السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ترامب.. ومنطق «تخويف الحلفاء»

24 يوليو 2016 22:15
دائماً ما يُنظر إلى دونالد ترامب على أنه شخص مسبب للمتاعب. وقد فعل هذا مرة أخرى في لقائه الأخير مع صحيفة نيويورك تايمز. فقد أوضح أن من وجهة نظره، فإن التزامات أميركا بالمعاهدات التي ظلت لعقود تعد حجر الزاوية لسياسة الأمن القومي الخاصة بها، ليست ملزمة. وبدلاً من ذلك، فإنها عرضة لأي نوع من الشروط التي قد يختار الرئيس فرضها. وبالنسبة لترامب، فإن هذه الشروط هي الموازنة. إذا كان حليف معين أو مجموعة من الحلفاء، لا يسهمون بحصتهم العادلة من وجهة نظر ترامب، فإنهم لا يستطيعون الاعتماد على أميركا في أن تهب لمساعدتهم حال وقوع أي هجوم من قبل معتدِ. وسيكون ترامب- حال انتخابه رئيساً– هو من سيحدد ما هي الحصة العادلة. كان ترامب يشير على وجه التحديد إلى هجوم روسي على ثلاث دول بلطيقية، كلها أعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو). ومن خلال التأكيد على أن هذه الدول ربما تعتمد على نفسها إذا ما سعت روسيا إلى إعادة احتلالها، كان ترامب يفعل ما هو أكثر من التخلي عن الحلفاء الذين كانت الولايات المتحدة، لخمسة عقود من 1940 - 1990، تعتبرهم «أمماً أسيرة». وكان يعلن رسمياً أنه يدرك أن روسيا أكثر لطفاً مما ينظر إليها الأوروبيون أو القادة السابقون للأحزاب السياسية الرئيسة في الولايات المتحدة. وربما كان هذا لا يشكل مفاجأة. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان واحداً من أوائل الشخصيات الرئيسة التي أيدت ترشح ترامب للرئاسة. والرؤساء الأميركيون لديهم تقليد طويل الأمد من مكافأة أقرب مؤيديهم حال انتخابهم. ونظراً لأن ترامب لا يمكنه منح بوتين منصب السفير (ومرة أخرى، من يدري، ربما يستطيع؟)، فإن المرشح «الجمهوري» ربما أيضاً يمنح الكرملين الحق في غزو دولة أو أكثر من الدول المجاورة. وبدلاً من المحافظة على القواعد خارج البلاد، يؤكد «ترامب» أنه سيكون أكثر فعالية بالنسبة للقوات الأميركية أن تنتشر من الولايات المتحدة. ومثل هذه السياسة من شأنها أن تحل مشكلة القواعد غير المستغلة، وأن تتجنب الحاجة إلى جولة جديدة من إغلاق القواعد. وهذا بلا شك سيسعد عدداً غير قليل من أعضاء الكونجرس. ومن ناحية أخرى، فإن إعادة نشر القوات العائدة إلى الولايات المتحدة ربما لا يؤدي إلى توفير النفقات عندما يهدد أي معتدٍ مصالح أميركا في الخارج. وتكلفة تمركز قوات أميركية في الخارج لا تتحملها الولايات المتحدة بمفردها. فالدول المضيفة مثل اليابان وكوريا الجنوبية، تسهم بقدر كبير في تغطية هذه النفقات. وعلاوة على ذلك، فإن الانتشار الجريء لديه تأثير رادع كبير على الخصوم المحتملين. وفي عدم وجود رد أميركي سريع على العدوان، فإن مثل هذا الردع لن يكون ذا مصداقية كما كان حتى الآن. وبدلاً من ذلك، فإن أي معتدٍ ربما يميل على نحو خطير إلى الهجوم على حليف سابق للولايات المتحدة، يكون أمنه مهماً بالنسبة للمصالح الاقتصادية التي يقدرها ترامب للغاية، وبهذا سيتعين عليه نشر قوات من أجل الدفاع. عادة ما تكلف الحروب أكثر من الردع، ومن خلال استدعاء حرب تجذب اهتمام القوات الأميركية، فإن ترامب ستنتهي به الحال في الواقع بزيادة ميزانيات الدفاع إلى حد كبير جداً أكثر مما سيكون مستعداً للاعتراف به أو الأسوأ من ذلك، فهمه تماماً. ويفشل ترامب أيضاً في إدراك أن النشر الجريء للقوات كان لوقت طويل يمثل صفقة ضمنية بين أميركا وحلفائها. ومن خلال تمركز القوات على أراضي الحلفاء، تضمن واشنطن أن المعارك التي تخوضها ستحدث على أرض أجنبية. وقد كان هذا هو الوضع منذ القرن التاسع عشر. فالحلفاء والأصدقاء يقبلون مخاطر الحرب على أرضهم لأن وجود القوات الأميركية يجعل الحرب أقل احتمالاً بكثير. وترامب سيغير كل هذا. سواء تم انتخابه رئيساً أم لا، فقد نجح ترامب بالفعل في تغيير وتقويض طبيعة علاقات التحالف لدى أميركا. لقد زرع في عقول دول الناتو وغيرها من الحلفاء الأميركيين، بذرة الشك في الاعتماد على واشنطن، والتي لن تختفي بغض النظر عمن سيجلس في البيت الأبيض. وتصريحاته المتكررة والصريحة بشأن الفائدة المتضائلة للتحالفات، فتحت صندوق «باندورا» الذي لن يغلق بسهولة. (صندوق باندورا في الميثولوجيا الإغريقية هو صندوق حُمل بوساطة باندورا يتضمن كل شرور البشرية من جشع، وغرور، وافتراء، وكذب وحسد، ووهن، ووقاحة ورجاء). لقد أجبر ترامب الحلفاء الأوروبيين الآسيويين على إعادة التفكير في خياراتهم. وقد قامت العديد من دول أوروبا الوسطى بالفعل بتطوير علاقات مع بوتين، الأمر الذي يجعل أميركا تشعر بالراحة، وستسلك دول أخرى الطريق نفسها. وبالمثل، فإن الدول العربية الشرق أوسطية، وربما حتى إسرائيل، ربما تبني علاقات وثيقة بشكل متزايد مع روسيا. والدول الآسيوية الأصغر قد تقرر أنه من الأفضل بالنسبة لها أن تنظر إلى بكين بدلاً من الاعتماد على أميركا المتناقضة بالنسبة للنواحي الأمنية. «ترامب» يروج لسياسة قد يكون لها نتائج كارثية بالنسبة للأمن الذي يزعم أنه يعززه. *وكيل وزارة الدفاع الأميركية السابق ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©