على مد يد المساعدة لحل مثل هذه المشاكل في مناطق مختلفة من أرجائه، بيد أن الأسواق الناشئة تشكل في الوقت الراهن معظم اقتصاد العالم، أو ما يقارب 58%. ومن الممكن أن تشكل حجر عثرة في طريق تعافي الدول الغنية، خاصة إذا كانت تعاني من الضعف كما هو الحال في أوروبا. الفرص السابقة بدأت ديون الأسواق الناشئة في التراكم، في نفس الوقت الذي بدأ فيه النظام المالي لدول العالم الغنية في التصدع خلال 2007. ووفقاً لبيانات بنك جي بي مورجان، ارتفع دين القطاع الخاص في الأسواق الناشئة بنحو 73% من الناتج المحلي الإجمالي عند نهاية 2007 إلى 107% من الناتج المحلي بنهاية السنة الماضية، وتتضمن هذه الديون، قروض قدمتها البنوك وسندات أصدرتها شركات، وبتضمين ما يعرف ببنوك الظل، ترتفع نسبة الدين إلى 127%. ويُعزى انتعاش الائتمان في الدول الناشئة ولحد كبير، لانهياره في الدول الغنية، وخوفاً من أن يلحق الركود بأكثر أسواقها ثراء، ضخت السلطات الصينية قدراً كبيراً من القروض في 2009. وفي غضون ذلك، نجم عن تدفق الأموال في الأسواق النامية، انخفاض في أسعار الفائدة. وبلغ سعر الفائدة في السندات التي أصدرتها الحكومة الزامبية في 2012، 5,4%، في بلد يقدر فيها نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنحو 1700 دولار في السنة. وفي السنة التي تلتها، نجحت شركة لصناعة التونة في موزمبيق مدعومة من قبل الحكومة، في جمع 850 مليون دولار بسعر فائدة قدره 8,5%. وبالمقارنة مع انتعاش الائتمان في أوروبا وأميركا، حيث تشكل الأسر المقترض الرئيس، تتحمل الأعمال في الأسواق الناشئة 75% من دين القطاع الخاص، حيث ارتفع دين الشركات من أقل من 50% من الناتج المحلي الإجمالي في 2008، إلى ما يقارب 75% في 2014. وتمت معظم عمليات الإقراض في قارة آسيا، وفي الصين على وجه الخصوص، لكن شهدت أيضاً كل من البرازيل وتركيا وشيلي، زيادة مقدرة في حصة دين الشركات بالنسبة للناتج، وزادت شركات البناء لا سيما في الصين وأميركا الجنوبية، حصتها بشكل واضح من المديونية، بينما لعب قطاع النفط والغاز، دوراً بارزاً هو الآخر. معدلات الدين ولا يعتبر ارتفاع معدلات الدين في الأسواق الناشئة بحد ذاته مثيراً للقلق، لكن ربما يُعزى للتأثير الكبير الناتج عن دخول الادخارات في أسواق المال المحلية، أو ربما لتوفر فرص استثمارية أفضل وأكثر. وفي حين أخذ اقتراض الشركات في الأسواق الناشئة في الارتفاع، فإن أرباحها آخذة في الانخفاض أيضاً، وتؤكد الكثير من الدلالات، على أن تصاعد الدين هو نتاج لموجة من الإقراض غير الممنهج الذي خلف أضراراً كبيرة. وفي حقيقة الأمر، يعتبر انتعاش الائتمان، واحداً من المؤشرات القوية التي تدل على تنامي المشاكل في الأسواق الناشئة. وفي ظل بطء النمو في الأسواق الناشئة بوتيرة أقل مما كانت عليه بداية الألفية الثانية وخلال العقد الثاني منها وبوادر الركود التي تلوح في الأفق، تدل المؤشرات على أن عواقب ذلك ربما تنتشر في بقية أجزاء الاقتصاد العالمي الأخرى. وتتوفر بعض الأسباب التي تدعو لعدم الإفراط في التشاؤم، حيث تبدو أضرار دين الشركات الذي يشكل القدر الأكبر من ديون الأسواق الناشئة، أقل تأثيراً بالمقارنة مع تراكم دين المستهلك في أميركا خلال الألفية الثانية. وتعمل التغييرات الكبيرة في الاقتصاد العالمي، ضد نظرية تكرار عمليات الانهيار التي تعرضت لها الأسواق الناشئة نهاية القرن العشرين مثل، أزمة تكيلا في المكسيك في 1994 أو الأزمة المالية التي اجتاحت قارة آسيا نهاية تسعينيات القرن الماضي، وبينما تقوم الدول الغنية بإقراض الفقيرة بالدولار، يعني ذلك زيادة عبء الدين عند تدهور عملات الأخيرة، وبما أن معظم التدفقات المالية تحولت لسندات بالعملات المحلية، ربما يترتب على مستثمري الدول الغنية، مشاركة الخسائر عند ضعف هذه العملات. ودفعت هذه الأزمات حكومات الدول الأسيوية لبناء احتياطات بالعملات الأجنبية. ولا تزال العديد من الشركات تعاني من عدم الانسجام بين أرباحها بالعملات المحلية وديونها بالأجنبية، ما يهدد بعدم فائدة الاحتياطيات النقدية، التي هي بحوزة الحكومة لا الشركات. ورغم وجود عوامل التخفيف، فإن الفصل الأخير من الدين، ربما يجلب المزيد من الضرر. ودخلت كل من البرازيل وروسيا، بالفعل في بؤرة كساد عميق، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي، تراجع الناتج المحلي الإجمالي في البرازيل بنحو 3% وفي روسيا بنسبة تصل إلى 4%، بينما شهدت عملات جنوب أفريقيا وتركيا وماليزيا، تراجعاً في القيمة على مدى السنتين الماضيتين. وبعد تدفق الأموال من الأسواق الغنية إلى الناشئة بعد 2007، بدأت الآن تسلك الطريق المعاكس. نقلاً عن: ذا إيكونوميست وفاينانشيال تايمز

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©