السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«لا حول ولا قوة إلا بالله» كنز من كنوز الجنة

17 ابريل 2014 21:21
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام، وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: أخرج الإمام البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: «لَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْبَرَ أَوْ قَالَ: لَمَّا تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشْرَفَ النَّاسُ عَلَى وَادٍ فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بالتَّكْبِيرِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، إِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِباً، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وَهُوَ مَعَكُمْ، وَأَنَا خَلْفَ دَابَّةِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَسَمِعَنِي وَأَنَا أَقُولُ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللَّهِ، فَقَالَ لِي: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَلا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَدَاكَ أَبي وَأُمِّي، قَالَ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللَّهِ»، (أخرجه الشيخان). هذا الحديث حديث صحيح أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، في كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، كما وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر. استسلام وتفويض قال الإمام النووي- رحمه الله- في شرحه للحديث السابق: «قوله - صلى الله عليه وسلم: «لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة»، قال العلماء: سبب ذلك أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله تعالى، واعتراف بالإذعان له، وأنه لا صانع غيره، ولا رادّ لأمره، وأن العبد لا يملك شيئاً من الأمر، ومعنى الكنز هنا: أنه ثواب مدّخر في الجنة، وهو ثواب نفيس، كما أن الكنز أنفس أموالكم، قال أهل اللغة: «الحول» الحركة والحيلة، أي: لا حركة ولا استطاعة ولا حيلة إلاّ بمشيئة الله تعالى، وقيل: معناه لا حول في دفع شرٍّ، ولا قوّة في تحصيل خير إلاّ بالله، وقيل: لا حول عن معصية الله إلا بعصمته، ولا قوّة على طاعته إلاّ بمعونته، وحكي هذا عن ابن مسعود- رضي الله عنه-، وكلّه متقارب، قال أهل اللغة: ويعبّر عن هذه الكلمة بالحوقلة والحولقة، وبالأوّل جزم الأزهريّ والجمهور، وبالثاني جزم الجوهريّ»، (صحيح مسلم بشرح النووي 9/28). آمرك وإيّاها أن تَسْتَكثِرا من قول لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللَّهِ ذكر الإمام القرطبي في تفسيره لقول الله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)، «سورة الطلاق: الآيتان 2- 3». «وقال أكثر المفسرين فيما ذكر الثَّعلبي: إنها نزلت في عَوْف بن مالك الأَشْجَعِيّ. روى الكَلْبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: جاء عَوْف بن مالك الأشجعيّ إلى النبيّ- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إن ابني أسره العدوّ وجَزِعَت الأمّ. وعن جابر بن عبدالله: نزلت في عَوْف بن مالك الأشجعي أسر المشركون ابناً له يُسَمَّى سالماَ، فأتىَ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وشكا إليه الفاقة وقال: إن العدوّ أسر ابني وجَزِعت الأمّ، فما تأمرني؟ فقال عليه السلام: «اتَّقِ الله واصبر، وآمرك وإيّاها أن تستكثِرا من قول لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللَّهِ». فعاد إلى بيته وقال لامرأته: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أمرني وإيّاكِ أن نستكثر من قول لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللَّهِ. فقالت: نِعْمَ ما أمرنا به. فجعلا يقولان، فَغفَل العَدُوّ عن ابنه، فساق غنمهم وجاء بها إلى أبيه؛ وهي أربعة آلاف شاة. فنزلت الآية، وجعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم- تلك الأغنام له. في رواية: أنه جاء وقد أصاب إبلاً من العدوّ وكان فقيراً. قال الكلبي: أصاب خمسين بعيراً. وفي رواية: فأفلتَ ابنه من الأسْر وركبَ ناقة للقوم، ومرّ في طريقه بسَرْح لهم فاستاقه. وقال مقاتل: أصاب غَنماً ومتاعاً فسأل النبي- صلى الله عليه وسلم-: أيحلّ لي أن آكل مما أتى به ابني؟ قال: «نعم». ونزلت: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)، «الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 18/160-161». - أخرج الإمام الترمذي في سننه في كتاب الدعوات، باب فضل لا حول ولا قوة إلا بالله:* عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللَّهِ، فَإِنَّهَا مِنْ كَنْوزِ الْجَنَّةِ»، (أخرجه الترمذي). الأخ القارئ الكريم: إنَّ المسلم يعمل جاهداً من أجل أن يعيش حياة كريمة في الدنيا، ومن المعلوم أن أعمار الأمة كما بين- عليه الصلاة والسلام- بين الستين والسبعين والقليل من يتجاوز، ومن نعم الله على ابن آدم البيت الواسع، لذلك فإنَّ المسلم يحرص على أن يكون له بيت واسع جميل يشعر فيه بالراحة والاطمئنان والسعادة، ومع ذلك فهذا البيت مُعَرّضٌ في هذه الحياة، للتلف، وللحرق، وللتشقق والتصدع، فكم من بيوت هُدِمت وسقطت لأسباب متعددة، وفي النهاية، فإن أصحاب البيوت راحلون إلى الآخرة، وسيتركون بيوتهم وأهليهم، وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بأن الجنة في الآخرة هي مأوى المؤمنين به والمسلمين له، وأنها مراتب ودرجات، تتناسب مع مستوى الإيمان والمعرفة، والخشية والعمل الصالح. إنَّ الجنَّة أُمنية كل مسلم، ولكي يحقق الإنسان أمنيته يجب عليه أن يسير على الطريق الموصلة إلى الجنة، حتى يصل إليها بسلام إن شاء الله، فالجنة فيها مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وثمن الجنة غال ونفيس، كما جاء في الحديث الشريف: «أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ»، (أخرجه الترمذي)، ومما لا شكَّ فيه أن كل إنسان في هذه الحياة الدنيا يتمنى السعادة ويرجو تحقيقها. بقلم الشيخ الدكتور/ يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©