الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

رحلة على ورق

20 أكتوبر 2009 23:49
رحلة طويلة جداً..امتدت على مدار 40 سنة، بدأتها عندما كنت صغيراً، كانت بدايتها حدثاً كبيراً في حياتي وحياة كل إماراتي..كانت رحلة على ورق. كانت رحلة مع جريدة الاتحاد التي كان اسمها وقت صدورها يعني الكثير والكثير، اتحاد للإمارات وبداية عهد جديد وزمن جديد تحت قيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي سطر منذ 40 سنة ملامح عهد ووطن. على مدار أربعين عاماً أطالع الجريدة يومياً تقريباً، كان صدورها حدثاً كبيراً..نقرأ فيها أخبارنا ونشاهد صورنا، ونناقش قضايانا، كان وجود جريدة إماراتية خالصة بداية لرحلة طويلة في عالم الإعلام، الذي أخذ اسم الإعلام الإماراتي، واستطاع أن يعبر حدود الوطن. عندما أعود بالذاكرة إلى الوراء أتذكر مانشيتات بعينها، أتذكر موضوعات بعينها، ومقالات وصوراً وحكايات، كلها شكلت ذاكرة الوطن، وشكلت ذاكرتنا الشخصية والاجتماعية، شكلت حبنا للوطن، وشكلت ضمائرنا، ورسخت في قلوبنا وعقولنا القيم والمبادئ التي قامت عليها الدولة، وشربناها كأفراد، نشكل هذا الوطن، لتستقر في عقولنا كقيم وأخلاقيات تميز هذه البقعة على البسيطة. عندما أعود بالزمن إلى الوراء وأتذكر عندما كنت طفلاً صغيراً يقرأ جريدة الاتحاد، تقليداً للكبار حيناً، ورغبة في التعرف والتعلم حيناً آخر، أجد أنني أحقق الآن في تلك اللحظة حلماً وأنا أكتب مقالاً في جريدة الاتحاد، وأن أصبح أحد كتابها، كنا ننظر يومها لمن يكتب في الجريدة بأنه معلم..أستاذ مثل أستاذ المدرسة يكتب ولا يتكلم..! وكنا نقرأ ونتعلم، كان ورق الجريدة المتواضع وأحبارها السوداء وتلك الرائحة المنبعثة منها جزءاً من حياتنا اليومية. كان تعلقنا بها أكبر وأكثر بكثير من تعلق الأجيال الجديدة بالصحف، لم تكن أجهزة التلفاز منتشرة، ولم تكن الإذاعات بهذا الكم الحالي. كانت رحلة طويلة يمكن أن نتفهم من خلالها دور الإعلام في تشكيل الوجدان، وتشكيل السمات العامة للشعوب، وتشكيل المواقف وتكوين الأخلاقيات العامة، كانت رحلة طويلة على ورق، أتذكر أيامها رغم كثرتها، وأتذكر تفاصيلها على دقتها، رحلة وطن ورحلة بشر ورحلة عقول ورحلة قلوب، رحلة امتدت أربعين عاماً ربما مرت سريعاً جداً، مثل كل الأيام الجميلة التي تمر، رحلة تركت في العقل والقلب ذكريات طويلة لا تنتهي.. الجميل أن الرحلة لا تزال قائمة وستظل لسنوات طويلة قادمة ربما لا نرى منها أكثر مما رأينا، ولا نعيش معها أكثر مما عشنا..ولكن على الأقل كنا جميعاً جزءاً من الرحلة، قراء وكتابا وباعة صحف، رحلة تتجدد كل يوم..وسنتركها للأبناء والأحفاد ليكملوا أيامها وأحداثها وذكرياتها بفخر. رحلة سعيدة نتمنى لها جميعاً أن تستمر دائماً.. وحياكم الله.. رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©