لم تكن الرحلة التجارية الأولى لطائرة طيران الإمارات ''إيرباص إيه ''380 إلى نيويورك في الأول من أغسطس الحالي، مجرد رحلة طيران عادية تنقل الركاب من مطار إلى آخر، بل كانت رحلة اكتشاف سياحية للأجواء امتدت لأربع عشرة ساعة على متن فندق طائر كما وصفها قائد الرحلة الطيار المواطن، عباس شعبان·
وتسلمت ''طيران الامارات'' خلال يونيو الماضي في ألمانيا أولى طائراتها من طراز ''إيرباص إيه ''380 العملاقة، ضمن الطلبية التي تشمل 58 طائرة التي يمتد تسليمها على مراحل تنتهي اواخر يونيو ·2013
ورغم ان قيادة الطائرة العملاقة ''إيه ''380 لم تختلف فنيا كثيرا عن قيادة اى طائرة أخرى سوى في الحجم وعدد الركاب وكمية الوقود، بحسب قائد الطائرة، إلا ان الأجواء التي تحدث داخلها بالطبع مغايرة تماما للسفر على متن الطرازات الاخرى، حيث تحفل الطائرة بالمغريات التي يشعر معها المسافر لأول مرة على متن هذه الطائرة بأن السفر يمكن أن يكون رحلة ممتعة، وليس مهمة شاقة كما جرت العادة·
ووصف الكابتن عباس انطباع ركاب الرحلة الأولى، والذي لمسه خلال حديثه معهم في بعض الفترات، بأنه كان انطباع السائح المغامر الذي يسافر بهدف استكشاف الجديد في عالم السفر· لهذا حرص عدد واسع من المسافرين على السفر على متن الرحلة الأولي ليس لزيارة نيويورك لمهمة عمل أو سياحة، وإنما كانت قبلتهم السياحية هي الطائرة ''إيه ''380 بحسب قائد الرحلة الكابتن شعبان، الذي أشار إلى وجود مجموعة كبيرة من الركاب قدموا خصيصا من بيرث في استراليا إلى دبي لمجرد السفر إلى نيويورك على طائرة ''إيه ''380 والعودة دون الخروج من مطار جيه اف كيه في نيويورك·
ويعتبر الكابتن عباس قائد الطائرة العملاقة استثمار طيران الإمارات أكثر من 187 مليار درهم لتعزيز أسطولها بنحو 58 طائرة من هذا الطراز إنما يعكس اتجاهات الشركة للاستفادة من المميزات الكثيرة التي تتمتع بها وفي مقدمتها التوفير الكبير في استهلاك الوقود بنسبة تصل إلى 20%، إلى جانب تعظيم عائدات الشركة من الرحلة التجارية الواحدة نتيجة زيادة عدد الركاب إلى ما يصل إلى 500 راكب، بالإضافة حل أزمة البحث عن بوابات للوقوف في المطارات المزدحمة مثل مطار هيثرو·
واعتبر مسافرون على متن أول رحلة تجارية لطائرة الإمارات ''إيه ''380 إلى نيويورك، أن السفر على متن هذه الطائرة يعد متعة بحد ذاتها، مثل قضاء عطلة على شاطئ البحر، أو إقامة في أفخم الفنادق من فئة الخمسة نجوم·
وقالت هيموان ماكيورا المذيعة في احدى القنوات التليفزيونية الأجنبية التي سافرت على الرحلة الأولى: إنها لم تتوقع أن تتغير مفاهيم السفر التقليدية بهذه السرعة، وان يصبح الطيران رحلة استكشافية في حد ذاتها، مشيرة إلى انها اجرت عددا من اللقاءات مع الركاب، اكد فيها جمعيهم انهم لا يشعرون بانهم على متن طائرة، بل انهم في فندق خمسة نجوم، حيث يمكن الجلوس في اللوبي للتعارف وعقد الاجتماعات، والتمتع بحمام ساخن في اجواء باردة·
وتضيف ماكيوري ان أول ما يشعر به المسافر على متنها هو وفرة المساحة، وغياب الضجيج الذي تسببه بعض محركات الطائرات، كما وصارت المساحات شاسعة، والممرات فسيحة، واتسعت المقاعد، وباتت عميقة ووثيرة، وحتى الدرجة السياحية لم تعد هي المعروفة على متن الطائرات سابقاً، وخصوصاً لجهة التحسينات التي أدخلت على المقاعد· وقالت: ان غالبية المسافرين قاموا بجولات داخل الطائرة طوال الرحلة للتعرف على كل زاوية من الطائرة التي تحتاج فعلا لزيارة خاصة، لافتاً إلى ان احد المسافرين الذين التقتهم ويعمل موظفا لدى الامم المتحدة، أكد لها بعد حصوله على حمام منعش في الطائرة، بانه لا يشعر أبدا انه مسافر بل يشعر وكأنه في بيته يتنقل من مكان لآخر بسهولة، فيما يجلس هناك مجموعة أخرى من المسافرين يعقدون صفقات تجارية بعد تعارفهم في الأجواء·
ويؤكد الكابتن شعبان ان من المواصفات الخاصة التي تجمعها طائرة ''إيه ،''380 انها بالإضافة إلى توفير الراحة للمسافر، تتمتع بأفضل التقنيات مثل الاقتصاد في استهلاك الوقود (أقل بنسبة 20 % لكل مسافر في كل كيلومتر)، والضجيج المنخفض داخل الطائرة خلال الطيران وفي لحظات الهبوط، وتعتبر أكثر الطائرات في تاريخ الطيران التزاماً بمعايير المحافظة على البيئة، ويساوي استهلاكها من الوقود عن كل راكب استهلاك سيارة عائلية صغيرة·
ومع إقلاع الرحلة الأولى لطائرة طيران الإمارات ايه 380 إلى مطار جيه اف كيه في نيويورك، بدأت الناقلة الإماراتية جنى ثمار الرهان على المولود الجديد في صناعة الطيران حيث ستتمكن من جني أرباح كثيرة في مقدمتها تعظيم العائد من الرحلات باستخدام طائرة تستوعب عددا اكبر من الركاب يتراوح بين 489 إلى 604 ركاب حسب تصميم كل طائرة، إلى جانب تقليل استهلاك الوقود وتوفير زمن الرحلة مقارنة بالطائرات الاخرى، حيث تستغرق الرحلة إلى نيويورك ما يتراوح بين 12,5 إلى 13 ساعة مقارنة مع 14 ساعة تحتاجها طائرة البوينج ·777
ومن المتوقع ان تحقق طيران الإمارات إيرادات تزيد عن 5,4 مليون درهم من حصيلة بيع جميع مقاعد الرحلة الواحدة إلى نيويورك والبالغة 489 مقعدا، تضم 14 مقعدا في الدرجة الأولى و76 مقعدا بدرجة رجال الأعمال و399 مقعدا بالدرجة السياحية·
وتتسلم طيران الإمارات خلال السنة المالية الجارية للشركة، التي تنتهي في 31 مارس ،2009 خمس طائرات ايه ،380 في حين ستتسلم الطائرات الـ53 طائرة المتبقية تدريجيا و حتى أواخر ·2013 ويدشن انطلاق الرحلة التجارية الأولى لطيران الإمارات باستخدام طائرة إيه 380 إلى نيويورك بداية مرحلة جديدة في صناعة النقل الجوي، حيث ستشرع الناقلة الإماراتية في تنفيذ استراتيجية الطيران من محور إلى آخر دون توقف، وهى الاستراتيجية التي لم يسبقها إليها أى من الناقلات العالمية·
ومن المتوقع ان تعمد طيران الإمارات إلى التحول باستخدام العملاق الجديد من أسلوب السفر بالطيران المباشر أو بالتوقف من مدينة إلى أخرى في عدد ساعات يتراوح ما بين ساعة إلى 10 ساعات، إلى النهج الجديد الذي تطمح إليه والذي يعتمد على تقسيم حركة السفر في العالم إلى أربعة مراكز رئيسية للطيران هي نيويورك ولندن وسيدني ودبي التي ستكون بمثابة المحور الارتكازي لهذه المفهوم·
ومنذ ان قررت طيران الإمارات شراء طائرة ايه 380 في العام 2001 ورغم التأخر المتكرر في موعد التسليم، إلا أنها ظلت تراهن على الطائرة الجديدة في تنفيذ تلك الاستراتيجية، لما تتميز به من ميزات وخاصة فيما يخص عدد الركاب الذي قد يصل إلى أكثر من 600 راكب، بالإضافة إلى مميزات تقليل استهلاك الوقود وإمكانية الطيران لأكثر من 16 ساعة بدون توقف· وعلى عكس ما فعلته شركة الطيران السنغافورية التي كانت أول ناقلة في العالم تتسلم ''إيه ''380 في يناير الماضي، بإطلاق أولى رحلات ''إيه ''380 من سنغافورة إلى مدينة سيدني الاسترالية القريبة، عمدت طيران الإمارات إلى التحليق بهذا العملاق إلى ابعد محور من محاور الطيران الجديدة التي رسمتها، بطيرانها مدينة نيويورك، لتشكل بذلك خارطة جديدة لصناعة الطيران·
عدد اليوم
