الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إندونيسيا … عودة التفاؤل

6 ابريل 2013 12:02
دان ميرفي محلل سياسي أميركي قبل بضعة، أيام قمتُ بتغيير الطائرة المتوجهة إلى إندونيسيا في مطار سيؤول، وخلال توقفي هناك أخذتُ النسخة الإقليمية من صحيفة “هيرالد تريبيون” من أجل تصفحها خلال الشق الأخير من رحلتي، وقرأت صفحات الاقتصاد باهتمام بالغ، ولكن ما قرأته كان مألوفاً. فأسواق المال في المنطقة مزدهرة، والمستثمرون متحمسون، والمستقبل يبدو مشرقاً من جديد، كما توحي بذلك سلسلة المقالات التي قرأتها. المقال الأول الذي لفت انتباهي كان مقالاً في الصفحة الأولى حول تلقي الفلبين أول تصنيف ائتماني من الدرجة الاستثمارية في تاريخها من وكالة فيتش. وقد بدأ المقال كالتالي: “كانت الفلبين في الماضي رجل آسيا المريض، حيث كانت تعاني من سوء الإدارة وتفشي الفساد. ولكن الجهود التي بذلتها حكومة الرئيس بنينيو أكينو على مدى سنوات أتت أكلها عندما تلقى هذا البلد، لأول مرة في تاريخه، تصنيفاً ائتمانياً من الدرجة الاستثمارية من واحدة من أكبر وكالات التصنيف الائتماني في العالم”. كان ذلك خبراً ساراً بالفعل. ولكن النبرة التفاؤلية للمقال هي التي أعادت إلي ذكريات عديدة. فقد بدا شبيهاً جداً بالمقالات التي كان بوسع المرء قراءتها في تلك الصحيفة وصحف أخرى إقليمية حول اقتصاديات جنوب شرق آسيا الصاعدة في منتصف التسعينيات. فقد كانت القروض سهلة، وكانت أبراج الزجاج والفولاذ ترتفع في سماء مانيلا وجاكرتا وبانكوك بين ليلة وضحاها على ما يبدو، وكانت وفرة الموارد الطبيعية ورخص اليد العاملة يحوِّلان حياة وتوقعات عشرات الملايين من الناس عبر المنطقة. ثم جاء الانهيار الكبير، ذلك أن الكثير من القروض الساعية وراء الكثير من الأرباح غمرت المنطقة؛ ومراقبة الفساد في أسواق العقار المزدهرة في الفلبين وتايلاند وإندونيسيا كانت متراخية، في أفضل الأحوال. وتبين لاحقا أن مشروعاً تجارياً وراء آخر كان يُبنى على الرمال. وكانت ثمة عمليات إنقاذ مالي من صندوق النقد الدولي، وانهيارات للعملة، وخسائر بمليارات الدولارات لشركات دولية. والأهم من ذلك هي الخسائر التي سجلت على صعيد الوظائف وتراجع مستوى المعيشة الذي طال ملايين الأشخاص العاملين عبر المنطقة. ولكن معظم مظاهر التقدم التي جاءت مع الطفرة الكبيرة التي تحققت بين بداية ومنتصف التسعينيات ضاعت، وتبين أن بلدان المنطقة، وخاصة إندونيسيا والفلبين، لم يغتنما فرصة الأوقات الجيدة للقيام بالاستثمارات اللازمة في مجالي البنية التحتية والتعليم من أجل وضع آفاق نموهما الاقتصادي الوطني على طريق تحقيق مكاسب مستمرة. لقد قضيتُ أياماً قليلة في إندونيسيا في القطب السياحي لجنوب بالي؛ حيث التقيت أصدقاء قدامى وعلمت أن عدداً من المصرفيين المستثمرين الذين عرفتهم في التسعينيات، والذين فقدوا وظائفهم في الانهيار الكبير وهاجروا إلى مناطق أخرى من العالم، عادوا مؤخراً. وعلى طول الشريط السياحي الصاخب في بالي، وجدتُ نفسي مراراً وتكراراً تائها في منطقة كنت أعرفها جيداً قبل عقد من الزمن، وذلك نتيجة توسع مستمر للفنادق الفخمة والمتاجر الراقية، وتوسيع المطار؛ وبالمقابل، مازالت أنظمة الصرف الصحي غير كافية على نحو واضح بالنسبة للسكان المحليين ومازال الانتباه منعدماً إلى أخطار النمو غير المقنن وغير الخاضع للضوابط. في إندونيسيا مازال الفساد مرتفعاً، ومازال التخطيط طويل المدى للبنى التحتية ضعيفاً، ولكن من السهل ملاحظة طفرة عقارية - يغذيها تدفق رؤوس الأموال على البلاد بفضل طلب الصين المستمر على السلع كالفحم والورق – على المشهد من أقصى إندونيسيا إلى أقصاها. وفي الوقت الراهن، الأمور على خير ما يرام. غير أنني أتساءل ما إن كانت إندونيسيا قد أخذت تهمل، من جديد، الفرصة العابرة التي تخلقها طفرة اقتصادية كبيرة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©