الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجربة مغربية لكبح التطرف

11 أغسطس 2008 02:39
يشكّل إعلان الحكومة البريطانية مؤخراً، والمتعلق بالتعامل مع التطرف الديني من خلال إعطاء المسلمين الشباب ''دروساً في المواطنة''، موضوعاً مثيراً للاهتمام· ومن السهولة بمكان السخرية من مبادرة كهذه في وجه التهديد الحالي للتطرف الديني الإسلامي· إلا أن بريطانيا ليست الدولة الوحيدة التي تسعى لإتباع هذا التوجه، فالمغرب يعمل كذلك في هذا الاتجاه· يقف المغرب، الذي يقع على حافة أوروبا، بشموخ وفخر في العالم الإسلامي· ورغم أن الإسلام هو دين الدولة، فإن الملك محمد السادس وضع المغرب بشكل راسخ في تحالف مع الغرب· ولم يحدث ذلك دون ردة فعل؛ ففي مايو ،2003 قتل مفجّرون انتحاريون 45 شخصاً، الأمر الذي هدد بظهور الأصولية الدينية، وكان له أثر على المواطنين المغاربة، كما عرّض للخطر استراتيجية الملك في جذب الاستثمار والسياحة· حطمت الانتخابات البرلمانية المغربية في سبتمبر الماضي الأرقام القياسية في انخفاض نسبة الناخبين (37% فقط) خاصة في أوساط الشباب· ولم تغب المعاني الضمنية لذلك عن بال الملك، إذ أدرك أنه يتوجب إعطاء المغاربة، وخاصة الشباب العاطلين عن العمل، سبباً للاستثمار في مستقبل الدولة السياسي والاقتصادي، وإلا فسيجد المتطرفون مجندين جدداً، تماماً كما حدث في الجزائر· سوف يجد بعضهم طريقه إلى أوروبا والغرب، وسوف يبقى آخرون في المغرب نفسه· لهذا السبب يحتاج الملك محمد السادس لأن يوفر فرص العمل والوظائف والاستثمارات الأجنبية، إذا أراد الحد من هذا التهديد· لكنه غير مقتنع بالاعتماد على النمو الاقتصادي وحده، فهو يفهم أن المجتمع المدني هو المكان الذي يمكن فيه الفوز بمعركة احتواء المتطرفين، وبالتالي يعتبر التعليم أمراً أساسياً· وبما أن الإسلام هو دين الدولة في المغرب، فإن الخلافات التي تعكر الهدوء العام في بريطانيا هي أقل وضوحاً· إلا أن ملك المغرب تجاوز التقليديين وأخذ يضفي صورة من الحداثة على وجه الإسلام؛ فهو يؤمن أن بإمكان النساء أن يكنّ موصلات وناقلات لرسالة إسلامية إنسانية في التيار الرئيسي· تقع في جوهر مبادرة الملك محمد السادس عملية تجنيد وتثقيف المرشدات من النساء· وقد وصلت هذه المبادرة عناوين الأخبار للمرة الأولى في إبريل 2006 عندما أعلنت الحكومة المغربية عن تخريج أول خمسين مرشدة· يجري حالياً إعداد الصف الثاني المكون من خمسين مرشدة أخرى لتأدية دورهن في العاصمة الرباط· وستعمل هؤلاء المرشدات في المجتمع المحلي لمساعدة النساء في الاجابة على الاستشكالات الدينية وتوفير الدعم في المدارس والسجون· ومن خلال العمل وجهاً لوجه مع أفراد المجتمع المحلي، تستطيع النساء أن يعكسن صورة وجه التيار الرئيسي في الإسلام وكبح جماح التطرف العنفي الزائد· أظهر الحادي عشر من سبتمبر 2001 أنه في عالم مترابط يزداد عولمة، لا يعرف الإرهاب -مثله مثل التجارة- أية حدود· تقود مبادرات الملك محمد السادس إلى فهم معنى ضمني آخر، وهو أن التفاهم عبر الثقافات أمر حيوي، وأن باستطاعة النساء إرشاد الطريق نحو تحديث رسائل الإسلام· يتوجب على حكومة بريطانيا وزعماء الجالية المسلمة هناك، تبنّي مثل هذا التوجه، ففي بريطانيا تصدمك ندرة النساء اللواتي يتكلمن لصالح الجالية المسلمة ونيابة عنها، إلا أن التعليم يبدأ داخل المنزل والأسرة، ويستمر في المساحات غير الرسمية في المجتمع المدني، كالمجموعات التطوعية والمدارس والمساجد· وحتى يتسنى التعامل مع التهديد الإرهابي، يتوجب إضفاء ''الأنوثة'' على وجه الإسلام في كلا المجالين العام والخاص في بريطانيا· كما يجب دعم المبادرات التي تشجع على التواصل عبر الأديان والتفاهم عبر الثقافات· في غياب ذلك، وكما يشير عاصم صديقي، رئيس منظمة ''دائرة المدينة''، وفي ثقافة ينفصل فيها الدين عن الدولة، سوف لا يثق المسلمون وغيرهم بمبادرات تستهدف قطاعاً معيناً من المجتمع المحلي ولا تتواصل مع الآخرين· هيلين ويلكنسون مؤلفة كتاب انتهى الوقت: تكاليف وفوائد الإجازة المدفوعة للوالدين ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومون جراوند
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©