الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ضرب إيران··· دوافع وهمية إسرائيلية

ضرب إيران··· دوافع وهمية إسرائيلية
11 أغسطس 2008 23:45
يتضاءل احتمال قيام إدارة بوش بضربة لمنشآت إيران النووية يوماً بعد يوم، ولكن إسرائيل لا تبدو هادئة أو مطمئنة· ومن شبه المؤكد أن النقاش في الدولة العبرية سيزداد سخونة مع احتدام التنافس على خلافة رئيس الوزراء إيهود أولمرت الذي تطارده الفضائح· وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز، الذي يتنافس مع وزيرة الخارجية تسيبي ليفني- الأقل تشدداً- على خلافة أولمرت على رأس حزب ''كاديما'' الحاكم، قال مؤخراً لصحيفة ''يديعوت أحرنوت'' واسعة الانتشار إن مهاجمة إيران ''أمر لا بد منه''· أما بنيامين نتنياهو، زعيم المعارضة اليمينية الذي من غير المستبعد أن يهزم ''ليفني'' أو ''موفاز'' في انتخابات عامة، فالأرجح أيضاً أنه يفكر بشكل جدي في شن غارة إسرائيلية استباقية· في هذه الأثناء، يرى محللون عسكريون ومسؤولون وكتاب إسرائيليون مشهورون أن إيران تشكل ''تهديداً وجودياً'' متزايداً· فعلى سبيل المثال، تنبأ ''بيني موريس''، الذي يُعد واحداً من أهم المؤرخين الإسرائيليين وكان يُحسب من الحمائم يوماً ما، في صحيفة ''نيويورك تايمز'' مؤخراً بأنه ''من شبه المؤكد أن إسرائيل ستهاجم المواقع النووية الإيرانية خــلال الأشهر الأربعـــة أو السبعة المقبلة''، وهي الفترة الفاصلة تقريباً بين الانتخابات الرئاسية الأميركية ومغادرة إدارة بوش البيت الأبيض· وأوضح ''موريس'' أن رأيه حول أن وجود إسرائيل بات مهدداً تتقاسمه ''جميع ألوان الطيف السياسي''· فأي شخص يقاوم هذا الكلام في إسرائيل اليوم يعرض نفسه لمغبة أن يوصف بالضعف وسط جوقة من التشرشليين (نسبة إلى تشرشل)· لنترك جانباً إمكانية أن يكون الهدف من التهديد بهجوم إسرائيلي هو منح القوة والتأثير للدبلوماسيين الأميركيين والأوروبيين في الضغط على إيران حتى تتخلى عن جهودها النووية· ولنضع جانباً حقيقة أن لا ضربة إسرائيلية يمكن أن تحدث دون ضوء أخضر أميركي وإذنٍ بالتحليق فوق العراق· ثم لنضع جانباً الشكوك الدائمة في أن النخبة العسكرية الإسرائيلية، التي تنظر إلى الدولة اليهودية كأداة استراتيجية في يد الغرب بالمنطقة، تميل أيضاً إلى النظر إلى الشرق الأوسط عبر منظار ''صراع الحضارات'' بين الإسلام والغرب· ولنطرح السؤال: هل التهديدات الإسرائيلية جادة؟ نأمل ألا تكون كذلك، لأن الأسس التي تستند إليها ضعيفة وواهية· ففيما يلي الحجة التي يسمعها المرء بشكل يومي تقريباً في إسرائيل: الرئيس الإيراني متعصب وعازم على مسح إسرائيل ''من على الخريطة'' (كما قال)، والنظام الإيراني منهمك في تطوير سلاح نووي· وبالتالي، على الغرب -إذا لم يكن الغرب، فإسرائيل وحدها إذن- أن يتعامل مع إيران كما لو كانت المعادل لأحد الانتحاريين· ولذلك عليها أن تنفذ ضربة الآن، من دون تردد وقبل فوات الأوان· ومن شأن قنبلة نووية إيرانية أن تحد من حرية تحرك إسرائيل في حال اضطرت إلى ضرب عشرات الآلاف من الصواريخ التي يمتلكها ''حزب الله'' اليوم· وبالتالي، فلماذا لا تنفذ إسرائيل ضربة استباقية؟ فيما يلي نوضح لماذا عليها ألا تفعل: لأن إيران تضع الغرب أمام لعبة شطرنج واقعية في حين أن دعاة ضربة إسرائيلية استباقية لا يفهمون ذلك· ولأن الخبراء في مجال الاستخبارات يشددون على ضرورة بحث نوايا الخصم وقدراته؛ فدعونا نقم بذلك· الرئيس الإيراني ليس هو النظام الإيراني: ليست لأحمدي نجاد أي سلطة تقريباً على برنامج إيران النووي، لأن تلك السلطة هي في يد المرشد الأعلى الذي يتحكم في الجيش الإيراني ويحدد السياسة الخارجية· وعبر وسطاء مثل نائب الرئيس اسفنديار رحيم مشائي، تبنى المرشد الأعلى نبرة أخف مقارنة مع أحمدي نجاد بخصوص المفاوضات النووية مع الغرب· وقد قال رحيم مشائي مؤخراً نقلاً عن وكالات الأنباء الإيرانية:''إن إيران لا تريد الحرب مع أي بلد، وإيران اليوم صديقة للولايات المتحدة وحتى إسرائيل''· النظام الإيراني ليس انتحارياً: إن فكرة أن إيران ستقدم ذات صباح على إحراق تل أبيب محض جنون؛ والوصف الذي قدمه موريس عن ''عقلية الملالي الأصولية المؤمنة بالتضحية بالذات''، والتي يشاطرها آخرون، وصف كاريكاتوري ليس إلا· فالنظام الإيراني يعي تمام الوعي أن إسرائيل تمتلك ترسانة يُعتقد على نطاق واسع أنها تضم نحو 200 رأس نووية، إضافة إلى الصواريخ والغواصات وقاذفات القنابل الاستراتيجية للرد· فهل يعتقد الإسرائيليون حقا أن الإيرانيين يكرهونهم (نيابة عن الفلسطينيين الذين سيتسممون بالغبار النووي) أكثر مما يحبون أطفالهم -أو المدن التاريخية مثل طهران وقم وأصفهان؟ النظام يرغب في الاستمرار: يجب أن نتذكر أن الملالي تمكنوا من البقاء في السلطة لثلاثة عقود بالرغم من العزلة الدولية، وحرب مدمرة مع العراق استمرت ثماني سنوات، وكره الأغلبية العظمى من مواطني البلاد لهم· وما يحدث في الواقع هو أن الملالي يلجأون في أوقات الإحباط الاقتصادي إلى مناورات مناوئة لإسرائيل والولايات المتحدة بقصد صرف الانتباه عن صعوبة الحياة وشظف العيش في الداخل؛ وعلينا أن ننظر إلى برنامجهم النووي في هذا السياق· البرنامج النووي الإيراني جريء ولكنه ليس مجنوناً أو متهوراً، لنتأمل الموقف من طهران: الولايات المتحدة أطاحت بحكومة إيران في 1953 للحصول على النفط الإيراني، والبلاد محاطة اليوم بالقوات الأميركية -في العراق وأفغانستان والكويت؛ وهو ما يستوجب حذراً من جانب طهران· وعلاوة على ذلك، فلابد أن النظام تعلم درساً مفيداً من عضو آخر في ''محور الشر'': فكوريا الشمالية النووية لم تتعرض أبداً لهجوم؛ وعُرضت عليها مئات الملايين من الدولارات مقابل التخلي عن قنابلها· فربما يكون الملالي قد خلصوا إلى أن الدبلوماسية النووية تحسن السمعة الدولية· لا شيء مما تقدم يعني أن أحمدي نجاد سيتوقف عن إلقاء خطبه النارية؛ كما لا يعني أن القوى الغربية يجب أن تتوقف عن وضع استراتيجية طويلة المدى لاحتواء إيران· ولكن على القوى الغربية ألا تركز اليوم على قدرتها على الردع فحسب، وإنما على الجذب والاستقطاب أيضاً؛ ولذلك، علينا أن ندفع في اتجاه عقد اتفاقات أمن جماعي جديدة تعود بالخير على الجميع في المنطقة· أما التهديدات الإسرائيلية بمهاجمة إيران، فلا تولد سوى الارتياب والتضامن داخل إيران· ومن جهة أخرى، فإن التهديدات الإسرائيلية لإيران، بعد 40 عاماً من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، لا تخلو من أثر مفيد: تغيير الموضوع· بيرنارد أفيشاي مؤلف كتاب الجمهورية العبرية: كيف ستجلب الديمقراطية العلمانية والمشروع العالمي السلام لإسرائيل أخيراً رضا أصلان مؤلف كتاب لا إله إلا الله: أصل وتطور ومستقبل الإسلام ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©